بعد نحو ثلاثة عقود يحاول البنك المركزي الصومالي استعادة دوره في ضبط وسير عمل البنوك المحلية في البلاد، والتي تفوق 20 بنكاً توفر خدمات متعددة للمواطنين الصوماليين، وأصبحوا بديلاً عن خدمات البنك المركزي منذ انهيار الدولة في البلاد عام 1991، مما أدى إلى تفكك النظام المالي وأتاح الفرصة للنمو لأنظمة مالية من القطاع الخاص.
هذا فضلاً عن بنوك ذات طابع خاص تتمتع إداراتها باستقلال ذاتي مثل كيان أرض الصومال (أعلنت الانفصال عن الصومال عام 1991) وبونتلاند التي تأسست عام 1998.
وفي هذا الإطار دشن البنك المركزي الصومالي، الثلاثاء الماضي، آلية موحدة للدفع بين البنوك المحلية، وذلك في مناسبة حضرها نائب رئيس الوزراء مهدي محمد جوليد، وكل من وزير المالية عبد الرحمن دعالي بيلي، ووزير التخطيط جمال محمد حسن، وممثلون عن مجلس البنوك الصومالية.
البنك المركزي الصومالي، يدشن آلية موحدة للدفع بين البنوك المحلية في اطار خطة لاستعادة النظام المالي بعد ثلاثة عقود من الغياب
ووفق مراقبين، فإن طريقة الدفع الموحدة، هي آلية مالية وقانونية تتيح للبنوك المحلية تعاملات مالية في ما بينها، وتسهم في تسهيل الإجراء وتمثل طوق أمان للبنوك، من خلال ترتيبات وضمانات يقدمها البنك المركزي؛ حيث لم يكن متاحاً من قبل للبنوك الصومالية القدرة على التحويلات المالية المباشرة في ما بينها، ما كان يعقد المعاملات والمراسلات المالية بين المواطنين والتجار والمستثمرين.
وقال مدير البنك المركزي الصومالي، عبد الرحمن محمد عبد الله، في تصريح صحافي لوسائل الإعلام المحلية، إن هذه الخطوة تأتي في خضم جهود تعافي البلاد وسبل استعادة النظام المالي بعد ثلاثة عقود من الغياب، وأن هذا يوم تاريخي، يتوفر للبلاد نظام يوحد جميع المعاملات المالية ويسهل طريقة التعاملات المالية، والمستفيد الأول من هذا النظام هو المواطن، وكذلك ملاك البنوك، ويتوقع أن يرفع الدخل وستصبح المعاملات الأكثر أماناً وهذا سيفيد الدولة.
ويعمل في الصومال أكثر من 20 بنكاً معظمها بنوك مملوكة من القطاع الخاص، وأبرزها بنوك دهبشيل والأمل والصومال العالمي وبريمير. ولا تعد البنوك الرسمية في الصومال، على المستوى الفيدرالي والولايات الفيدرالية، أيضا، ذات وزن كبير في السوق المالي باستثناء صرف رواتب الموظفين بالقطاع العام وبعض معاملات الحكومة.
وفي هذا السياق، يقول الباحث الاقتصادي، عمر علي باشا، لـ"العربي الجديد" إن "هذه خطوة أساسية في سبيل تنظيم سوق المال في الصومال بشكل عام وخطوة مهمة تدعم جهود إعفاء الصومال من الديون (5.4 مليارات دولار)".
لكنه يضيف أن هذه الآلية الجديدة ستبقى مشروعاً ناقصاً ما لم يشمل جميع الأقاليم الفيدرالية أولا، مما يلزم تعاوناً وثيقاُ بين الحكومة المركزية والإدارات المحلية".
يعمل في الصومال أكثر من 20 بنكاً معظمها بنوك مملوكة من القطاع الخاص، وأبرزها بنوك دهبشيل والأمل والصومال العالمي وبريمير
ويشير باشا إلى أن هذا المشروع يمكن أن يحل مشاكل إرسال الأموال من وإلى خارج الصومال أيضا، لأن الصعوبات التي يعاني منها رجال الأعمال والمواطنون في موضوع تحريك رؤوس الأموال لا تختصر في الداخل فقط بل أصعبها وأكثرها تأثيرا على الاقتصاد بشكل عام تقع في خانة النوعية الثانية".
وحسب اقتصاديين، فإن العديد من المواطنين يواجهون مشاكل في استلام أجورهم من البنوك الخارجية؛ حيث تعتمد البنوك المحلية على بنوك أجنبية أخرى كبنك وسيط لاستلام حوالاتهم، وهو ما يؤدي إلى تأخر مرتباتهم لأسابيع، أو يؤدي أحياناً إلى إرجاعها إلى البنك الأصلي، بسبب مشاكل تعقيدات في الإجراءات المالية، نتيجة المراقبة الأممية المفروضة على تحويلات المغتربين والمنظمات الأجنبية إلى الصومال، لمكافحة غسيل الأموال والحد من تدفق الأموال من الخارج إلى حركة الشباب المرتبطة بتنظيم القاعدة.
وفي هذا السياق يقول وزير المالية الصومالي، عبد الرحمن بيلي، في تصريح صحافي، إن مشروع توحيد طرق إرسال الأموال بين البنوك في الداخل وتنظيمها من قبل البنك المركزي جزء لا يتجزأ من الجهود المستمرة لإعفاء الصومال من الديون الخارجية التي تشرف عليها وزارة المالية، بتنسيق مع البنك المركزي، وهي خطة لإعادة تنظيم الاقتصاد والأسواق المالية الصومالية.
من جانبه، يقول التاجر الصومالي، بلال قاسم، لـ"العربي الجديد": لدينا الآن أكثر من حساب في البنوك المحلية، لكن هذا يستنزف وقتا كثيرا منا ومن عملائنا، خاصة عندما كانت تتم عملية التحويل يدوياً ومن خلال سحب الأموال من هذا البنك وإيداعها بنكا آخر، لكن إذا تمكنا من استلام الأموال في حساب واحد وإرسالها من نفس الحساب إلى أي حساب آخر في بنك آخر، فهذه ستسهل أعمالنا وتريحنا من تعقيدات وتعاملات مالية جمة".