استمع إلى الملخص
- أظهرت مقاطع فيديو وصور منشآت ضخمة لتصنيع وتهريب الكبتاغون في سوريا، حيث كانت الفرقة الرابعة المدرعة تشرف على العمليات، مما يبرز ضخامة التجارة الممنهجة.
- رغم تفكيك إمبراطورية الكبتاغون، لا يزال الطلب مرتفعًا، مما يؤثر على موارد حزب الله الذي كان يسهل التهريب، مستفيدًا من الأنشطة غير المشروعة لتخفيف العقوبات.
تنفست دول عديدة في العالم، بينها دول الخليج، الصعداء عقب سقوط نظام بشار الأسد في سورية، والإطاحة معه بأكبر إمبراطورية لتهريب المخدرات، الأكثر ربحًا في الشرق الأوسط، وهي الكبتاغون.
وساهم الكبتاغون (مخدرات) المنتج في سورية في تحفيز الطلب عليه بجميع أنحاء المنطقة، خاصة في السعودية، ما شكّل مصدر توتر دولي بين نظام الأسد ودول عربية عديدة تسرب إليها هذا المخدر وأجج الإدمان فيها.
وقالت صحيفة "وول ستريت جورنال"، في 16 ديسمبر/ كانون الأول الجاري، إن سقوط الأسد "قلب إمبراطورية المخدرات الأكبر في الشرق الأوسط رأساً على عقب"، حيث ساعد الكبتاغون في دعم النظام السوري، وأدى إلى تأجيج الحرب والإدمان في جميع أنحاء المنطقة.
ونقلت الصحيفة الأميركية عن خبراء أن نظام الأسد كان يحقق وحده أرباحًا تقدر بـ2.5 مليار دولار من حجم الاقتصادات المتعلقة بالمخدرات غير المشروعة، خاصة تجارة الكبتاغون السنوية التي تقدر بنحو عشرة مليارات دولار، وهو تقريبًا حجم سوق الكوكايين نفسه في أوروبا.
وحسب بيانات الحكومة البريطانية، تنتج سورية قرابة 80% من الإنتاج العالمي من الكبتاغون، وكان ماهر الأسد يشرف شخصيا على هذه التجارة في الخارج، وقد بلغت القيمة المصدرة منه عام 2021 حوالي 5.7 مليارات دولار.
ونشر مقاتلون من فصائل المعارضة السورية مقاطع فيديو من منشآت صناعية ضخمة لتصنيع وتهريب الكبتاغون داخل قواعد جوية حكومية ومواقع أخرى مرتبطة بمسؤولين بارزين في النظام السابق بعد أيام من الإطاحة ببشار الأسد في هجوم خاطف، الأسبوع الماضي، وفق صحيفة "الغارديان" البريطانية.
ومن بين المواقع التي تم اكتشاف مصانع ومستودعات الكبتاغون فيها: قاعدة المزة الجوية في دمشق، وشركة لتجارة السيارات في مسقط رأس عائلة الأسد في اللاذقية، ومصنع سابق لإنتاج رقائق البطاطا في دوما بالقرب من العاصمة يُعتقد أنه مرتبط بشقيق الرئيس السابق (ماهر الأسد).
وأظهرت مقاطع مصورة لمقاتلين وصحافيين تمت دعوتهم لتوثيق المواقع، من بينهم وكالة "رويترز" وقناة Channel 4 News البريطانية، آلاف الحبوب من الكبتاغون مخبأة في فواكه مزيفة وفسيفساء خزفية ومعدات كهربائية، وتم تدمير كميات كبيرة منها.
ووفقًا لمسؤولين أميركيين وأوروبيين وعرب، أشرفت الفرقة الرابعة المدرعة في الجيش السوري، بقيادة ماهر الأسد، شقيق الرئيس، على معظم إنتاج وتوزيع الكبتاغون.
وبالرغم من أن إنتاج سورية لهذه الحبوب كان معروفا، فإن حجم المنشآت التي تم الكشف عنها حديثًا يظهر مدى ضخامة التجارة على كل مستوى من مستويات النظام.
وتقدم هذه الاكتشافات دليلًا على ما كان يُتهم به نظام الأسد منذ سنوات بأنه كان القوة المحركة وراء تجارة عالمية في الكبتاغون تُقدّر بنحو عشرة مليارات دولار سنويًا، وقد استخدم الأسد تلك الأموال للحفاظ على حكمه ومكافأة للموالين له.
وقالت الخبيرة كارولين روز، لصحيفة "وول ستريت جورنال"، إن "هذا يثبت تمامًا أن النظام كان متورطًا بشكل منهجي في إنتاج وتهريب الكبتاغون، حيث تمكن نظام الأسد من إنشاء هذه الكيانات بأحجام ضخمة".
وأشارت إلى أن حجم القوى العاملة والموارد المطلوبة التي تم اكتشافها تُظهر حجم الاستثمار في هذه التجارة غير المشروعة التي شاركت فيها كافة أجهزة النظام، من الأجهزة السياسية والأمنية وشبكات المحسوبية.
وقالت الأستاذة المساعدة في المعهد الوطني لبحوث الأدوية (مقره ملبورن)، جامعة كيرتن، نيكول لي، في مقال نشرته بموقع "كونفرزيشن"، إنه عقب سقوط نظام الأسد في سورية، تم الكشف عن مخزونات كبيرة من مخدر الكبتاغون غير المشروع، وأشارت إلى أنه تم التأكد من أن مخازن ومخزونات الكبتاغون المنتجة التي عثر عليها الثوار السوريون تابعة لمقرات عسكرية وأمنية لنظام الأسد، ما يشير إلى تورط النظام الساقط في تصنيع وتوزيع المخدرات.
ويقول الخبراء إن اقتلاع تجارة الكبتاغون لن يقلل الطلب المتزايد على المخدرات في الشرق الأوسط.
وهاجمت هيئة تحرير الشام، التي قادت الهجوم الخاطف الذي أطاح بالأسد، تجارة الكبتاغون واعتبرتها "مثالًا على الفساد الأخلاقي والمالي لنظام الأسد"، حسب بيانات صادرة عنها.
وفي خطاب النصر الذي ألقاه في مسجد الأمويين بدمشق، قال زعيم الهيئة أحمد الشرع إن الأسد "حوّل سورية إلى أكبر مصنع للكبتاغون في العالم، واليوم يتم تطهير سورية منه بفضل الله تعالى".
وتشير تقديرات غربية إلى أن تفكيك إمبراطورية الكبتاغون التابعة للأسد سيؤدي إلى الضغط على موارد حزب الله، الذي وفقًا لمسؤولين أمنيين أميركيين وعرب، سهل عمليات التهريب في المناطق الخاضعة لسيطرته، وأمّن منازل تجار المخدرات في جنوب سورية.
وساعدت الأنشطة الاقتصادية في سورية، مثل فرض الضرائب والتهريب، بما في ذلك الكبتاغون، حزب الله على تخفيف تأثير العقوبات الدولية.