تتوقع مؤسسات دولية ارتفاع أسعار النفط إلى 100 دولار خلال العام الجاري 2023، وسط اتجاه استهلاك النفط إلى مستوى قياسي هذا العام مقابل تراجع العرض، الذي تضرر من الغزو الروسي لأوكرانيا وتباطؤ نمو النفط الصخري في الولايات المتحدة والاستثمار الباهت في الإنتاج.
وتأتي هذه التوقعات، التي نقلتها وكالة" بلومبيرغ" في تقرير لها اليوم الاثنين عن "غولدمان ساكس" و"فيتول" وغيرها، استنادا إلى مؤشرات ارتفاع الطلب الصيني على النفط منذ تخليها عن سياستها المتشددة "صفر كوفيد".
وقال الرئيس التنفيذي لشركة أرامكو السعودية أمين الناصر، في الأول من مارس/ آذار، إن "الطلب من الصين قوي للغاية".
ووفقا لاستطلاع أجرته الوكالة في وقت سابق من العام الجاري، فإن الطلب اليومي على النفط في الصين سيصل إلى أعلى مستوى له على الإطلاق عند 16 مليون برميل يومياً بعد التعاقد في عام 2022 .
وكانت وكالة الطاقة الدولية قد خلصت، في تقرير حديث، إلى أن ما يعزز الطلب أيضا توقعات ارتفاع استهلاك الهند ودول أخرى في منطقة آسيا والمحيط الهادئ من النفط مع إعادة فتح الحدود، ما يساعد على دفع الطلب العالمي إلى مستوى قياسي بلغ 101.9 مليون برميل يوميًا هذا العام، وربما يغرق السوق في عجز بحلول النصف الثاني .
كما تتعافى حركة النقل الجوي، ما يعزز استخدام وقود الطائرات، بالموازاة مع انتعاش الطلب على النفط الخام في الولايات المتحدة وأوروبا.
وقال كريستوفر بيك، عضو اللجنة التنفيذية لشركة فيتول، في مؤتمر أسبوع الطاقة الدولي، إن إحياء السفر الدولي مع عودة ظهور الصين سيكون أحد "المحركات التي ستدفع الطلب إلى الأمام"، مضيفا: "أعتقد أننا سنرى هذا التقدم خلال الأشهر القليلة المقبلة، كما أن العرض لا يضاهي الارتفاع في الطلب".
ونقلت الوكالة عن محللين توقعهم بنقص العرض بحلول النصف الثاني من العام، حيث تظهر الأزمة الوشيكة أنه حتى مع احتضان العالم مصادر طاقة أنظف، فإن التعطش للنفط يصعب التخلص منه.
ويتوقع مراقبو السوق تراجع صادرات النفط الروسية، بعد أن حظر الاتحاد الأوروبي وأغلبية دول مجموعة الدول السبع الواردات المنقولة بحرا من النفط والوقود في أعقاب غزو أوكرانيا.
كذلك، تتعرض شحنات روسيا للتهديد، حيث تواجه الهند، أكبر مشتر للنفط الروسي، ضغوطًا متزايدة من المصرفيين لإظهار أن شحناتها تتوافق مع سقف سعر البرميل البالغ 60 دولارًا، الذي فرضته مجموعة السبع. كما تصر مجموعة أوبك+ على موقفها بخفض الإنتاج.
وفي حين أن أزمة العرض كانت نعمة لمنتجي النفط الخام ومستثمريهم، إلا أنها تضر بالمستهلكين وتعقد جهود البنوك المركزية لترويض التضخم.
وقال سعد رحيم، كبير الاقتصاديين في مجموعة ترافيغورا " Trafigura Group"، على هامش مؤتمر أسبوع الطاقة الدولي في لندن الأسبوع الماضي: "وجهة نظري باختصار هي أن الناس ربما يقللون من شأن الطلب ويبالغون في تقدير الإنتاج الأميركي".
وينمو إنتاج النفط الصخري الأميركي ببطء، حيث يرجح مركز الأبحاث إنفيرس "Enverus"، أن يرتفع الإنتاج بحوالي 560 ألف برميل يوميًا، وهو ما لا يشبع حاجة السوق المتعطش للنفط.
وقال الرئيس التنفيذي لشركة شيفرون مايك ويرث، الأربعاء الماضي، إن الطاقة الإنتاجية الاحتياطية العالمية شحيحة، وإن نمو المعروض من النفط الصخري لن يعوض النقص إذا ارتفع الطلب في وقت لاحق من هذا العام.
وقال ويرث: "مع دخول النصف الثاني من هذا العام، تبدأ مخاطر الاتجاه الصعودي في التراكم".
ومع ذلك، فإن الرياح المعاكسة المحتملة للطلب على النفط كامنة، فالمخاوف من حدوث ركود عالمي باقية مع قيام البنوك المركزية بتشديد السياسة النقدية في سعيها لمعالجة التضخم.
وتتوقع الخبيرة في "جي بي مورغان" ناتاشا كانيفا أن تكون الزيادة في الأسعار "بطيئة للغاية"، رغم توقعات ارتفاع الطلب الصيني.
كما خفف بعض محللي وول ستريت، في أواخر فبراير/شباط، من توقعاتهم بارتفاع الأسعار هذا العام، حيث خفض "مورغان ستانلي" توقعاته للنصف الثاني وخفف من وجهة نظره بأن خام برنت سيرتفع بما يتجاوز 100 دولار للبرميل، في حين أن "بنك أوف أميركا كورب" يرى مخاطر أقل من حدوث قفزة في الأسعار بسبب قوة تدفقات النفط من روسيا.
ومع ذلك، يتوقع المحللون ارتفاع أسعار النفط الخام في النصف الثاني من العام، حيث يتوقع الكثيرون العودة إلى مستويات مكونة من ثلاثة أرقام لخام برنت للمرة الأولى منذ أغسطس/آب الماضي.
وقال الخبير في غولدمان ساكس، جيف كوري، إن إعادة فتح الصين سيؤدي إلى إجهاد الطاقة الإنتاجية الفائضة العالمية، ما سيؤدي إلى ارتفاع الأسعار إلى 100 دولار للبرميل في الربع الرابع مع انخفاض المخزونات واستقرار المعروض النقدي.
وأضاف كوري للوكالة: "سوف نفقد تلك الطاقة الفائضة"، مؤكدا ثقته المرتفعة الكبيرة في "أننا سنشهد ارتفاعًا آخر في الأسعار في الأشهر الـ12-18 المقبلة".