أكد المرصد العمالي الأردني (مؤسسة مجتمع مدني) ضرورة توفير مظلة حماية قانونية كافية للعمال الوافدين في الأردن، في ظل الانتهاكات التي يتعرضون لها باستمرار من قبل أصحاب العمل وعملهم في ظروف صعبة ولساعات طويلة، وعدم حصولهم على حقوقهم كاملة.
وقال رئيس المرصد أحمد عوض، في تصريح خاص لـ"العربي الجديد"، تم توجيه مطالب عدة للجهات المختصة في الحكومة للعمل على إعادة النظر في القوانين العمالية، بما يضمن التصدي للانتهاكات التي يتعرض لها العمال الوافدون، وتوفير ظروف عمل مناسبة، وعدم ربط مصيرهم بأصحاب العمل، أيا كانت الظروف.
وأضاف عوض أنه يتم باستمرار رصد انتهاكات لحقوق العمال الأجانب، وبعضها مستمرة ولم يتم معالجتها بالشكل الذي ينسجم مع حقوق الإنسان ومعايير العمل اللائق وإنصافهم وضمان حقوقهم المختلفة، بما في ذلك حقهم في العمل في بيئة مناسبة، وحرية التنقل في سوق العمل، ضمن ضوابط محددة وغير مقيدة لهم بالكامل.
وأوضح أن نظام الكفالة الخاصة بالعمال الوافدين ينطوي على ممارسات غير مشروعة من قبل معظم أصحاب العمل ورهن مصير ومستقبل العامل في أيديهم، إلى جانب أن البعض يستغل هذا النظام للمتاجرة به والحصول على مبالغ سنوية من العامل مقابل تجديد تصريح العمل والكفالة.
وقال عوض إن "المرصد العمالي توصل إلى أن المشكلة تكمن في هذا النظام، بأن مصائر العمال الوافدين وجميع معاملاتهم معلقة بشرط وجود صاحب العمل (الكفيل)، ما يعني أن حريتهم في التنقل والسفر واختيار جهة العمل إضافة إلى الأجور والإجازات وعدد ساعات العمل، تكون مقيدة بعبثية الكفيل، ناهيك عن أنهم يتعرضون للضغط والتهديد من قبل الكفلاء بالتبليغ عنهم لتسفيرهم أو وقف الكفالة، حال لم يقوموا بالعمل المطلوب منهم".
وأوصى المرصد العمالي، حسب عوض، باستبدال نظام الكفالة وتعقيداته بنظام العمل الحر، بما يضمن للعمال المهاجرين حقوقهم ضمن المعايير الدولية، ويكون للعامل المهاجر حرية السفر والتنقل والعمل واختيار صاحب العمل، ويكون طرفا رئيسيا في عملية التعاقد بينه وبين الكفيل، ويملك إرادته في إلغاء عقد العمل حين يريد ضمن شروط معينة.
ووفق المرصد العمالي، فإن مئات العمال المهاجرين بمصنع للألبسة مثلا في منطقة سحاب جنوب العاصمة عمان يواجهون ظروفا صعبة، فهم بلا رواتب منذ أشهر وبلا تصاريح عمل (أي أن وجودهم في البلاد غير قانوني)، ناهيك عن ظروف سكنهم غير الملائمة، إذ يعانون من نقص شديد في المياه. أما العمال الأردنيون في المصنع فمعاناتهم تقتصر على عدم صرف رواتبهم منذ 8 أشهر، ما اضطرهم في نهاية المطاف إلى ترك المصنع.
ونقل المرصد العمالي عن مصدر مطلع قوله، إن عدد العمال الوافدين في المصنع يصل إلى 750 عاملا من جنسيات مختلفة تتنوع بين هنود وسيرلانكيين وبنغاليين ونيباليين، فيما يصل عدد العمال الأردنيين إلى نحو 250 عاملا.
وقال المصدر إن المصنع متوقف عن العمل منذ فترة بسبب أزمة مالية يمر بها، وهو ما أدى إلى تأخر صرف رواتب العمال، مشيرا إلى أن العمال الأردنيين نفذوا اعتصاما قبل أسابيع أمام المصنع للمطالبة بمستحقاتهم، إلا أن أحدا لم يقابلهم ويسمع معاناتهم سوى الشرطة التي كانت متواجدة في المكان حينها.
وأكد أن جميع العمال المهاجرين في المصنع لديهم أسر في بلدانهم ويصرفون عليهم عن طريق تحويل مبالغ مالية إليهم كل شهر، مشددا على أن استمرار توقف رواتبهم يهدد معيشة أسرهم، خصوصا وأن الجهات المعنية، خاصة وزارة العمل، يقتصر دورها على تحرير مخالفات مالية فقط بحق مدير المصنع. كما أن سفارات بلدان العمال، وفقا للمرصد العمالي، لم تستطع حل القضية حتى الآن، رغم أنها تتابع ظروف رعاياها مع حكوماتها باستمرار.
وبخصوص تصاريح عملهم التي يرعاها المصنع، قال المرصد العمالي نقلا عن ذات المصدر إن جميع العمال الأجانب في المصنع انتهت تصاريح عملهم منذ العام الماضي، ما يعني أن وجودهم في الأردن غير قانوني.
وبحسب المرصد العمالي، فإن صحفا هندية أشارت قبل أيام إلى معاناة هؤلاء العمال، خاصة ما يتعلق بانتهاء تصاريح عملهم؛ إذ قالت إنهم لا يستطيعون الخروج من سكنهم ولا المطالبة بحقوقهم، خشية اعتقال الشرطة لهم لوضعهم غير القانوني حاليا. وبينت إحدى الصحف نقلا عن شهادات بعض العمال الهنديين أن العمال طلبوا من إدارة المصنع إعادتهم إلى بلدانهم، إلا أن الإدارة رفضت ذلك لأسباب غير معروفة، ما يعني أنها تحتجز العمال بلا عمل أو رواتب.
ولا تقتصر الانتهاكات عند هذا الحد فحسب، وفق المرصد العمالي، مشيرا إلى أن هؤلاء العمال يعانون ظروفا صعبة في سكنهم؛ إذ ذكرت صحيفة هندية أخرى نقلا عن العمال أن جودة خدمات إقامتهم التي يقدمها المصنع انخفضت بشكل كبير. كما أنهم يعانون من نقص شديد في المياه في سكنهم وقلة وجبات الطعام التي يقدمها المصنع لهم وكذلك الانقطاع المتكرر للكهرباء ساعات طويلة.
بدورها، قالت النقابة العامة للعاملين في الغزل والنسيج إنها تواصلت مع العمال واستمعت إلى مشاكلهم ومعاناتهم، مضيفة أنها تتابع القضية أولا بأول مع وزارة العمل وإدارة المصنع وأن جميع حقوق العمال محفوظة وستعمل على تحصيلها بأقرب وقت ممكن.