تضاعف سعر زيت الطهي، والذي يعد عنصرا غذائيا أساسيا في اليمن، بنحو سبعة أضعاف خلال الفترة الممتدة من 2014 إلى 2022، استنادا إلى بيانات رسمية.
وقفز سعر لتر الزيت خلال 7 سنوات من 366 إلى 2950 ريالا يمنيا في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية بنسبة تزيد على 704%، بينما ارتفع بواقع أربعة أضعاف في مناطق نفوذ الحوثيين، من 366 إلى 1400 ريال للتر بنسبة زيادة تقدر بنحو 375%.
وتسبب الصراع المتصاعد في اليمن الذي تركز منذ مطلع العام 2020، في الجانب الاقتصادي، بانقسام المؤسسات المالية والنقدية وتجزئة العملة المحلية، عدا عن فوارق في سعر صرف العملات الأجنبية التي تتداول بسعرين مختلفين في كل من صنعاء وعدن، إذ تصل نسبة الفارق إلى حوالي 100%، ويبلغ نحو 1200 ريال للدولار السعر المتداول في عدن العاصمة المؤقتة للحكومة اليمنية، فيما يبلغ سعر الصرف في العاصمة اليمنية صنعاء الخاضعة لسيطرة الحوثيين نحو 565 ريال.
وانعكس هذا الانقسام وفوارق سعر الصرف على أسعار السلع والمواد الغذائية والاستهلاكية والخدمات العامة، حيث يختلف السعر من منطقة لأخرى بحسب السلطة الخاضعة لها.
وتقدر بيانات الجهاز المركزي للإحصاء في اليمن الخاص بنتائج مسح ميزانية الأسرة والصادرة قبل الحرب أهمية هذه السلعة التي تشكل ركيزة أساسية في طعام المواطنين وإحدى السلع التي كانت تتكون منها السلة الغذائية الإغاثية التي توزعها المنظمات الأممية.
الباحث في اقتصاد السوق أحمد السلامي، يؤكد لـ"العربي الجديد"، أن الزيوت النباتية والحيوانية تمثل أولوية في مطابخ الأسر اليمنية التي تمر بصدمات متتالية زادت شدتها في أخر أربع سنوات بصورة تدريجية ومتسارعة منذ مطلع العام الحالي، وذلك بسبب ارتفاع الأسعار وتآكل الدخول وضعف الطلب وبالتالي انخفاض استهلاك مثل هذه السلع التي أصبحت مكلفة للغاية مع تغير أولويات الإنفاق متأثرة بالتضخم والأزمات المعيشية.
وتقدر بيانات حديثة ارتفاع قيمة واردات اليمن من الزيوت والدهون النباتية والحيوانية إلى نحو 305 مليارات ريال سنوياً، يستحوذ زيت النخيل الذي يعد من أكثر زيوت الطعام استعمالاً في المطابخ وإعداد المأكولات والسعر المناسب مقارنة بالأصناف الأخرى، على النسبة الكبرى بحوالي 40%، كما يستورد اليمن أصنافا أخرى من زيوت الطهي مثل "عباد الشمس" وزيت الزيتون، وجوز الهند وزيت فول الصويا، إضافة إلى الأصناف المنتجة محلياً.
وذلك مع تضخم حجم السوق الاستهلاكية نتيجة توسع بعض الأنشطة التي تعتمد عملية إنتاجها على الزيوت، وتعتبر ماليزيا الدولة الأولى في تصدير الزيوت إلى اليمن، إلى جانب دول أخرى مثل تركيا وإندونيسيا وسنغافورة ومؤخراً سلطنة عمان.
وتكشف هذه الأرقام بحسب الباحث الاقتصادي منير القواس، في حديثه لـ"العربي الجديد"، تأثير أزمة التكاليف المرتفعة للزيوت على الأسر اليمنية، إضافة إلى مستوى الفجوة الغذائية المثيرة للقلق في اليمن، ما يوحي بانكشاف الواردات الغذائية أمام الطلب المحلي المتزايد بصورة لافته مقابل عجز حكومي واضح في التعامل مع هذه الفجوة المتوسعة وحجم الطلب المرتفع للغذاء.
تقدر بيانات الجهاز المركزي للإحصاء في اليمن الخاص بنتائج مسح ميزانية الأسرة والصادرة قبل الحرب أهمية هذه السلعة التي تشكل ركيزة أساسية في طعام المواطنين
ويعزو تجار ومتعاملون في الأسواق المحلية زيادة أسعار زيوت الطهي في اليمن إلى الارتفاع العالمي في أسعار أغلب أصناف الزيوت النباتية والحيوانية، إضافة إلى ارتفاع تكلفة النفط الخام.
وتشير بيانات تجارية ومتعاملون في الأسواق اليمنية إلى تأثير الحرب الروسية في أوكرانيا والتي طاولت تبعاتها صادرات زيت عباد الشمس الذي تفضله نسبة كبيرة من اليمنيين، فكلتاهما تشكلان ثلثي صادراته، حيث تمثل أوكرانيا وحدها ما يقرب من نصف الصادرات العالمية 42% بينما تمثل روسيا 21%.
وبالتالي فإن تبعات هذه الحرب سيكون لها تداعيات كبيرة على دول مثل اليمن الذي يعاني من أزمات غذائية حادة أثرت على النسبة الغالبة من سكان البلاد.
وتمثل المواد الغذائية ما لا يقل عن ثلثي إجمالي نفقات الأسر اليمنية، مما يتسبب في زيادة كبيرة في تفاقم انعدام الأمن الغذائي، واضطرار العديد من الأسر إلى رهن ممتلكاتها الثمينة لكي تتمكن من شراء الطعام.
ويفرض التضخم ضغوطاً كبيرة على الدخل المتاح للأسر اليمنية التي تصل نفقاتها على الغذاء إلى ما يناهز 90% من مجموع نفقات المعيشة في الوقت الذي يعتمد فيه اليمن على الاستيراد لتلبية احتياجاته من زيوت الطهي بما يناهز 95%، وفق بيانات رسمية.
الجدير بالذكر أن مؤشر منظمة الأغذية والزراعة سجل انخفاضا في أسعار خمس سلع غذائية من بينها الزيوت في الأسواق العالمية بنحو 8.6% في يوليو/ تموز الماضي مقارنة بمستواها في يونيو/ حزيران.