بدأ التحالف السياسي المعارض في باكستان المسمى بـ "تحالف الديمقراطية" الذي يضم 11 حزباً سياسياً ودينياً في باكستان، حراكه الشعبي من أجل الإطاحة بحكومة رئيس الوزراء عمران خان، وذلك باجتماعات ومهرجانات شعبية في كل من مدينة كوجرنواله في إقليم البنجاب في الـ16 من الشهر الجاري، وفي كراتشي في الـ18، وسوف تتوالى سلسلة الاجتماعات في المدن، قبل النزول إلى الشارع وتنظيم مسيرات وإضرابات، وهي المرحلة الأساسية في الحراك ضد الحكومة.
وتدّعي المعارضة أن الحكومة فشلت في تلبية مطالب المواطن، تحديداً فيما يتعلق بالوضع المعيشي والاقتصادي، لذا بإمكانها إسقاط الحكومة بحلول العام المقبل، لأن المواطن الباكستاني متضايق من غلاء الأسعار وتفشي البطالة. علاوة على تدهور قيمة الروبية الباكستانية مقابل العملة الصعبة، مما له آثار كبيرة على حياة المواطن اليومية.
في هذا الصدد، يقول الإعلامي المخضرم في باكستان حامد مير تعليقاً على تحرك المعارضة ضد الحكومة، إن الوضع المعيشي وغلاء الأسعار يجعلان الحكومة على المحك، مؤكداً أن بين كل عشرة من المواطنين الذين شاركوا في مهرجانات المعارضة حتى الآن خمسة منهم خرجوا نتيجة الولاء مع الأحزاب السياسية، والباقين بسبب الفقر والبطالة وغلاء الأسعار وندرة الاحتياجات اليومية، ملخصاً القول بأن الحكومة تسببت في انضمام المواطن إلى صف المعارضة، موضحاً أن عددا من المشاركين في اجتماعات المعارضة قالوا له إنهم خرجوا ليصغوا إلى قيادة المعارضة عله يسمع منهم خبرا جيدا حيال حياتهم اليومية.
في هذا الصدد، يقول المحلل السياسي مظهر عباس إن المواطن الباكستاني متضايق جداً من حياته المعيشية، تحديداً موجة غلاء الأسعار، فهو سيخرج إلى الشارع ويشارك في مهرجانات المعارضة التي هدفها تحريك المدن قبل المسيرة أو الحراك صوب العاصمة، لأنه لا مفر له من الحالة الراهنة، لافتاً إلى أن الحكومة الباكستانية عليها أن تصب اهتمامها الكامل إزاء تغير الحالة المعيشية والاقتصادية في باكستان، لأنها وصلت إلى ذروتها ولا يمكن للمواطن أن يتحمل أكثر، ذلك بدلاً من أن تبذل جهودها من أجل التصدي للمعارضة وتنشغل بما تفعله المعارضة ضدها، مؤكداً أن الأزمات تتكاثر وتتفاقم في وجه الحكوم
ورغم كل ذلك، لا يرى مظهر عباس أن تتمكن المعارضة من إسقاط الحكومة وأن تنجح في الوصول إلى مبتغاها، ذلك لأمور عدة: أولا: لأن تغيير الحكومة ليس في صالح الشعب، كما أن المؤسسة العسكرية، وهي التي لها يد طولى في سياسات باكستان قد لا تسمح بأي تغيبر غير دستوري، وهذا ما ترتضي به شريحة كبيرة من الشعب، لأن مجرد تغير الحكومة ليس الحل، على حد قوله.
لكن المعارضة الباكستانية، التي اتخذت بطاقة الاقتصاد والمعيشة في يدها للتحرك ضد الحكومة، تدّعي أنها تملك شعبية تكفيها لأن تسقط الحكومة بنهاية العام الجاري. القيادية في حزب الرابطة الإسلامية مريم نواز، وهي بنت رئيس الوزراء السابق نواز شريف، التي تقود حزب الرابطة الإسلامية جناح شريف بعد اعتقال عمها شهباز شريف في قضايا فساد بينما والدها يعيش في لندن لتلقي العلاج، قالت في مهرجان شعبي للمعارضة في مدينة كراتشي، إن الحكومة ستنتهي قصتها بنهاية ديسمبر/كانون الأول، لأنها أخذت من المواطن لقمة العيش، وهي ليست قادرة على أن تفعل شيئا حيال ما يعيشه المواطن من الوضع المأساوي، بالتالي المواطن سوف ينتفض والمعارضة تنظم ذلك.
كما يحذّر زعيم التحالف المعارض المولوي فضل الرحمن من تدهور الحالة أكثر إذا ما استمرت الحكومة في أعمالها ولم يتم الإطاحة بها، ممثلاً، في كلمة له في اجتماع كراتشي، بما حصل للاتحاد السوفييتي نتيجة تدهور حالتها الاقتصادية، مؤكداً أن الاتحاد السوفييتي كان من أقوى الدول من الناحية العسكرية، لكنه تفتت بسبب الحالة المعيشية. ثم يتساءل حول قيمة الروبية الباكستانية مقابل العملة الصعبة.
في مقابل ذلك، ترى الحكومة الباكستانية أن كل ما تقوم به المعارضة لا جدوى منه ولا يشكل خطراً عليها. في هذا الصدد، يقول وزير التكنولوجيا فواد شودري، وهو من أقرب الشخصيات لرئيس الوزراء الباكستاني عمران خان، في بيان، إن المعارضة أثبتت فشلها في الاجتماعين الأولين، حيث إنها لم تحرك المواطن ولم تخرجه إلى الاجتماع، فكيف لها أن تخرجه للتحرك من أجل إسقاط الحكومة. مضيفاً أن تجمع بضعة آلاف شخص من قبل 11 حزباً سياسياً ودينياً يعتبر فشلا ذريعا لها، وهي تثبت أنها لا تستطيع شيئاً إزاء الحكومة، وهي ماضية في عملها من أجل الوصول إلى الأهداف المنشودة.
كما يؤكد شودري أن الوضع المعيشي في البلاد ليس مثاليا وهناك مشاكل، غير أن الحكومة سارية في العمل وقد أنجزت الكثير، لكن هناك أمورا فرضت عليها من خلال ما توارثتها من الملفات الشائكة من الحكومات السابقة والتي كانت تقودها أحزاب المعارضة، كما أن لجائحة كورونا تبعات أخرى، معتبراً ما تدّعيه المعارضة من تفشي البطالة وتدهور الحالة خلال سنتين ماضيتين مجرد اتهام.
كما يعتبر رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان حراك المعارضة مجرد سعي، لتخلص قياداتها من ملاحقات قضائية في ملفات الفساد، ولكن الحكومة لن تتنازل عن سياستها إزاء الضالعين في الفساد واختلاس الأموال، مهما فعلت تلك الأحزاب، تحديداً حزب الرابطة الإسلامية جناح رئيس الوزراء السابق نواز شريف، وحزب الشعب الباكستاني الذي يقوده الرئيس الباكستاني الأسبق آصف علي زرداري، لأن العديد من قيادات الحزبين تواجه ملفات الفساد والاختلاس وتهريب الأموال. كما لفت خان إلى أن المعارضة ترغب أن تتعامل الحكومة معها وفق قانون المصالحة الوطنية، كي تتبرأ قياداتها من ملفات الفساد ولكنه لن يفعل ذلك. وكان قانون المصالحة الوطنية قد سنتها حكومة الرئيس العسكري السابق الجنرال برويز مشرف في أكتوبر من عام 2007، والذي بموجبه تركت الحكومة متابعة ملفات فساد مالية تتعلق بالقيادات في الأحزاب السياسية الباكستانية.
وكانت الحكومة قد أقدمت على اعتقال زعيم المعارضة في البرلمان شهباز شريف، شقيق رئيس الوزراء السابق نواز شريف، والرئيس الباكستاني الأسبق آصف علي زرداري، في قضايا الفساد المالي. علاوة على ذلك، طلبت الحكومة من رئيس الوزراء الباكستاني السابق نواز شريف أن يحضر أمام المحكمة بعد أن تلقى العلاج في لندن، لأنها سمحت له بالخروج إلى للعلاج وليس للبقاء والعيش هناك. لقد أشار رئيس الوزراء عمران خان، في بيان له، إلى أن الحكومة مصممة على استرجاع نواز شريف إلى البلاد، خاصة أنه وجّه اتهامات شديدة لقائد الجيش الجنرال قمر جاويد باجوه، وقال خان إن شريف سيأتي إلى البلاد وسيواجه المحاكم وسيدخل السجن مرة أخرى، ولكن هذه المرة مع الناس العاديين وليس في سجن خاص كما كان سابقاً.
بهذا الخصوص، وجّه مستشار رئيس الوزراء عمران خان، شهزاد أكبر، رسالة إلى الحكومة البريطانية وطلبت منها المساعدة في عودة نواز شريف إلى البلاد لمواجهة المحاكم، مؤكداً أن إسلام أباد تتطلع أن تلعب لندن دورها في مساعدة باكستان في ملاحقة الضالعين في الفساد المالي.