ظاهرة "المستريح" لن تكون الأولى أو الأخيرة في مصر، بل أتوقع زيادتها خلال الفترة القادمة، خاصة مع تفرّغ النظام لتصفية خصومه السياسيين، وتفرغ الأمن لملاحقة المتظاهرين السلميين في الشوارع والجري وراء شباب الجامعات وطلبة المدارس.
والنتيجة هي أن أجهزة الدولة لا تعمل بكامل طاقتها لملاحقة عمليات النصب والاحتيال التي يتعرّض لها المواطن ويمارسها بعض رجال أعمال تحت مسمى شركات توظيف الأموال.
والمستريح هو رجل أعمال مصري يدعي أحمد مصطفى نجح، في غيبة الأجهزة الرقابية وعدم تطبيق القانون إلا على المعارضين للنظام، في جمع 53 مليون جنيه (6.9 ملايين دولار)، من مئات المصريين بزعم توظيفها في استثمارات، منها إنشاء مصنع للأسمدة والاستثمار العقاري وكروت شحن الموبايل، ووعد جمهوره بمنحهم عوائد كبيرة تصل إلى 11% من رأس المال شهرياً وليس سنوياً، والتزم الرجل بسداد الأرباح منذ بدء نشاطه بتلقيه الأموال في 2011، إلا أنه توقف عن السداد منذ بداية 2015 وهو ما فجر المشكلة.
ومع انهيال مئات الشكاوى من المتضررين على مكتب النائب العام المصري، أمر، أمس الأحد، بإحالة المستريح لمحاكمة جنائية عاجلة، لاتهامه بتلقّي أموال بغير ترخيص، والامتناع عن ردها.
وقبل أسابيع، تمكن صاحب شركة ستار كابيتال للخدمات المالية، هاني لطفي، من جمع ملايين الدولارات من 20 ألف مواطن بهدف توظيفها، وأقنعهم بأن الشركة توفر لهم أرباحاً شهرية تراوح بين 5.5% و7%.
شركات توظيف الأموال وجدت بيئة خصبة للنمو في مصر، فقد تراجعت أسعار الفائدة بالبنوك مع ضعف الفرص الاستثمارية المتاحة داخل المجتمع، وبات لدينا مدّخر طماع يسعى للحصول على عوائد عالية، حتى ولو كانت غير منطقية ولا تتفق مع المعايير الاقتصادية، ولدينا أيضاً مستثمر لا يجد قانوناً رادعاً، وبالتالي يمارس هواية النصب بحرية تامة.
الجديد في ظاهرة شركات توظيف الأموال التي تم الكشف عنها أخيراً بمصر، هو أن قيادات أمنية كبرى في الجيش والشرطة، كانت في مقدمة الذين تعرضوا لعمليات نصب من قبل هذه الشركات، وهو ما يعني أن باب النجار مخلّع يحتاج لإصلاح.
اقرأ أيضاً:
رجال أعمال مصريون يبتزون موظفيهم لإنقاذ السيسي باللحظة الأخيرة
مصر..النائب العام يحيل رجل أعمال للجنائيات بتهمة النصب