انتعاش تجارة السيارات الفارهة في مصر... سباق بين الأثرياء الجدد

23 أكتوبر 2024
النجوم يتسابقون للحصول على أفخم السيارات (بيتر ماكديارميد/Getty)
+ الخط -

شهد المجتمع المصري، خلال السنوات الأخيرة، تقلبات عنيفة عدة، تسببت بارتباك كبير في مستويات المعيشة، إذ ترتب على تعويم الجنيه أربع مرات متتالية، وارتفاع نسب الفقر وزيادة التضخم الذي سجل 34.6% في بداية عام 2024، تغيراً كبيراً بسلوك المصريين في الادخار أو تجنب الآثار السلبية العنيفة، فإلى جانب طرح الجهاز المصرفي للشهادات عالية الفائدة، وشراء الذهب ملاذاً آمناً، والتجارة في السوق الموازية للدولار فيما عرف بـ"الدولرة" وشراء العقار، كان الإقبال على شراء السيارات أحد تلك الخيارات، خاصة مع الطفرات في أسعارها، وأصبحت ملاذات آمنة جديدة، على عكس الهدف الأساسي المعمول به في كل دول العالم.

وإلى جانب تلك التجارة الجديدة، والتقلبات في المجتمع، وشبه اختفاء كلي للطبقة المتوسطة، ظهرت طبقة جديدة من الأثرياء سيطروا على سوق البيزنس في مصر، وتباروا في إظهار امتلاكهم لثروات طائلة، وكانت مواقع التواصل ملعباً رئيسياً للاستعراض والتبارز فيما بينهم، وبين شراء المطاعم وامتلاك المنازل الفاخرة وارتياد أفخم منتجعات الساحل الشمالي، إلى جانب حفلات الزفاف الأسطورية.

ولم تنج السيارات من تلك المباريات بين الأثرياء الجدد، والتي دشنها الممثل محمد رمضان منذ سنوات عبر حساباته الشخصية على مواقع التواصل، وتسبب بجدل كبير حينما استعرض سياراته الفاخرة، وانضم له رجال الأعمال الجدد، وحديثو السن من أبناء الطبقة الجديدة، مثل مالك مطعم "قصر الكبابجي"، ونجل رجل الأعمال السيناوي المثير للجدل عصام العرجاني، وفنان شاب يدعى عماد زيادة قام بعدة أدوار صغيرة في هوليود مؤخراً.

زيادة مبيعات السيارات الفارهة

وانعكس ذلك في أحدث التقارير الرسمية، إذ كشف التأمين الإجباري على السيارات المسجلة حديثاً، أن السيارات الفارهة استحوذت على نسبة 15% من مبيعات السيارات في مصر منذ بداية العام الجاري وحتى يوليو/تموز الماضي، إذ بلغ إجمالي السيارات المرخصة حديثاً في نفس الفترة 74 ألف سيارة، سجلت السيارات الفارهة منها 11 ألف سيارة.

وزاد من الجدل حول المتنافسين في امتلاك السيارات الفارهة مدونون وصناع محتوى مختصون في صناعة وتسويق وتجارة السيارات، تنافسوا فيما بينهم بالارتباط والقرب من المُلّاك، واستعراض أحدث وأغلى سيارات اشتروها حديثاً، في استعراض واضح للقوة. تلك الظاهرة التي تكشف مدى الاضطراب الشديد والتقلبات التي يشهدها المجتمع والسوق المصريّين، نتيجة السياسات الخاطئة في التعويم وبيع الأصول الحكومية ودخول الدولة وسيطاً وتاجراً في الوقت ذاته، حاول خبراء ومختصون تفسيرها من منظور اقتصادي وتسويقي محترف.

وفي هذا السياق، أكدت الخبيرة في سوق السيارات، والمتحدثة باسم نادي السيارات المصري، إيمان رضوان، أن نظرية الملاذ الآمن أحد أسباب انتعاش الظاهرة. ورأت أن بعض رجال الأعمال يلجأون لشراء السيارات الفارهة على اعتبارها أصلاً يحتفظ بقيمته السوقية، ويمكن بيعه في أي وقت واستعادة رأس ماله، إلى جانب أنه استثمار ذو طابع استعراضي، يعزز فكرة تسويق صورة رجل الأعمال وإظهار تميز يعكس شخصيته الناجحة وانتماءه إلى طبقة اجتماعية راقية.

وأضافت رضوان في حديثها مع "العربي الجديد" أن امتلاك السيارات الفارهة طريقة مضمونة للطبقة الجديدة حديثة العهد بالثراء للإعلان عن نفسها، وتدشين دخولها طبقة اجتماعية جديدة.

وأرجعت، رواج سوق السيارات الفخمة إلى شركات السيارات التي تنتج عدداً محدوداً من بعض الطرز، والتي تلعب على نفسية العميل الذي يشعر بالتميز لامتلاكه سيارة لا يستطيع العامة امتلاكها، فتشعره بالتميز، وبالتالي يرتفع سعرها أكثر.

سوق ضخم يجذب النجوم

خبير التسويق في مجال السيارات وصانع المحتوى، والقريب من عدد من النجوم، محمد فاروق، أكد أن حجم الثروات الذي يضخ في تجارة السيارات الفارهة ضخم للغاية، ودخل النجوم في دائرتها، وأصبحت من علامات النجومية والثراء والتسويق، وعن الماركات المفضلة لدى النجوم فقد كان في مقدمتها اللاند روفر، والبوغاتي، واللامبرغيني والفيراري، والمازيراتي.

وأكد فاروق لـ"العربي الجديد" أن أشهر النجوم الحريصين على اقتناء السيارات الفاخرة هم محمد رمضان وعمرو دياب وأحمد حلمي ويسرا، ووصل التنافس ببعض النجوم إلى شراء نجم شاب كعماد زيادة، وهو صديق شخصي لعمرو دياب، وقام بعدة أدوار بهوليود، سيارة بوجاتي شيرون بقرابة 100 مليون جنيه مصري.

واتفق فاروق مع مصادر أخرى أن تجارة السيارات الفارهة لا تؤثر كثيراً على سوق السيارات، ولا يبنى عليها مقياس للسوق، نظراً لقلة عددها بالنسبة لعدد السيارات في السوق، وعدم ثبات أسعارها عند الوكلاء، وخشية المواطنين من شرائها لخدمة ما بعد البيع، وصعوبة صيانتها في مصر، والتي يتغلب عليها المشاهير بإرسالها لدبي أو الأردن لصيانتها.

لكن أحد المستوردين، عبد الرحمن خطاب، أرجع سبب الإقبال على تجارة السيارات الفارهة لسهولة البيع والشراء فيها بالمقارنة مع العقار، ولأنها مضمونة العائد، وتحقق مكاسب كبيرة لقلة المعروض ومنع الاستيراد. وأكد لـ"العربي الجديد" أن السيارات الفارهة أصبحت مجالاً للتنازل بين الأثرياء، خاصة الجدد، لاهتمام الشباب بها وجاذبية المحتوى المقدم عنها على مواقع التواصل، فتحولت قبلةً للطبقة الجديدة للإعلان عن نفسها وتسويق نفسها في المجتمع.

المساهمون