يسيطر القلق على البريطانيين من تعرض البلاد لانقطاعات في الكهرباء خلال فصل الشتاء حال نقص إمدادات الغاز، لتدخل البلاد لأول مرة منذ عقود طويلة، مرحلة جدولة ساعات وصل التيار على غرار الدول الهشة التي تشهد أزمات في الطاقة بفعل تخلف البنية التحتية للكهرباء أو نقص الوقود اللازم لتشغيل المحطات.
وحذرت شبكة الكهرباء الوطنية، قبل أيام، من تعرض أجزاء من البلد لأول انقطاع مجدول للتيار الكهربائي منذ عقود، في حال فشلت محطات الطاقة في الحصول على ما يكفي من الغاز لمواصلة العمل، مشيرة في إطار تقييم لما وصفته بـ"السيناريو الأسوأ" إلى أنّ عدد الأشخاص الذين سيواجهون انقطاع الكهرباء سيعتمد على عدد محطات طاقة الغاز التي ستضطر إلى الإغلاق بسبب عدم توفر ما يكفي من الغاز.
الأسر والشركات قد تواجه انقطاعات مخططاً لها
ولفتت إلى أن الأسر والشركات قد تواجه انقطاعات مخططاً لها لبضع ساعات يومياً لضمان استمرار تشغيل محطات الكهرباء في البلاد في يناير/كانون الثاني، موضحة أنّ التخطيط المسبق للتخفيضات وإعطاء الناس إنذاراً مسبقاً يعني أنّ الإمداد يمكن أن يستهدف من هم في أمسّ الحاجة إليه.
ففي حال انقطاع التيار الكهربائي في حالات الطوارئ، سيكون العملاء في مواقع معينة من دون كهرباء لمدة ثلاث ساعات تقريباً يومياً أثناء الطوارئ، بيد أنّها لفتت إلى أنّ "المواقع المحميّة" مثل مراكز التحكم في الحركة الجوية ومنشآت المستشفيات الكبرى وفيها أقسام الحوادث والطوارئ، ستُعفى من انقطاع التيار الكهربائي الطارئ المخطط له. وشدّدت على أنّ لا استثناءات ولن يعفى جميع العملاء في منازلهم.
ورغم هذه التحذيرات، ترى الشبكة الوطنية للكهرباء أنّه ستكون هناك إمدادات كافية من الكهرباء خلال فصل الشتاء من دون الحاجة إلى انقطاع التيار الكهربائي، بيد أنّها تحفز الأسر والشركات على تقليل استهلاك الكهرباء بين ساعات الذروة من 4 مساءً إلى 9 مساءً.
كما قدم اتحاد شبكات الطاقة، الذي يمثل الشركات التي تدير البنية التحتية للكهرباء والغاز في المملكة المتحدة، تفاصيل إضافية حول كيفية تعامل الدولة مع انقطاع التيار الكهربائي هذا الشتاء.
ولفت إلى أنّه لن تكون هناك استثناءات للأسر التي تعتمد على الكهرباء لتشغيل المعدات الطبية في منازلها، ما يعني أنّ المرضى الذين يعتمدون على هذه المعدات للبقاء على قيد الحياة سيواجهون انقطاع الكهرباء تماماً مثل غيرهم من بقية الناس.
وطُلب من هؤلاء في حال انقطاع التيار الكهربائي التأكد من أنّ لديهم مرافق احتياطية كافية والاتصال بمزود الرعاية الصحية الخاص بهم للحصول على مزيد من المعلومات والإرشادات.
ويدخل ضمن خانة الضعفاء في البلاد أيضاً، الأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة. فهؤلاء يحتاجون في الغالب إلى أجواء دافئة، مثل مرضى الربو والرئة، وفق المؤسسة الخيرية البريطانية.
زيادة فاتورة الكهرباء
وللفقراء نصيبهم أيضاً من الضرر الناجم عن زيادة فاتورة الكهرباء التي ستساهم في تعميق فاتورة كلفة المعيشة التي ترزح تحتها المملكة المتحدة. وهو ما سيؤدي بالتالي إلى مكافحة ملايين الأسر لدفع فواتير طاقة باهظة هذا الشتاء. تأتي هذه التوقعات بعد ارتفاع أسعار الغاز والكهرباء في سوق الجملة بشكل مطرد.
في هذا السياق، يسلط تحليل جديد من مجموعة عمل فقر الأطفال (CPAG)، الضوء على العائلات التي لديها أطفال، مشيراً إلى أنّها ستكون أكثر ضرراً. إذ إنّ متوسط إنفاق الطاقة لديها أعلى بنسبة 30% مقارنة بالأسر التي ليس لديها أطفال.
أما كبار السن، فأفاد العديد منهم بأنّ عليهم الاختيار بين التدفئة أو تناول الطعام. ووفق مؤسسة "Age UK" الخيرية توفي أكثر من 250 ألفاً من كبار السن بسبب البرد خلال السنوات العشر الماضية.
وتقدّم الحكومة مبلغاً مالياً قد تختلف قيمته بين الأفراد والأسر حسب ظروف كل منهم وتقدير المجالس البلدية. لكن ستستفيد جميع الأسر من تخفيض لمرة واحدة بقيمة 400 جنيه إسترليني في فواتير الكهرباء، يتم تطبيقه تلقائياً على مدار الأشهر من أكتوبر/تشرين الأول الجاري إلى مارس/آذار 2023.
وهذا الحسم جزء من حزمة لدعم كلفة المعيشة تقدرها الحكومة بـ 15 مليار جنيه إسترليني. وسيحصل أولئك الذين ليسوا على شبكة الغاز على 100 جنيه إسترليني مقابل كلفة الوقود الذي يستخدمونه كبديل. ومن المخطط أن تحصل أكثر من 29 مليون أسرة في إنكلترا واسكتلندا وويلز على الحسم خلال هذه الأشهر الستة.
وكان آخر انقطاع مخطط له للتيار الكهربائي تعرضت له المملكة المتحدة، أثناء العواصف التي ضربت البلاد عام 1987، حين واجهت أكثر من 1.5 مليون أسرة الظلام. كما تعرضت البلاد لانقطاعات خلال السبعينيات بسبب إضرابات عمال المناجم وأزمة النفط.
وما لم تتمكن محطات الطاقة التي تعمل بالغاز والتي أنتجت 43% من الكهرباء خلال العام الماضي، من الحصول على ما يكفي من الغاز لمواصلة العمل، فإنّ الشبكة الوطنية ستواجه مأزقاً حتمياً.