هوت صادرات أوكرانيا من السلع الغذائية بنحو الثلث منذ إغلاق موانئها على البحر الأسود الشهر الماضي، في دلالة على نجاح جهود روسيا لعرقلة تدفق السلع، ما يمثل انتكاسة كبيرة لاقتصاد البلد والأمن الغذائي العالمي، فيما تدرس المفوضية الأوروبية بجدية دعم نقل الحبوب الأوكرانية عبر دولها الأعضاء بعد أن حظرت عدة دول الواردات من كييف.
ولم تتمكن أوكرانيا سوى من تصدير 3.2 ملايين طن من الحبوب والزيوت النباتية والمواد الغذائية في الأسابيع الأربعة حتى 15 أغسطس/آب الجاري، انخفاضاً من 4.4 ملايين طن في مايو/أيار، و4.8 ملايين طن في يونيو/حزيران عندما كان اتفاق البحر الأسود ما يزال سارياً، وفق تقديرات لشركة التحليلات "أوكر أغرو كونسالت".
ويتوقع أن تتضخم مخزونات المحاصيل حتى العام المقبل، في ظل توقعات بوفرتها، وتعذّر وصولها للسوق إلى حد بعيد.
يتوقع أن تتضخم مخزونات المحاصيل حتى العام المقبل، في ظل توقعات بوفرتها، وتعذّر وصولها للسوق إلى حد بعيد
وحتى في زمن الحرب، ما تزال أوكرانيا مصدراً مهماً للحبوب على مستوى العالم، فقد ساعد اتفاق البحر الأسود الذي انسحبت منه روسيا في 17 يوليو/تموز الماضي على تهدئة أسعارها العالمية، والحفاظ على وصولها إلى المستهلكين.
في المقابل تستفيد تجارة الحبوب الروسية من ضعف الصادرات الأوكرانية. فصادراتها من المحاصيل تنتعش، ويتوقع أن تشكل نحو ربع تجارة القمح العالمية في موسم 2023-2024.
وبررت موسكو قرار الانسحاب من اتفاق تصدير الحبوب الأوكرانية بعدم تنفيذ الجزء الثاني من الصفقة المتعلق بوصول الحبوب والأسمدة الروسية إلى الأسواق العالمية، نظراً لوقوف العقوبات الغربية حجر عثرة في طريق تطبيق الاتفاق.
وتطالب روسيا بأن يسمح لها بتصدير منتجاتها الزراعية التي تخضع لعقوبات غربية فُرضت عليها منذ بدء حربها على أوكرانيا.
ولم تكتف روسيا بالانسحاب من الاتفاق، بل استهدفت موانئ تصدير الحبوب الأوكرانية.
وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي مؤخراً إن موانئ بلاده تعرضت بالفعل لسبع هجمات بطائرات مسيرة وصواريخ في غضون شهر من انهيار اتفاق الحبوب، مما يشير إلى مدى صعوبة العثور على حلول وبدائل موثوقة.
وأعلنت الولايات المتحدة، الأسبوع الماضي، أنها تعمل مع شركاء أوروبيين للحفاظ على تدفق صادرات الحبوب، معتمدين على أنهار مثل نهر الدانوب وغيرها من الطرق بعد أن أصبح الممر البحري غير آمن.
أعلنت الولايات المتحدة، الأسبوع الماضي، أنها تعمل مع شركاء أوروبيين للحفاظ على تدفق صادرات الحبوب
لكن إفغينيا سليبتسوفا، كبيرة الاقتصاديين في مؤسسة "أكسفورد إيكونوميكس" البريطانية قال لوكالة بلومبيرغ الأميركية إن زيادة حجم الصادرات عبر الموانئ النهرية قد تكون صعبة. وأقدمت روسيا على قصف ميناءين على امتداد نهر الدانوب في وقت سابق من الشهر الجاري.
وثمة عقبات لوجستية أيضاً فوصول بعض الشحنات إلى نهر الدانوب يستغرق حالياً أربعة أضعاف الوقت الذي كان عليه قبل شهر بسبب الاختناقات الملاحية، بحسب ما نقلت بلومبيرغ عن أليكس ليسيتسا، عضو مجلس إدارة نادي الأعمال الزراعية الأوكراني.
كما يؤدي التأخير وقلة أحجام الشحن إلى ارتفاع تكاليف النقل. وقالت أولينا فورونا، مديرة العمليات في "أغروتريد غروب" الموردة للحبوب، إن شركتها أعادت توجيه التدفقات بالكامل إلى موانئ الدانوب والسكك الحديدية حتى قبل انهيار صفقة الحبوب، لكن تكاليف النقل ارتفعت بما يصل إلى 50%.
في غضون ذلك، قالت الشركة المشغلة للسكك الحديدية الأوكرانية إن أوقات الانتظار عند المعابر الحدودية باتجاه الدول الأوروبية تتراوح حالياً بين 5 و6 أيام.
في الأثناء، ذكرت الإذاعة العامة البولندية في تقرير لها، السبت الماضي، أن المفوضية الأوروبية تدرس بجدية دعم نقل الحبوب الأوكرانية عبر دولها الأعضاء، مشيرة إلى أن قضية دعم تكلفة عبور الحبوب تخضع للبحث في اجتماعات لممثلي بولندا والمجر وسلوفاكيا ورومانيا وبلغاريا مع الذراع التنفيذية للاتحاد الأوروبي وأوكرانيا.
وأفاد التقرير أن التكلفة التقديرية للدعم تبلغ نحو 30 يورو (32.62 دولارا) للطن من الحبوب.
وكانت الدول الخمس الأعضاء في الاتحاد الأوروبي المتاخمة لأوكرانيا قد فرضت في وقت سابق من العام الجاري حظراً مؤقتاً على بيع الحبوب الأوكرانية حتى منتصف سبتمبر/أيلول في أعقاب تزايد الشكاوى من المزارعين المحليين بشأن تأثير ذلك على أعمالهم.
وتسعى الدول الخمس إلى ضمان أن يكون الدعم المحتمل مصحوباً بقرار لتمديد الحظر حتى نهاية 2023.