استمع إلى الملخص
- القرار أدى إلى تقلبات في الأسواق المالية، مع انخفاض الدولار وتراجع عوائد السندات الأوروبية، بينما تنتظر الأسواق ترشيح كامالا هاريس.
- ارتفعت أسعار الذهب والبيتكوين كملاذات آمنة، مع توقعات بزيادة الضبابية الاقتصادية في حال عودة ترامب للبيت الأبيض.
تعرف الولايات المتحدة الأميركية حدثاً نادراً، مع انسحاب بايدن بصفته أول رئيس في التاريخ الأميركي من السباق الانتخابي متأخراً جداً، ليعتبر جو بايدن أول رئيس منذ 56 عامًا لا يسعى إلى ولاية ثانية، ما وضع الأسواق في حالة إرباك حادة بعدما كان المستثمرون شبه حاسمين في فوز المرشح الجمهوري دونالد ترامب.
هذا التخبط، وترشيح بايدن لنائبته كامالا هاريس في انتخابات الرئاسة التي ستجري في الخامس من نوفمبر/تشرين الثاني، أعادا تقييم الرهانات، ورسما شكوكاً حول ما يُعرف بـ"تداولات ترامب" التي كانت سائدة قبل قرار بايدن.
وهذا المصطلح يرتبط بعمليات تقييم الأسهم والسندات والعملات وغيرها من الأصول التي قد تستفيد أو تخسر من رئاسة ترامب الثانية. ويسود شبه إجماع بين المستثمرين أن فوز ترامب وسيره بسياساته الشعبوية سيزيد المرونة المالية ويعيد تعزيز الحمائية، ما يفضي إلى ارتفاع قيمة الدولار وعوائد السندات الأميركية، وتصاعد أسهم البنوك والصحة والطاقة وكذا ارتفاع البيتكوين التي يدعمها ترامب.
وشرح ستيفان كوبمان، كبير استراتيجيي الاقتصاد الكلي في رابوبانك لوكالة "بلومبيرغ": "إن انسحاب بايدن غير المسبوق يقدم طاقة جامحة في الحملة، مما قد يزيد من تقلبات السوق"، مضيفًا أن التقلبات ستزداد إذا ضيقت هاريس الفجوة في استطلاعات الرأي. "إذا استمر ترامب في الصدارة في استطلاعات الرأي وظل المستثمرون ينظرون إلى فوزه على أنه أمر لا مفر منه، فإن "تجارة ترامب"، التي تعني إلغاء القيود التنظيمية وخفض الضرائب وزيادة الإنفاق المالي، من شأنها أن تؤدي بعد ذلك إلى منحنى عائد أكثر حدة، ودولار أكثر ثباتًا وتعزيز لعملة البيتكوين".
وتُعتبر هاريس صارمة في التعامل مع النفط ومناهضة للنفط الصخري والتكسير الهيدروليكي. وبالتالي، فإن ارتفاع شعبيتها في غضون 24 ساعة فقط قد يؤثر على قطاع الطاقة الأميركي في بداية هذا الأسبوع.
تداعيات انسحاب بايدن
ومن المرجح أن يظل المتداولون متوترين بينما ينتظرون لمعرفة ما إذا كانت هاريس ستحصل على ترشيح حزبها في المؤتمر الديمقراطي في شيكاغو في 19 أغسطس/آب، وتجمع الزخم الكافي لتحدي تقدم ترامب في استطلاعات الرأي.
وعملياً، عرفت الأسواق أسبوعا قل نظيره، مع نجاة مرشح للانتخابات الرئاسية الأميركية من محاولة اغتيال وانسحاب آخر من السباق الرئاسي. وتراجع الدولار قليلا مقابل سلة من العملات الاثنين، بينما انخفض بشكل حاد مقابل الين مع تركيز المستثمرين على انسحاب بايدن والتحركات التالية من مجلس الاحتياطي الاتحادي وبنك اليابان.
وقال محللون إن العملة اليابانية قد تكون عند نقطة تحول بعد هبوطها منذ بداية عام 2024 حيث يقترب بنك الاحتياطي الفيدرالي من خفض أسعار الفائدة ومن المتوقع على نطاق واسع أن يشدد بنك اليابان سياسته النقدية قريبا. من المقرر أن تجتمع لجنة السوق المفتوحة التابعة للاحتياطي الفيدرالي في 30 يوليو/تموز، أي قبل يوم واحد من اجتماع بنك اليابان. أسواق المال تضع في الحسبان بالكامل خفض أسعار الفائدة من جانب بنك الاحتياطي الفيدرالي بمقدار 25 نقطة أساس بحلول سبتمبر/أيلول.
وقال لي هاردمان، كبير محللي العملات في بنك ميتسوبيشي يو إف جي لوكالة "رويترز": "أصبح الين أكثر تقلبا قبيل أحدث اجتماعات السياسة النقدية من جانب بنك الاحتياطي الفيدرالي وبنك اليابان"، بعدما أشار إلى أن العملة اليابانية تلقت دعما من "أدلة أكثر إقناعا على تباطؤ التضخم في الولايات المتحدة".
وأضاف أن "الرئيس السابق ترامب أعرب عن قلقه إزاء المستوى المرتفع للدولار الأميركي مقابل الين". وانخفض الدولار الأميركي بنسبة 0.6% مقابل العملة اليابانية إلى 156.58. وانخفض مؤشر الدولار الذي يقيس قيمة الدولار مقابل سلة من العملات الأجنبية بنسبة 0.1% إلى 104.30. وحذر جوزيف كابورسو، الخبير الاستراتيجي في بنك الكومنولث الأسترالي، من أنه من السابق لأوانه قراءة الكثير في رد فعل الدولار.
وقال كابورسو: "الخلاصة هي ما تظهره استطلاعات الرأي هذا الأسبوع"، موضحا أن انخفاض احتمالات فوز ترامب من شأنه أن يؤدي إلى إضعاف الدولار، والعكس صحيح".
أسواق المال
وبدأت الأسهم الأوروبية الأسبوع على ارتفاع الاثنين، متعافية من خسائر حادة في الجلسة السابقة، بينما يزن المستثمرون تداعيات انسحاب بايدن من سباق الانتخابات الرئاسية.
وارتفع مؤشر ستوكس 600 للأسهم الأوروبية بنحو 0.6% صباح الاثنين، بعدما سجل أكبر انخفاض أسبوعي له في 2024 يوم الجمعة. وقام المستثمرون بتقييم تأثير تخلي الرئيس بايدن عن مساعيه لإعادة انتخابه يوم الأحد بينما أيد نائبة الرئيس الديمقراطي كامالا هاريس مرشحة لحزبه.
وانخفضت عوائد سندات منطقة اليورو قليلا الاثنين، مع تقييم المستثمرين لما قد يعنيه قرار انسحاب بايدن من انتخابات 2024 بالنسبة للأسواق المالية وتوقعات السياسة النقدية العالمية. وانخفض العائد على السندات الألمانية لأجل 10 سنوات، وهو المعيار القياسي لمنطقة اليورو، في أحدث تعاملات بأقل من 1.5 نقطة أساس إلى 2.447%. وانخفض عائد السندات الإيطالية لأجل عشر سنوات بواقع نقطة أساس إلى 3.762%.
وتراجعت الأسواق الآسيوية يوم الاثنين بعدما أثار انسحاب بايدن حالة جديدة من عدم اليقين، وقال راي أتريل من بنك أستراليا الوطني لـ "رويترز": "بينما قد تقول غريزة السوق إن الأخبار تضيف درجة من عدم اليقين إلى نتيجة انتخابات الخامس من نوفمبر/تشرين الثاني التي لم تكن موجودة الأسبوع الماضي، فسوف تمر أسابيع عديدة قبل أن يتمكن أي شخص من تحديد ما إذا كان السباق إلى البيت الأبيض مختلفاً مما كان يبدو في السابق. باختصار، سيكون هناك ضجيج أكثر في ما يتعلق بالسياسة الأميركية، وهو ما يتعين على الأسواق التعامل معه في الأسابيع القليلة المقبلة على الأقل".
وانخفضت مؤشرات بورصات طوكيو وشنغهاي وسيدني وسيول وسنغافورة وتايبيه ومومباي وويلينغتون ومانيلا، على الرغم من انتعاش بورصة هونغ كونغ بفضل المكاسب الصحية التي حققتها شركات التكنولوجيا الصينية. وارتفعت بورصات لندن وفرانكفورت وباريس عند الافتتاح.
وقال ستيفن إينيس في تعليقه على الجانب المظلم من الطفرة: "يبدو الأمر وكأن لعبة الشطرنج السياسية قد انقلبت رقعتها، وترك للمستثمرين مهمة التقاط القطع. لقد أدى هذا التحول غير المتوقع إلى حقن جرعة كبيرة من عدم اليقين السياسي في السوق، مما ترك الجميع في حالة من التدافع لتحديد خطوتهم التالية".
ارتفاع الذهب وبيتكوين
وارتفعت أسعار الذهب صباح الاثنين مع تراجع الدولار بعد انسحاب بايدن وتحول المتعاملين إلى الذهب الملاذ الآمن في مواجهة آفاق غامضة على صعيد السياسة وفي أسواق المال. وارتفع سعر الذهب في التعاملات الفورية 0.2% إلى 2405.40 دولارات للأوقية (الأونصة)، فيما ارتفعت العقود الأميركية الآجلة للذهب 0.3% إلى 2407.20 دولارات.
وقال كايل رودا محلل الأسواق المالية لدى كابيتال دوت كوم إن احتمال خفض أسعار الفائدة والغموض السياسي في الولايات المتحدة يدعمان أسعار الذهب والظروف مهيأة لتحقيق الذهب ارتفاعا قياسيا آخر قبل نهاية عام 2024.
ويزيد انخفاض الدولار من جاذبية المعدن للمشترين من حائزي العملات الأخرى. وصعد سعر العملة المشفرة الأبرز "بيتكوين"، بأكثر من 1900 دولار للوحدة إلى 68.1 ألف دولار، بعد إعلان بايدن انسحابه. وتعود استفادة بيتكوين من انسحاب بايدن إلى أن منافسه الجمهوري دونالد ترامب، مؤيد للعملات المشفرة، وخاصة بيتكوين، وصرح في أكثر من مناسبة بدعمه للعملة.
كما أن فرضية عودة ترامب للبيت الأبيض تعني مزيدا من الضبابية الاقتصادية والتجارية الدولية، خاصة مع تعهد ترامب فرض رسوم جمركية على الصين والاتحاد الأوروبي، وبالتالي ارتباك مؤشر الدولار.