تزدهر صناعة المياه المعبّأة في العالم، حيث من المتوقع أن تصل عائداتها إلى 324.4 مليار دولار خلال العام 2023 وسط توقعات بوصولها إلى نحو 420 مليار دولار بحلول عام 2029.
ويستمرّ هذا القطاع في المملكة المتحدة بالازدهار، بالرغم من استمرار تصاعد المخاوف بشأن التلوث البلاستيكي والاستدامة.
ويعد قطاع المياه المعبأة في المملكة المتحدة أحد أكبر القطاعات في أوروبا.
وبهدف الحدّ من الاستهلاك المفرط للمياه المعبأة الذي يصل حاليًا إلى ما يقرب من 10 ملايين زجاجة يوميًا في بريطانيا، يدعو نشطاء إلى معالجة أزمة التلوث البلاستيكي، من خلال تدابير تنظّم الإعلانات التجارية عن المياه المعبأة وفرض ضريبة قدرها 10 بنسات على العبوات المغلفة.
وعلى مرّ السنين، تصاعد نصيب الفرد من الاستهلاك من 300 مل فقط للفرد في منتصف السبعينيات إلى 37 لترًا للفرد في عام 2021، كما أوضح ريتشارد ليم، الرئيس التنفيذي لاتحاد اقتصاديات التجزئة.
وشدّد، أثناء ندوة، على الضرورة الملحّة لإجراء التغييرات اللازمة لمعالجة هذه المشكلة قبل أن تصل إلى نقطة اللاعودة.
وأعرب ديفيد هول، المدير الإداري لشركة بريتا التي تصنّع منتجات تنقية المياه، عن مخاوفه، واعتبر أنّ المياه المعبأة في زجاجات من البلاستيك وصمة في مجتمعنا.
كما شدّد في تصريحات على الحقيقة المقلقة التي تتطلّب ثواني لإنتاج المياه البلاستيكية المعبأة في زجاجات، بينما تستغرق 500 عام حتى تتحلل في مدافن النفايات.
توقعات بنمو القطاع
ومن المتوقع أن تشهد العلامات التجارية المائية البارزة معدل نمو يزيد عن 10% في السنوات الأربع المقبلة، رغم المخاوف بشأن التلوث البلاستيكي.
ويترجم هذا النمو بزيادة تقدر بنحو 280 مليون زجاجة إضافية، كما يتضح من دراسة جديدة صادرة عن شركة "الاستشارات ريتيل إيكونوميكس"، مؤكدة أن الإعلان عن العلامة التجارية يلعب دورًا مهمًا في تعزيز جاذبية المياه المعبأة واستحسانها.
ويشير إلى أن إنشاء علامات تجارية متميزة كان القوة الدافعة وراء الارتفاع الكبير في استهلاك المياه المعبأة في زجاجات بالمملكة المتحدة.
وبالرغم من أن العديد من الأشخاص أصبحوا يستخدمون زجاجات المياه القابلة لإعادة الاستخدام، إلا أن الدراسة كشفت أن ما يزيد قليلاً عن نصف سكان المملكة المتحدة، حوالي 51% لا يزالون يستهلكون المياه المعبأة أسبوعياً أو بشكل متكرّر.
والجدير بالذكر أن معدل استهلاك المياه المعبأة هو الأعلى بين جيل الألفية، حيث يشرب 61% من هذه المجموعة السكانية المياه المعبأة مرة واحدة على الأقل أسبوعياً. وتستند هذه النتائج إلى حجم عينة أكثر من 2000 أسرة.
وكشفت نتائج الدراسة عن أنّ استهلاك أكثر من نصف المياه المعبأة يحدث داخل حدود المنازل أو أماكن العمل، حيث يمكن الوصول إلى مياه الصنبور بسهولة.
أزمة التلوث
ووجدت الدراسة أن 90% من المياه المعبأة على أرفف السوبر ماركت النموذجية لا تزال مغلفة بالبلاستيك. هذا يعني أنه يتم إنتاج ما يقرب من مليون قطعة من العبوات البلاستيكية كل يوم، حيث تتراكم عبوات بلاستيكية فوق عبوات بلاستيكية للمياه المعبأة.
ووفقا للدراسة، فإن عدداً قليلاً من الشركات الكبيرة يسيطر على سوق مبيعات المياه المعبأة في بريطانيا، بما في ذلك، "هايلاند سبرينغ" و "دانون" التي تمتلك "فولفيك وإيفيان" و "نستله" مالكة المياه المعدنية "باكستون".
وأوصت الدراسة بأن تُعدّ هيئة معايير الإعلان وهيئة المنافسة والأسواق تقريراً شاملاً، للمطالبات وبيانات الاعتماد البيئية التي قدّمتها شركات تصنيع المياه المعبأة.
علاوة على ذلك، تقترح الدراسة أن تعالج الحكومة المياه المعبأة بطريقة مماثلة للأطعمة الغنية بالدهون أو الملح أو السكر المبيعة في إنكلترا، وإزالتها من مواقعها الدائمة والبارزة في متاجر البيع بالتجزئة.
وفي ما يتعلق بالتعبئة والتغليف، ترى الدراسة أن الأغلفة المستخدمة في العبوات المتعددة تشبه الأكياس البلاستيكية وتجب معاملتها على هذا النحو، ومن ثم اقترحت تطبيق رسوم 10 بنسات في إطار رسوم الأكياس البلاستيكية الحالية أو تصنيفها في نفس فئة البلاستيك المحظور.
الشركات تدافع عن نفسها
من جهته، دافع متحدث باسم شركة دانون في المملكة المتحدة وأيرلندا عن علامتيه التجاريتين، "إيفيان وفولفيك"، وقال إنها تمكّن المستهلكين من اتخاذ خيارات ترطيب صحية بشكل ملائم.
وأضاف في تصريحات إعلامية، أنّ الشركة تلتزم باستخدام البلاستيك المعاد تدويره بنسبة 100% في عبواتها بحلول عام 2025 في المملكة المتحدة وأيرلندا.
وأكد المتحدث أيضًا أهمية زيادة معدلات إعادة التدوير والحاجة إلى خطّة موحدة لإعادة الودائع لمعالجة المخاوف البيئية.
كذلك أعرب عن مخاوفه من أن القيود المفروضة على الإعلان عن فئة المياه المعبأة يمكن أن تدفع المستهلكين عن غير قصد نحو خيارات مشروبات أقل صحة.
كذلك، أكد متحدث باسم جمعية مصادر المياه الطبيعي (NSWA) وهي الهيئة التجارية التي تمثل صناعة المياه المعبأة في بريطانيا لصحيفة "ذا غارديان" الأسبوع الماضي، أنّ أعضاءها يعملون بدأب على تقليل البصمة الغذائية الخاصة بهم، مما يدل على التزامهم بمعالجة المخاوف البيئية.
تؤكد تصريحات القائمين على صناعة المياه المعبأة، أن الموازنة بين الربحية والاستدامة أصبحت الآن أولوية قصوى حيث يسعون إلى إيجاد حلول مبتكرة لتقليل بصمتهم البيئية.
بيد أنّه مع استمرار نمو وعي المستهلك، قد تلعب قدرة الصناعة على التكيف مع التوقعات المتغيرة واحتضان الممارسات المستدامة دورًا حاسمًا في تشكيل نجاحها على المدى الطويل في المشهد الاقتصادي والتجاري المتطور.