بريطانيا: ارتفاع الإسترليني والأسهم عقب استقالة جونسون

07 يوليو 2022
تأثير محدود جداً على سوق العملات والأسهم في المملكة المتحدة (Getty)
+ الخط -

بعد موافقة رئيس مجلس الوزراء البريطاني بوريس جونسون على الاستقالة من منصبه، ارتفع الجنيه الإسترليني قليلا وسجل 1.198 دولار، بارتفاع نصف سنت، لكنه لا يزال قريبا من أدنى مستوياته منذ الوباء، متأثرا بمخاوف الركود، كما شهد مؤشر الأسهم "فوتسي 100" للأسهم القيادية صباحا قويا مرتفعا نحو 1.2%. 

يأتي ذلك في أعقاب موجة أخرى من الاستقالات الوزارية هذا الصباح، بمن فيهم وزير إيرلندا الشمالية براندون لويس، وضربة المستشار المعين حديثا نديم زهاوي الذي دعا جونسون إلى الاستقالة.

مع ذلك، يرى مستثمرون وخبراء في السوق البريطاني أنّ نهاية فترة ولاية بوريس جونسون كرئيس للوزراء ستقلص الفوضى السياسية، لكنها لن تصلح المشكلات الاقتصادية العميقة التي يعانيها اقتصاد المملكة المتحدة.

وكان رد فعل السوق الفوري إيجابيا، حيث ارتفع الجنيه مرة أخرى فوق 1.2 دولار. وارتفع مؤشر فوتسي 100 جنبا إلى جنب مع بقية مؤشرات الأسهم العالمية.

ومن المتوقع على نطاق واسع أن يتحرك بنك إنكلترا المركزي أبطأ من بنك الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) في تشديد السياسة بسبب ضعف الاقتصاد البريطاني. وبالنسبة لمتداولي العملات، فإن فجوة أسعار الفائدة هذه تجعل الجنيه الإسترليني أقل جاذبية.

في السياق، يقول ديرموت أوليري، كبير الاقتصاديين في "غودبادي" المتخصصة في إدارة الثروات والأصول والخدمات المصرفية الاستثمارية، إنه "في الظروف الاقتصادية العادية، لن يكون للخداع السياسي تأثير كبير كما رأينا خلال الـ24 ساعة الماضية، لكننا لسنا في الأوقات الاقتصادية العادية، وسيتعين على الحكومة اتخاذ القرارات الرئيسية خلال الأشهر الثلاثة أو الأربعة المقبلة، ومن المحتمل أن يؤثر هذا الغموض السياسي على هذه القرارات.

كما أشار إلى التدابير المالية التي يجب إدخالها للتعامل مع ضغط الدخل الحقيقي، بما في ذلك بروتوكول أيرلندا الشمالية وقضايا أمن الطاقة لاقتصاد المملكة المتحدة هذا الشتاء.

البنك المركزي الإيرلندي يحذر من تجاوز التضخم 10%

على خط منفصل، حذر البنك المركزي الإيرلندي من أن التضخم قد يبلغ ذروته في الأشهر المقبلة ليتخطى 10%، لكن يجب أن يبدأ في الانخفاض بعد ذلك.

كذلك حذرت هيئة الرقابة المالية المستقلة في المملكة المتحدة من أن المالية العامة تسير على مسار طويل الأجل "غير مستدام".

ضغوط إضافية على الموازنة البريطانية

وفي أحدث تقييم له، قال مكتب مسؤولية الميزانية إن المالية العامة ستتعرض لمزيد من الضغوط بسبب شيخوخة السكان وفقدان ضرائب السيارات الحالية، حيث يتم التخلص التدريجي من سيارات البنزين والديزل.

ويعد التقرير تحذيرا في الوقت المناسب للتحدي الذي تواجهه الحكومة الحالية والإدارات المستقبلية أثناء توجيهها للمالية العامة من خلال صدمات مستقبلية حتمية، مع إدارة ضغوط البناء البطيء المتعددة.

الدين الحكومي البريطاني مرشح للارتفاع

ويحذر المكتب من أن مستويات الدين الحكومي قد ترتفع إلى أكثر من ضعف الناتج المحلي الإجمالي ما لم تكن هناك زيادات ضريبية أو تخفيضات في الإنفاق. وهذا الحديث عن التخفيضات الضريبية قد يثبط أولئك الذين يسعون لمنصب رئاسة الوزراء بديلا من جونسون.

في السياق، يقول نعيم أسلم، من شركة "أفاتريد"، وسيط تداول العملات الأجنبية في دبلن: "ارتفع الجنيه الإسترليني على خلفية الأخبار التي تحدثت عن مغادرة بوريس المكتب. وليس هناك شك في أن جونسون قد خذل الجمهور في مناسبات عديدة، وحقيقة أنه سيغادر تساعد العملة ومؤشر فوتسي 100 في الوقت الحالي".

وتابع أنه مع ذلك، ازداد عدم اليقين السياسي، حيث سيبدأ تشغيل عدد كبير من الأوراق السياسية، إذ قد يحاول رئيس الوزراء الجديد إقناع الجمهور بتبني سياسة مالية أكثر مرونة مما قد يجعل مهمة بنك إنكلترا أكثر صعوبة.

تأثير ضئيل لاستقالة جونسون على بورصة بريطانيا

ويوافق جاي فوستر، كبير الاستراتيجيين في شركة إدارة الثروات "بروين دولفين" (واحدة من أكبر شركات إدارة الثروات البريطانية)، على أن المغادرة الوشيكة لجونسون سيكون لها تأثير محدود في سوق الأسهم في لندن. ورغم أن حدث وستمنستر هذا قد يبدو بالغ الأهمية، إلا أن تأثيره ضئيل للغاية في الأسواق المالية. ولا يمكن ملاحظة التأثير على تجار النبيذ في وستمنستر ومُجددي الشقق في أداء فوتسي 100.

ويضيف جاي أن رحيل رئيس الوزراء الوشيك كان متوقعا للغاية، كما من الواضح أنه لن يؤدي إلى تغيير جذري في السياسة، معتبرا أن "أكثر ما يمكن للمرء أن يقوله هو أن رئيس الوزراء المحافظ الجديد سيكون له على الأرجح نهج محافظ ماليا بالمقارنة مع نهج جونسون، لكننا لا نعرف إلى أي مدى".

وأوضح أنه بالنسبة للشركات الأكثر تركيزا على الصعيد المحلي، ليس من الواضح ما إذا كان سيكون هناك أي تأثير مادي.

أداء السندات البريطانية يتجاوز الأوروبية

بيد أن التحركات على الجنيه كانت هامشية، وتفوقت السندات الحكومية البريطانية على مثيلاتها في الدول الأوروبية الأخرى، فيما لا تزال إمدادات الغاز والحرب في أوكرانيا العامل الأكثر أهمية في تحديد أداء السندات الأوروبية النسبية، حسبما قال.

ويكمل أن الطفرة في شركات التعدين هي العامل الرئيسي الذي دفع الأسهم إلى الارتفاع في لندن، بدلا من استقالة جونسون التي تلوح في الأفق.

وتؤكد رويترز أن الآمال في إجراء تحفيز جديد في الصين هي التي ترفع الأسواق، بينما نقلت "بلومبيرغ" عن مصادر لم تسمّها أن وزارة المالية الصينية تدرس السماح للحكومات المحلية ببيع 1.5 تريليون يوان (186 مليار جنيه إسترليني) من السندات في النصف الثاني، وهو تسريع لتمويل البنية التحتية بهدف دعم الاقتصاد.

إلى ذلك، يقول هريس بوشامب، كبير محللي السوق في "أي جي غروب"، إن مستقبل الجنيه الإسترليني لا يزال قاتما، ويبحث عن أي مبرر للارتداد أمام الدولار بعد هبوطه في الآونة الأخيرة.

سيارات
التحديثات الحية

لكن قرار جونسوه بالاستقالة يزيل على الأقل بعض عدم اليقين، وعلى المدى الطويل لا تزال التوقعات قاتمة للجنيه لذلك من غير المرجح أن يستمر هذا الارتداد، وفق تعبيره.

أمّا وليد قودماني، كبير محللي السوق في شركة الوساطة المالية "إكس تي بي"، فيقول إن المدينة ستشعر بالارتياح لأن جونسون استقال.

وقال إن "استقالة جونسون من منصب رئيس الوزراء ستريح المستثمرين، لأنها تحد من حالة عدم اليقين حيال أداء الحكومة، وقد رأينا بعض عمليات الشراء الفورية للجنيه الإسترليني التي ارتفعت مقابل اليورو حيث تفاعل المستثمرون مع أنباء استقالته الوشيكة".

وارتفع الجنيه الإسترليني بنسبة 0.25% مقابل اليورو هذا الصباح إلى أعلى مستوياته منذ منتصف يونيو/حزيران عند 1.174 يورو، إضافة إلى ارتفاعه مقابل الدولار.

ويضيف قودماني: "ومع ذلك، سيواجه خليفة جونسون تحديا هائلا، إذ لا يزال الجنيه ضعيفا للغاية بسبب الحالة المزرية للاقتصاد البريطاني الذي يعاني من ضعف أداء نظرائه، ومن المرجح أن يدخل في ركود، بينما يرفض بنك إنكلترا رفع أسعار الفائدة بقوة للتعامل مع التضخم المتصاعد".