تبديل لوحات السيارات في سورية.. أهداف مادية وسياسية

24 أكتوبر 2024
زحمة سير في العاصمة السورية دمشق، 11 مايو 2014 (جوزف عيد/ فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- بدأت مديرية النقل في دمشق وريفها بتنفيذ قرار تبديل لوحات السيارات، حيث تم إنجاز أكثر من ثمانية آلاف لوحة حتى الآن، بهدف تبديل لوحات المركبات في سوريا خلال ثلاث سنوات.
- يقدر عدد المركبات المسجلة بأكثر من 2.5 مليون، مما يتطلب إنتاج خمسة ملايين لوحة، مع تحقيق أرباح وعوائد إضافية من الضرائب والتأمينات.
- يثير القرار مخاوف من استملاك الدولة لسجلات المركبات العائدة لأشخاص متهمين بالإرهاب أو المعارضة، مما يعقد القضايا القانونية ويزيد التكاليف على المالكين.

بدأت مديرية النقل في دمشق وريفها، بتنفيذ قرار تبديل لوحات السيارات والمركبات اعتباراً من بداية الشهر الحالي، وأنجزت حتى الآن ما يزيد عن ثمانية ألاف لوحة، بحسب مصادر المديرية، التي صرحت بأنها ستنجز أعمال تبديل لوحات السيارات ابتداء من محافظتي دمشق وريفها وصولاً إلى باقي المحافظات خلال مدة أقصاها ثلاث سنوات.

وكان القرار الصادر عن وزارة النقل في 12 أغسطس/آب الماضي، والقاضي بتبديل لوحات المركبات في سورية، قد حدد قيمة اللوحة الواحدة للمركبات التي سيتم تسليمها للمالك عند تسجيل المركبة للمرة الأولى بـ125 ألف ليرة سورية، أي 250 ألف قيمة لوحتين لكل مركبة، بينما حدد قيمة اللوحة الواحدة في حال فقدان رخصة السير أو فقدان اللوحة القديمة بـ 200 ألف ليرة سورية، أي ما يعادل 400 ألف ليرة لكل مركبة فقد صاحبها رخصة السير. (الدولار= 14650 ليرة).

ولا تزيد التقديرات الأولية لتكلفة صناعة لوحات السيارات الرقمية بما فيها من صباغة وألوان عن 25 ألف ليرة للواحدة منها، ما يعني عائدات مالية لوزارة النقل تقارب 100 ألف ليرة عن كل لوحة، بغض النظر عن عائدات بيع اللوحات القديمة "الخردة" والتي تستلمها مديريات النقل عند تسليم الجديدة.

وقال مصدر في مديرية النقل بدمشق قال لـ"العربي الجديد" إن تعداد المركبات في سجلات وزارة النقل يزيد عن 2.5 مليون مركبة، ما يعني العمل لإنتاج خمسة ملايين لوحة خلال ثلاثة أعوام، بأرباح تقدر بنحو 100 ألف ليرة لكل لوحة، إضافة لضرائب التأخر عن التسجيل والفحص الفني والتأمينات الإلزامية على المركبة والمخالفات، وهذا من شأنه زيادة العائدات إلى وزارة النقل أضعاف الأرقام المتداولة.

وأضاف المصدر أن هناك مئات من المركبات التي تعرضت لحوادث خلال سنوات الحرب أو بقيت دون تسجيل أو أوراق نظامية أو استخدام، لأسباب الوفاة أو الهجرة أو السرقة، وهذا من شأنه ضبط المركبات العاملة، وزيادة العوائد المادية للوزارة. وبعد حرب مستمرة منذ العام 2011، رفض عدد كبير من السوريين متابعة تسجيل مركباتهم، خوفاً على ضياع سجلاتها، ومنهم من هاجر أو اعتقل، أو مات أو ما زالوا مطلوبين لقضايا أمنية، ويصعب على أي منهم مراجعة الدوائر الحكومية أو حتى توكيل أحد الأقارب أو محام.

وعن هذه النقطة، يقول عمر النزال لـ"العربي الجديد": "منذ أكثر من عام  قمنا بتسوية أوضاع بعد اتهامات بالتعامل مع جهات إرهابية، وإلى هذا التاريخ لم نستطع فك الحجز الاحتياطي عن أملاكنا، وبخاصة التي تخص الذين هاجروا بعد التسوية رغم أن البعض منهم قام بتوكيل أحد المقربين عنه بشكل نظامي".

وتخوف النزال من أن يصدر قرار أو مرسوم يجيز للدولة استملاك سجلات المركبات العائدة لأشخاص متهمين بالإرهاب، أو المعارضة للدولة والتعامل مع الخارج، إسوة بقرارات سابقة للحكومة، تقضي باستثمار العقارات العائدة لأشخاص صُنفوا على لائحة المعارضة.

وأفاد أحد العاملين في وزارة النقل لـ"العربي الجديد" بأنه يوجد أكثر من 400 ألف مركبة من مختلف الأنواع والأصناف، مسجلة في قيود الوزارة وغير موجودة لأسباب عدة مثل تعرضها لحوادث الحرق أو التفجير أو الهرس أو السرقة أو الحجز، أثناء العمليات القتالية، ومعظم هذه المركبات فقد أصحابها الأوراق الثبوتية، مضيفاً أن العائق الأكبر أمام المالكين هو معرفة مصير المركبات الموجودة في مناطق خارج سيطرة النظام، وهل من حلول على طاولة الوزارة، وكيف يُمكن لأصحابها إعادة الترسيم والتسجيل على لوحات جديدة؟

وفي هذا الصدد، ذكر أحد المحامين لـ"العربي الجديد" أن وراء قرار تبديل لوحات السيارات أجندة سياسية إلى جانب العوائد المالية والتنظيم، وهذه خطوة أخرى في طريق استملاك أموال وعقارات فئة من السوريين متهمة بالإرهاب، واستثمارها لصالح مشاريع فئوية، مضيفاً أن هناك أعداداً كبيرة من القضايا العالقة في هذا الشأن وتحتاج لتكاليف من أجل حلها قد تقارب أو تزيد أحياناً عن قيمة المركبة أو العقار، بما يدفع بالمالك للتخلي وعدم السؤال. والأكثر من هذا هو تسخير السماسرة للمقايضة من أجل بيع سجلات المركبة أو العقار بأسعار زهيدة، مما يساهم بأعمال البيع مقابل عدم الدخول في دوامة القضاء والسماسرة والرشاوى.

واستطاع النظام أن يمنع عن فئة كبيرة فرصة توكيل محام أو أحد الأقارب وذلك بفرض موافقات أمنية على طرفي الوكالة، ما سبّب مانعاً أمام أعداد كبيرة من المطلوبين لقضايا أمنية أو للخدمة العسكرية والاحتياطية، وحتى الذين يُسمح لهم بالتوكيل بطريقة أو بأخرى يجدون تخوفاً من دخول أي مكان أمني وعسكري. ويرى الكثيرون أن النظام يمهد بقرار اللوحات الرقمية للمركبات الاستيلاء على أعداد كبيرة من سجلات السيارات، جزء منها ما زال موجوداً في مناطق خارجة عن سيطرة النظام، ما سيحقق له عوائد مادية كبيرة، والأهم بالنسبة له هو قطع طرق العودة أمام فئة كبيرة من المجتمع السوري.

المساهمون