- **تأثير التضخم وضعف العملات**: ارتفاع التضخم وضعف العملات في نيجيريا وأنغولا وغانا أدى إلى ضغوط اقتصادية كبيرة، مما دفع أنغولا لمضاعفة الحد الأدنى للأجور ونيجيريا لإعادة دعم الوقود جزئياً.
- **مصر وتحديات التضخم**: مصر تواجه تضخمًا مرتفعًا عند 27.5%، رغم تباطؤه للشهر الرابع. الحكومة رفعت أسعار الخبز المدعم بنسبة 300% وتبنت إجراءات تقشفية، والبنك المركزي قد يبقي على أسعار الفائدة دون تغيير لتحقيق الاستقرار الاقتصادي.
قالت بلومبيرغ اليوم الأربعاء إنه من غير المرجح أن تتبع البنوك المركزية الأفريقية، التي من المقرر أن تتخذ قراراً بشأن أسعار الفائدة في الأسابيع الثلاثة المقبلة، موجة التيسير العالمية، حيث تحافظ تلك الاقتصادات على سياساتها المتشددة، في ظل استمرار ارتفاع معدلات التضخم لديها، واستمرار تعرض عملاتها المحلية لضغوط. وقالت أنجيليكا غوليغر، كبيرة الاقتصاديين في إرنست آند يونغ أفريكا للاستشارات المالية والأبحاث: "الصورة العامة هي الحذر والاعتماد على البيانات، حيث تراقب البنوك المركزية عن كثب معدلات التضخم واتجاهات العملة". ويتوقع المحللون أن تقوم نيجيريا وأنغولا، أكبر منتجي النفط في منطقة جنوب الصحراء الكبرى في أفريقيا، واللتين لا تزالان تعانيان من تضخم يتجاوز 10% ومن ضعف عملتيهما أمام الدولار، بزيادة أسعار الفائدة القياسية، في اجتماع السياسة النقدية القادم. لكن، تقول بلومبيرغ، من المتوقع أن تبقي جنوب أفريقيا ومصر وكينيا وغانا على أسعار الفائدة الرسمية، في حين أنه من المتوقع أن تستمر موزامبيق، وهي حالة استثنائية في أفريقيا، في خفض تكاليف الاقتراض.
وتتباين أسباب ترجيح تخلف الدول الأفريقية عن ركب تيسير السياسات النقدية العالمي، وإن كان أغلبها يدور حول استمرار ارتفاع التضخم وضعف العملات المحلية. وكانت عملات أنغولا ونيجيريا وغانا من بين أسوأ العملات أداءً في أفريقيا هذا العام، ولا تشير التوقعات إلى انتهاء موجات ضعفها مقابل الدولار، خاصة مع استمرار تزايد الطلب على العملة الخضراء في تلك البلدان. وظهر تأثير التضخم المرتفع على الأسعار في الأسواق المحلية بوضوح، ففي نيجيريا، استقر معدل التضخم عند أعلى مستوى له في ثلاثة عقود تقريبًا. وفي أنغولا، قفز التضخم إلى أعلى مستوياته منذ سبع سنوات، وفي غانا، تباطأت عملية السيطرة التضخم بصورة لم يتوقعها البنك المركزي.
وأدى ارتفاع التضخم في هذه الدول إلى قيام أنغولا بمضاعفة الحد الأدنى للأجور إلى أكثر من 70 ألف كوانزا "79 دولاراً" في يونيو/ حزيران، كما أعادت نيجيريا دعم الوقود جزئياً، الأمر الذي وضع ضغوطاً على ماليتها العامة. وقال غبولاهان تايوو من بنك جي بي مورغان تشيس إن ضعف العملة والسياسة المالية المتساهلة تسببت في ارتفاع التكاليف، وهو ما يرجح توجه البنوك المركزية في تلك البلدان للحفاظ على موقف أكثر تشدداً لفترة أطول. وأكد محافظ البنك المركزي النيجيري أولايمي كاردوسو أن لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي ستفعل كل ما يلزم لكبح التضخم.
وقالت بلومبيرغ إنه من المرجح أن تبقي البنوك المركزية في جنوب أفريقيا ومصر على معدلات الفائدة لديها على ما هي عليه عند اجتماعها يوم الخميس عند 8.25% و27.25% على التوالي، بسبب ضغوط الأسعار الثابتة. وأوضح محافظ البنك المركزي في جنوب أفريقيا، ليسيتيا كغانياغو، أنه وزملاءه في لجنة السياسة النقدية سيكونون مترددين في خفض أسعار الفائدة حتى يعود التضخم إلى نقطة المنتصف من نطاقه المستهدف، والمقدرة بـ4.5%، على أساس مستدام. ورغم بقاء معدل التضخم السنوي في جنوب أفريقيا عند مستوى 5.2% في شهر مايو/ أيار، إلا أنه ظل أعلى من النقطة المستهدفة لأكثر من ثلاث سنوات. وقال كغانياغو في رسالة في التقرير السنوي للبنك المركزي الذي نشر الشهر الماضي إنه "من المهم أن نعيد بناء الثقة في قدرتنا على تحقيق هدفنا".
أسعار الفائدة في مصر
وقال غوليغر من "إرنست أند يانغ" إن صناع السياسات المصريين سيترددون أيضاً في خفض أسعار الفائدة، حيث لا يزال التضخم السنوي الذي تباطأ للشهر الرابع على التوالي في يونيو مرتفعاً عند 27.5%، كما أن عوامل مثل زيادة الأجور وتعديلات أسعار الوقود قد تؤدي إلى إبطاء وتيرة تراجع التضخم. وقال تايوو إن البنك المركزي المصري سيرغب أيضاً في الانتظار حتى "يهبط التضخم بشكل أكثر وضوحاً ويحقق مستوى أعلى من أسعار الفائدة الحقيقية قبل التفكير في الخفض". والأسبوع الماضي، أظهرت بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر انخفاض معدل التضخم السنوي لأسعار المستهلكين إلى 27.1% في يونيو/ حزيران الماضي، مقابل 27.4% في مايو/ أيار الماضي، وارتفاع التضخم الشهري في يونيو إلى 1.8% مقابل -0.8% في مايو، وذلك على الرغم من استمرار موجة الغلاء وحدوث زيادات في أسعار السلع والخدمات، التي كان أهمها زيادة سعر رغيف الخبز بنسبة 300% بداية من الشهر، وحدوث ارتفاعات ضخمة في أسعار الأدوية.
ورفعت الحكومة المصرية بداية يونيو الماضي أسعار الخبز المدعم لنحو 64 مليون مواطن بنحو 300% من خمسة قروش إلى 20 قرشاً، وقال رئيس الحكومة مصطفى مدبولي في مؤتمر صحافي للإعلان عن رفع السعر، إن الحكومة تعمل على خطة لتحريك أسعار الكهرباء والخبز في مصر بشكل تدريجي، بما يتناسب مع الزيادة "الرهيبة" في الأسعار، وارتفاع فاتورة الدعم بنسبة 20% إلى نحو 636 مليار جنيه (13.46 مليار دولار) في موازنة العام المالي الجديد. وأكد مدبولي أن مصر مضطرة لتحريك أسعار الخبز "لكنه سيظل مدعوماً بصورة كبيرة"، علماً بأن الخبز من السلع الأساسية التي تحظى بدعم كبير في مصر أحد أكبر مستوردي القمح في العالم.
وتبنّت مصر في مارس/ آذار الماضي إجراءات تقشفية مرتبطة بحزمة دعم مالي بقيمة ثمانية مليارات دولار من صندوق النقد الدولي في الوقت الذي تكابد فيه للسيطرة على أوضاعها المالية. وشملت تلك الإجراءات خفض قيمة العملة بعد أكثر من عامين من النقص المزمن في النقد الأجنبي. ويقول مسؤولون مصريون إنهم يضعون خفض التضخم ضمن الأولويات. وقال صندوق النقد الدولي الأسبوع الماضي إنه حدد موعداً جديداً لاجتماع فريقه مع مصر بخصوص المراجعة الثالثة لبرنامج قرض موسع من الصندوق. وقالت إيفانا فلادكوفا هولار رئيسة بعثة صندوق النقد الدولي لمصر لوكالة رويترز: "تأجل موعد اجتماع المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي بشأن المراجعة الثالثة الخاصة بمصر في إطار اتفاق تسهيل الصندوق الممدد إلى 29 يوليو". لكنها لم تفسر سبب التأجيل. والموعد الأصلي للاجتماع كان العاشر من يوليو، وكان من المقرر أن يصدر خلاله مجلس إدارة الصندوق قراره بشأن صرف دفعة حجمها 820 مليون دولار للقاهرة.
وفي السياق، توقع استطلاع رأي محللين اقتصاديين أجرته رويترز إبقاء البنك المركزي المصري سعري العائد على الإيداع والإقراض لليلة واحدة دون تغيير، في اجتماع السياسة النقدية المقرر عقده غداً الخميس، في إطار جهوده للسيطرة على التضخم. وأبقى البنك المركزي أسعار الفائدة دون تغيير في اجتماعه الأخير في 23 مايو/ أيار، قائلاً إنه بينما تباطأ النمو الاقتصادي فقد حد ارتفاع التضخم في أسعار السلع غير الغذائية من التراجع المستمر في تضخم السلع الغذائية. ورفع البنك أسعار الفائدة بواقع 600 نقطة أساس في السادس من مارس/ آذار، بالتزامن مع الإعلان عن الاتفاق مع صندوق النقد الدولي على زيادة قيمة قرضه إلى ثمانية مليارات دولار من ثلاثة مليارات. ووصل إجمالي الزيادات في أسعار الفائدة منذ بداية العام إلى 800 نقطة أساس.
ومنذ يناير/ كانون الثاني 2022، ظل سعر العائد على الإيداع لليلة واحدة أقل من معدل التضخم الأساسي الذي تباطأ في يونيو/ حزيران للشهر الرابع على التوالي إلى 27.5%. وارتفع التضخم في سبتمبر/ أيلول من العام الماضي إلى مستوى غير مسبوق بلغ 38%. وقال جيمس سوانستون من كابيتال إيكونوميكس لوكالة رويترز "نتوقع أن يُبقي البنك المركزي على أسعار الفائدة دون تغيير نظراً لأن التضخم لا يزال أعلى بكثير من الحد الأقصى للنطاق المستهدف". وتستهدف لجنة السياسة النقدية في البنك المركزي المصري خفض معدل التضخم إلى أقل من 9% بحلول نهاية العام الجاري. وأضاف سوانستون: "نظراً لتحسن الشفافية منذ التحول الذي طرأ على السياسات في مارس/ آذار، سنترقب أي إشارات في المستقبل حول موعد النظر في خفض سعر الفائدة على ضوء تراجع التضخم". وقال سايمون وليامز من بنك إتش إس بي سي" من أجل تحقيق المصداقية فيما يتعلق بالسياسات، وإعادة بناء الثقة في العملة وخفض توقعات التضخم، يتعين الاستمرار في تشديد السياسة النقدية. من السابق لأوانه خفض الفائدة في الوقت الحالي".
العوامل المحلية
ومن المحتمل أن تكون كينيا مترددة أيضاً في خفض تكاليف الاقتراض، وسط المظاهرات المستمرة المناهضة للحكومة والتي يمكن أن توقف عملية تباطؤ التضخم. وأدت الاحتجاجات إلى إغلاق الشركات وزيادة الضغوط على العملة، بعد أن ألغت الحكومة خطة لجمع ما يصل إلى 346 مليار شلن (2.7 مليار دولار) من الضرائب. وقال تايوو من بنك جي بي مورغان تشيس إن لجنة السياسة النقدية قدمت مؤخراً قرارات سعر الفائدة لمجلس الاحتياط الفيدرالي الأميركي كعامل خطر رئيسي للسياسة النقدية، مشيراً إلى أن ذلك يعني أنها قد تمتنع عن خفض أسعار الفائدة حتى تفعل الولايات المتحدة ذلك. ويرى المستثمرون أن بنك الاحتياط الفيدرالي سيخفض أسعار الفائدة مرتين على الأقل هذا العام.