حذّر بنك إنكلترا (المركزي)، اليوم الأربعاء، من أن عدم التوصل إلى اتفاق حول "بريكست" سيؤدي إلى أزمة مالية في بريطانيا، وسيتسبب في خسارة الجنيه الإسترليني 25% من قيمته، فيما كثفت رئيسة الوزراء تيريزا ماي مساعيها لإقناع شعبها بأهمية إبرام الاتفاق.
البنك قال في تقرير إن مثل هذا السيناريو يمكن أن يعني أن الاقتصاد البريطاني سينكمش بنسبة 8% في الربع الأول من 2019. وأفاد بأن معدل البطالة سيرتفع إلى 7.5% من المستوى الحالي البالغ 4.1%، في ظل السيناريو الأسوأ، بينما ستنخفض أسعار المنازل بنسبة 30%.
وقال مارك كارني، محافظ بنك إنكلترا خلال مؤتمر صحافي، "مهمتنا ليست في أن نأمل في حصول الأمثل، بل أن نستعد للأسوأ".
وأضاف أن "نسبة الشركات التي قامت بتفعيل خطط الطوارئ لا تزال تمثل جزءاً صغيراً من قطاع الأعمال ككل". ويستند السيناريو الأسوأ إلى افتراض تعطل الموانئ البريطانية وتراجع كبير في الهجرة، بين أخرى.
في غضون ذلك، أعلنت الحكومة اليوم أن ثمة كلفة سيتكبّدها الاقتصاد البريطاني نتيجة خروج البلاد من الاتحاد الأوروبي، وذلك في تقرير يسلط الضوء على أن الاتفاق الذي توصلت إليه رئيسة الوزراء تيريزا ماي سيحدّ من الأضرار.
وفي حين لم تضمن ماي تصويت النواب البريطانيين في 11 ديسمبر/ كانون الأول لصالح الاتفاق الذي أبرمته يوم الأحد مع الاتحاد الأوروبي، يُشير التقرير إلى أن الخروج من الاتحاد من دون اتفاق سيقتطع من الناتج المحلي الإجمالي في المملكة المتحدة 9.3% على مدى 15 عاماً.
أما الاتفاق الذي توصلت إليه ماي، والذي يتعرض لانتقادات من داخل حزبها المحافظ، فسيكلّف 3.9% من الناتج المحلي الإجمالي.
إلا أن الرقمين يأخذان بالاعتبار واقع أن المملكة المتحدة ستتمكن من إبرام كل اتفاقات التبادل الحرّ التي ترغب فيها، حسب ما أكد التقرير المؤلف من 83 صفحة والذي يشير إلى وجوب التعامل مع هذه التوقعات بحذر "بسبب الشكوك المتعلقة بهذا النوع من التحليل الاقتصادي".
وصرّحت ماي أمام النواب البريطانيين الذين تحاول إقناعهم بالتصويت لصالح هذا الاتفاق الذي تم إبرامه في بروكسل بعد 17 شهراً من المفاوضات الصعبة، بأن "هذا التحليل لا يُبيّن أننا سنصبح أكثر فقراً في المستقبل"، مضيفة أنه "يثبت أن حالنا ستكون أفضل مع هذا الاتفاق".
لكن قبل أقل من أسبوعين من التصويت، لا تزال تيريزا ماي بعيدة عن تأمين عدد الأصوات المطلوب والانتقادات التي تعرّضت لها يوم الأربعاء أعطتها شيئاً من طعم المواجهة التي تنتظرها.
وقال زعيم المعارضة العمالية، جيريمي كوربن: "بات واضحاً الآن أن البرلمان لن يدعم هذه الخطة. حان وقت العمل على خطة أخرى".
وبالإضافة إلى حزب العمال، يعارض الاتفاق كل من حليف تيريزا ماي الحزب الوحدوي الديموقراطي الأيرلندي الشمالي والنواب المحافظين المؤيدين لبريكست متشدد والنواب المؤيدين للاتحاد الأوروبي من الحزب الليبرالي الديموقراطي والنواب الاسكتلنديين الاستقلاليين.
وفي محاولة لجذب دعم البريطانيين، وبالتالي دعم ممثليهم في البرلمان، أجرت تيريزا ماي جولة في البلاد تأخذها بعد ظهر اليوم الأربعاء إلى محيط غلاسغو، أكبر مدينة في اسكتلندا.
"غير مقبول"
وستحاول تيريزا ماي بشكل خاص طمأنة الاسكتلنديين في ما يتعلق بمسألة الصيد التي تُعتبر حساسة جداً في اسكتلندا.
وعشية هذه الزيارة، انتقدت رئيسة حكومة اسكتلندا نيكولا ستورغن، وهي زعيمة الحزب الوطني الاسكتلندي الانفصالي، الاتفاق، مستندة إلى دراسة نشرتها حكومتها تشير إلى أن الاتفاق الذي فاوضت عليه ماي يجعل الاسكتلنديين "أكثر فقراً" ووصفته بأنه "غير مقبول".
واستخدمت رئيسة الحزب الوحدوي الديموقراطي أرلين فوستر الصفة نفسها بعد لقائها ماي في بلفاست. ودعت فوستر التي ترفض الوضع الخاص الذي منح لأيرلندا الشمالية في الاتفاق لتجنّب إعادة الحدود الفعلية إلى جزيرة أيرلندا، رئيسة الوزراء إلى العمل على "مسار" آخر.
وتأمل تيريزا ماي وداعموها الرئيسيون بأن يتحلى البرلمانيون بالعقلانية. وصرّح وزير المالية فيليب هاموند لإذاعة "بي.بي.سي راديو 4" بأنه "من الواضح أنه ليس هناك أي توافق في البرلمان" على هذا المستوى.
وقد يريح استطلاع للرأي نشرته صحيفة "ذي دايلي مايل" رئيسة الوزراء، إذ إنه يقول إن 52% من 1030 شخصاً شاركوا في الاستطلاع الذي أجراه معهد "سارفايشن" عبر الإنترنت يعتقدون أن الاتفاق هو أفضل الممكن مقابل 19% يعتبرون العكس.
لكن في الوقت نفسه، يطالب 48% من المشاركين باستفتاء ثانٍ (مقابل 34%)، في نتيجة حصلت على دعم غير متوقع من جانب مسؤول في حزب العمال الذي كان يعارضها رسمياً حتى الآن مثل تيريزا ماي.
واعتبر مسؤول الشؤون الاقتصادية في الحزب جون ماكدونيل، يوم الثلاثاء، أثناء حدث نظّمته صحيفة "ذي غارديان"، أن ذلك "قد يكون خياراً". وأقرّ للمرة الأولى أنه يُفضل التصويت لصالح البقاء في الاتحاد الأوروبي، بدلاً من تعريض البلاد لخطر الخروج من دون اتفاق.
أسهم أوروبا
في أسواق المال، استقرت الأسهم الأوروبية اليوم الأربعاء، مع انحسار المخاوف بشأن الحرب التجارية، والتي كانت قد دفعت المؤشرات إلى الهبوط خلال الجلسة السابقة، بفعل احتمال عقد لقاء بين الرئيسين الأميركي والصيني خلال قمة مجموعة العشرين التي تنطلق أعمالها بعد غد الجمعة في الأرجنتين.
وارتفع مؤشر "ستوكس 600" الأوروبي 0.5%، قبل أن يغلق مستقراً عند 357 نقطة، بينما ارتفع مؤشر "ستوكس 50" بنسبة 0.1%.
وقال الخبير الاقتصادي لدى "يو.بي.إس"، سيث كاربنتر، في مذكرة، إن "الاجتماع بين الرئيسين (دونالد) ترامب وشي (جين بينغ) فرصة لتجنب مزيد من التصعيد. نتوقع أن يفعل الاثنان ما هو أكثر من الاتفاق على إطار عمل للمباحثات".
بيد أن حالة من الضبابية سادت بعد تقرير إخباري ألماني تحدّث عن رسوم جمركية جديدة على السيارات المستوردة من الخارج قد يجرى فرضها بعد اجتماعات مجموعة العشرين في بوينس آيرس. وضغط هذا على مؤشر أسهم قطاع السيارات الذي هبط 0.5%.
(رويترز، العربي الجديد)