بيتر كارلسون... رمز فشل مشروع البطاريات الأوروبية

28 نوفمبر 2024
بيتر كارلسون في مؤتمر صحافي يوم 25 مارس 2024 (جريجور فيشر/Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- تأسست "نورثفولت" في 2016 بهدف إنتاج بطاريات كهربائية في أوروبا، لكنها واجهت تحديات مالية كبيرة، مما دفعها لطلب حماية من الإفلاس في الولايات المتحدة لإعادة هيكلة ديونها.
- وصلت مديونية الشركة إلى 5.84 مليارات دولار، مع سيولة محدودة، وحصلت على تمويلات إضافية لكنها لا تزال بحاجة إلى 1.2 مليار دولار. استقال بيتر كارلسون من منصبه كرئيس تنفيذي.
- تعكس صعوبات "نورثفولت" تحديات أوسع في قطاع البطاريات الكهربائية بأوروبا، حيث تواجه منافسة شديدة من الإنتاج الصيني وتأخر تجديد السيارات الأوروبية.

 

قبل أشهر قليلة، كان مراقبون يبدون الكثير من الإعجاب ببتر كارلسون Peter Carlsson، الرئيس السابق لمجموعة "نورثفولت" السويدية للبطاريات الكهربائية، فقد رأوا أنه تمكن من التموقع في قلب معركة استراتيجية للقارة العجوز، عبر صناعة البطاريات الكهربائية فوق أرضها.
ولم تكف وسائل الإعلام الأوروبية عن الاحتفاء بتلك المجموعة التي أسسها في 2016، السويدي بيتر كارلسون والإيطالي باولو شيروتي اللذان راكما خبرة كبيرة في صناعة السيارات الكهربائية عندما كان يعملان في تيسلا، غير أن الآمال العريضة التي بنيت في أوروبا على الحلم الذي رعاه كارلسون خابت فجأة.
بعد أشهر من المساعي لإعادة هيكلة المجموعة عبر توفير التمويلات الضرورية ورغم تسريح 1600 من العاملين فيها، أعلنت "نورثفولت" في الأسبوع الماضي، رسمياً، عن التقدم بطلب لدى محكمة أميركية من أجل حمايتها من الإفلاس، حيث يتيح لها ذلك مواصلة عملياتها والبحث عن تمويلات، دون التقيد بالسداد الفوري لديونها.
وأوضحت "نورثفولت" في الطلب الذي قدمته الخميس الماضي أن خطوة الإعلان طوعياً عن الإفلاس سوف تسمح لها بإعادة هيكلة ديونها وأعمالها، وتأسيس قاعدة مستدامة لاستمرار عملياتها.
 

مديونية كبيرة على مشروع البطاريات

لقد وصلت مديونية المجموعة إلى 5.84 مليارات دولار، ولم تعد تتوفر سوى على سيولة في حدود 30 مليون دولار، غير أنها كي تتفادى التوقف عن الوجود حصلت على تمويل بـ100 مليون دولار من مصنع السيارات "سكانيا" وعلى قرض بقيمة 145 مليون دولار بضمان أصولها.

وصرح كارلسون في آخر مؤتمر صحافي كرئيس للمجموعة: "التمويل الحالي سيتيح الصمود إلى غاية بداية العام المقبل، ونحتاج إلى إعادة رسملة"، معبراً عن اقتناعه بإمكانية بلوغ ذلك الهدف، إذ أكد الحاجة إلى تمويل بحوالي 1.2 مليار دولار من أجل إعادة بعث نشاط المجموعة على المدى الطويل.
غير أن المجموعة أعلنت بعد ذلك عن استقالة المساهم في تأسيسها ورئيسها التنفيذي بيتر كارلسون، الذي بنيت عليه الكثير من الآمال في أوروبا بهدف التخلص من الارتهان للصين، وهو الذي ساهم في بناء مصنع تيسلا بين 2011 و2015.
وثق المراقبون وفاعلون في صناعة السيارات ومستثمرون بخبرة كارلسون من أجل تحقيق حلم توفير بطاريات تحمل علامة "صنع في أوروبا"، فقد أدرك أهمية مصانع البطاريات عندما عمل في تيسلا، التي كان قد التحق بها بعد تجربة دامت 13 عاماً في سوني إريكسون.

كارلسون وتراكم الخبرة

راكم كارلسون خبرة كبيرة بعدما حصل على تدريب في الريادة الصناعية والمالية من معهد استوكهولم للاقتصاد، ودبلوم في الاقتصاد والإنتاج ومراقبة الجودة من جامعة التكنولوجيا بلوليا بالسويد.
كان كارلسون يطمح إلى أن تصبح مجموعة "نورثفولت" بديلاً للبطاريات الكهربائية الصينية ومنافسة لتيسلا، غير أن الإعلان عن إفلاس المجموعة بالولايات المتحدة كبح ذلك الحلم، ما دامت المجموعة لم تعد تتوفر سوى على عشرات الملايين من الدولارات من أجل الاستمرار لفترة قصيرة.
استطاعت المجموعة التي جذبت مساهمين مثل فولكسفاغن وغولدمان ساكس وبي إم دبليو ونورديك فاندز ومؤسس سبوتيفاي الملياردير السويدي دانيال إك الحصول على أكثر من 15 مليار دولار من الأموال العمومية والخاصة، هي التي أعلنت في 2021 عن افتتاح أول مصنع ضخم لإنتاج البطاريات الأوروبية.
وتمكنت الشركة من الحصول على طلبيات تجاوزت 55 مليار دولار من فولكسفاغن وبي إم دبليو وفولفو وسكانيا. تلك عقود اعتبرت كبيرة جداً بالنسبة لشركة كان تصنّف إلى عهد قريب ضمن الشركات الناشئة، إلا أن العديدين توقعوا تحقيق أرقاماً قياسية في سوق واعدة.

غير أن التوقعات حول المجموعة خابت. فقد اعتبر كارلسون، عندما قدم استقالته، أن المجموعة سعت إلى أن تصبح فاعلاً كبيراً بسرعة في صناعة البطاريات الكهربائية. هكذا لم يتمكن مصنعها الوحيد الذي فُتح بالسويد من استيعاب الطلبيات الكبيرة التي توصل بها.
ويرى مراقبون أن صعوبات مجموعة "نورثفولت" السويدية لا تختص بها وحدها، فهي تعكس وضعية قطاع، يعاني من وفرة في الإنتاج المتدفق من الصين بأسعار منخفضة، كما أن ذلك القطاع يواجه تأخر تجديد حظيرة السيارات في أوروبا.
عيّن بول أودونيل، الخبير في إعادة هيكلة الشركات، خلفاً لكارلسون على رأس "نورثفولت"، غير أن الرئيس المستقيل سيبقى مستشاراً رئيسياً في المجموعة وعضواً في مجلس إدارتها خلال المرحلة الانتقالية، التي يفترض فيها تصحيح المسار في سياق متسم بتوسيع عمالقة صناعة البطاريات في الصين.

المساهمون