صدّق البرلمان الجزائري، اليوم الثلاثاء، على موازنة البلاد لسنة 2023، التي تُعَدّ الأضخم منذ الاستقلال قبل 6 عقود، وذلك بأغلبية أصوات النواب البالغ عددهم 407 نواب.
ورصدت الحكومة الجزائرية موازنة ضخمة، بقيمة 13.76 تريليون دينار (نحو 98.5 مليار دولار)، بزيادة قدرها 24.5 مليار دولار عن موازنة 2022 (74 مليار دولار) و36.5 مليار دولار عن موازنة 2021 (62 مليار دولار).
وحملت الموازنة التي ناقشها البرلمان طوال الأسبوع المنصرم، سقف تفاؤل عالياً للحكومة الجزائرية، عبر المؤشرات التي قدمها وتوقعها للأعوام الثلاثة المقبلة للاقتصاد الجزائري، على عكس العامين الماضيين، وسط خلوها من ضرائب جديدة على المواد الاستهلاكية أو الطاقية.
اللافت في موازنة الجزائر للسنة القادمة، خلوها من أي ضرائب جديدة تمس جيوب المواطنين، ولم تلجأ الحكومة إلى أي مراجعة للضرائب والرسوم
ومن المؤشرات التي قدمتها موازنة حكومة أيمن بن عبد الرحمن لعام 2023 توقعها معدل نمو بـ4.1% في مقابل 3.3% إلى 3.8% في موازنة 2022، وتوقعت استمرار ارتفاع نسبة النمو عام 2023 إلى 4.1% و4.4% عام 2024.
إلا أن نسبة التضخم التي توقعتها الحكومة الجزائرية للعام المقبل كانت أكبر بمعدل 5.1%، في مقابل 4.9% بموازنة 2022.
واعتمدت الحكومة الجزائرية في موازنتها على سعر مرجعي للنفط قُدر بـ60 دولاراً للبرميل، مرتفعاً بـ15 دولاراً للبرميل عن موازنة 2022 (45 دولاراً)، ما يعني بقاء اعتماد موازنة الجزائر على الريع النفطي، الذي يستفيد هذا العام من الارتفاع القياسي في أسعار النفط والغاز بالأسواق العالمية نتيجة الصراع الدائر في أوكرانيا.
وأظهرت الموازنة "الضخمة" تصدر ميزانية وزارة الدفاع قائمة الاعتمادات المعتمدة من طرف الحكومة الجزائرية، لسنة 2023، بـ22.7 مليار دولار، ثم وزارة المالية بـ22.4 مليار دولار، والداخلية بنحو 7.1 مليارات دولار، فيما حلّ قطاع التعليم والتربية رابعاً في المخصصات المالية لعام 2023 بحوالى 8.3 مليارات دولار.
استفاد قطاع الصحة من موازنة إضافية وصلت إلى 4.2 مليارات دولار في مشروع موازنة عام 2023
كذلك كان بارزاً ارتفاع موازنة وزارة العمل والتشغيل إلى نحو 7.2 مليارات دولار، وعزت الحكومة الارتفاع إلى استحداث منحة البطالة التي أقرها الرئيس الجزائري في فبراير/شباط الماضي المقدرة بنحو 85 دولاراً، التي يستفيد منها مليون و839 ألفاً.
واستفاد قطاع الصحة بدوره من موازنة إضافية وصلت إلى 4.2 مليارات دولار في مشروع موازنة عام 2023.
واللافت في موازنة الجزائر للسنة القادمة، خلوها من أي ضرائب جديدة تمس جيوب المواطنين، ولم تلجأ الحكومة إلى أي مراجعة للضرائب والرسوم المباشرة أو غير المباشرة المُطبقة على استهلاك المواد الغذائية أو الطاقة، فيما أقرت حكومة أيمن بن عبد الرحمن إعفاءات ضريبية عدة للشركات الصغيرة والناشئة.
كذلك كشفت موازنة 2023 تفاصيل استيراد السيارات المستعملة من جانب المواطنين بغرض الاستخدام الشخصي، لمواجهة ارتفاع الطلب محلياً على المركبات.
وبجانب الإنفاق السخي للحكومة في الموازنة على الوزارات والمشروعات، فإن القلق من تراجع الدينار الذي فقد نحو 6% من قيمته هذا العام، ربما دفع الحكومة إلى تضخيم حجم الموازنة، وفق محللين اقتصاديين.
وقال الخبير الاقتصادي جمال نور الدين في تصريح لـ"العربي الجديد" إن "الحكومة تريد تحقيق نوع من الإقلاع الاقتصادي الذي وعد به الرئيس تبون مطلع 2020، بعدما بدأت إغلاقاً منذ 2017 زادت حدته في 2019 مع خروج الحراك الشعبي، وكذلك جائحة فيروس كورونا التي بدأت بالظهور في 2020".
وأضاف نور الدين أنه بجانب الأسباب الاقتصادية تستهدف الحكومة أبعاداً اجتماعية أيضاً، لافتاً إلى أن الرئيس الجزائري أعطى تعليمات في أكثر من مناسبة بضرورة التركيز في 2023، على الحالة الاجتماعية للمواطن من صحة وسكن ودراسة، وقدرة شرائية، ما يبرر مضاعفة ميزانية الصحة والتعليم والتشغيل.
وتابع: "أظن أن الحكومة في أريحية مالية حتى الآن، فهي تتوقع ارتفاع عائدات النفط من 27 مليار دولار السنة الماضية إلى أكثر من 50 مليار دولار نهاية السنة الحالية تضاف إليها عائدات الغاز، وبالتالي هناك هامش حركة مريح، لكنه ليس كافياً إذا أسرفت الحكومة في الإنفاق، لذلك نتوقع الذهاب إلى موازنة تكميلية سنة 2023، لمعالجة الاختلالات المالية إن وجدت".