- الدينار الجزائري يشهد تهاويا تاريخيا، مما يزيد من صعوبة الوضع الاقتصادي، بينما يحاول التجار تقليص هوامش الربح للحفاظ على استقرار الأسعار، وسط تبادل الاتهامات بين المزارعين والمنتجين والتجار حول أسباب ارتفاع الأسعار.
- الحكومة الجزائرية تسعى لكبح جماح غلاء المعيشة ودعم التجار من خلال مراقبة الأسواق وحمايتها من المضاربين ومراجعة الضرائب، بينما يطالب التجار بتدخل أكثر فعالية لضمان استمرارية أعمالهم ودعم القدرة الشرائية للمواطنين.
اتسعت دائرة المتضررين من غلاء المعيشة وارتفاع الأسعار في الجزائر، لتمس التجار في مختلف حلقات السلسلة التجارية، إذ وجدوا أنفسهم بين مطرقة القفزات التي شهدتها أسعار مختلف المواد الغذائية، وسندان مراجعة هوامش الربح من أجل تفادي كساد سلعهم وركود نشاطهم التجاري، ما قلص الفجوة بين أرباحهم ومصاريفهم.
وأكد شهر رمضان لسنة 2024، لتجار الجزائر أنهم دخلوا قائمة "ضحايا غلاء الأسعار والمعيشة" على السواء، بعدما وقفوا على حجم التراجع الحاد لأرباحهم في شهر الصيام، الذي يتميز عادة بإنفاق مضاعف للأسر، ما يقفز بأرباح التجار خاصة تجار اللحوم الحمراء والبيضاء وبائعي الخضر والفواكه، ما بعث الشك والخوف حول مستقبل نشاطهم التجاري.
في منطقة "أولاد فايت" في الضاحية الغربية للجزائر العاصمة، يؤكد الجزار حسان بوثلجة أن "أرباحه في شهر رمضان هوت بأكثر من 60% عن السنوات الماضية، والأمر لا يقتصر فقط على شهر الصيام، لكنه معيار للقياس فقط، وعلى المدى الطويل تهاوت الأرباح السنوية السنة الماضية، والمنتظر أن تتراجع أكثر هذه السنة".
ويضيف عايش أن الحجم السكاني الكبير لتركيا ودول الخليج، والذي يتجاوز 140 مليون نسمة، يعني أن منطقة التجارة الحرة بين الجانبين ستشكل إحدى الدعامات الاقتصادية في المستقبل وربما تشكل أحد أكبر التكتلات الاقتصادية العالمية مع نتائجها السياسية والاستثمارية والتجارية وتأثيراتها على معدلات نمو الاقتصاد العالمي وعلى الأسواق العالمية الأخرى.
ومنذ أشهرٍ، تشهد أسعار الخضروات واللحوم والمواد الغذائية واسعة الاستهلاك ارتفاعا كبيرا، ما ضاعف من المتاعب المعيشية بالنسبة لغالبية الجزائريين، ويتقاذف المزارعون والمنتجون التهم مع التجار حول أسباب هذا الارتفاع، على الرغم من نداءات وجهتها عدة أطراف مدنية ورسمية إلى التجار لـ"الرأفة بالمواطنين"، في وقت تعيش فيه العملة الجزائرية "الدينار" تهاويا تاريخيا، بعدما لامست عتبة 135 دينارا للدولار.
في شارع "المنظر الجميل" بأعالي العاصمة الجزائرية، المشهور بتجار المواد الغذائية بالجملة، دقت ساعة مراجعة الدفاتر والفواتير، والحال لا يبدو مفرحا للكثير بل لجل التجار، الذين أجمعوا على تهاوي أرباحهم بسبب الغلاء الذي عصف بالمواد المنتجة محليا أو المستوردة.
يقول تاجر الجملة زيان محمد الأمين إن "الأرباح تراجعت وانخفض إقبال تجار التجزئة على التبضع"، مضيفا: "لاحظنا أن زبائننا تراجع إقبالهم فمنهم من يأتي مرة في الأسبوع لتموين محله، واللافت أيضا أن حتى ما يقتنيه تجار التجزئة تقلص جدا، حيث باتوا يفضلون اقتناء الضروريات كزيوت المائدة والعجائن والطحين والأجبان العادية، فيما تراجع الإقبال على السلع الأخرى كالأجبان المستوردة والصلصات والشوكولاتة وغيرها لأسعارها المرتفعة".
وأكد نفس التاجر لـ"العربي الجديد" أن "تقليص هوامش الربح بات ككرة ثلج، نحن كتجار جملة خفضنا فوائدنا حتى نسمح لتاجر التجزئة ببيع سلعته وكسب بعض الدنانير في المنتج الواحد فمثلا في العجائن لا تتعدى الفائدة متوسط 8 إلى 10 دنانير في الكيلوغرام الواحد، وهذا ضئيل إذا احتسبنا مصاريف الإيجار والكهرباء وعمال الشحن والتفريغ، والضرائب وغيرها من المصاريف، ونحن نتخوف من مستقبلنا كمواطنين أولا ثم كتجار ثانيا".
ويعيش تجار الجزائر تحت ضغطٍ كبيرٍ منذ أشهر، بسبب ندرة بعض المواد واسعة الاستهلاك، أرجعتها الحكومة للمضاربة واحتكار تجار للسلع بهدف القفز بأسعارها، ما دفع بوزارة التجارة لعرض قانون يجرم المضاربة ويعاقب عليها بـ 30 سنة سجنا.
إلى ذلك، أكد رئيس الاتحاد العام للتجار والحرفيين الجزائريين حزاب بن شهرة أن "التجار اليوم يعيشون ضغطا غير مسبوق، في العادة هم المتهم الأول وراء كل زيادة تمس الأسعار، لكنهم الآن الأكثر حرصا على كبح قفزات الأسعار، من خلال تخفيض هوامش الربح، ما قد يساعد على استقرار القدرة الشرائية للمواطن".
وأضاف المتحدث لـ"العربي الجديد" أن "الحكومة مطالبة بالتدخل الآن لكبح غلاء المعيشة وإنقاذ نشاط التجار، بمراقبة الأسواق وحمايتها من المضاربين مع مراجعة الضرائب في مقدمتها الضريبة على القيمة المضافة التي تبلغ 19%". وقال: "التجار تهاوت أرباحهم، هم أيضا لهم عائلات يعيلونها".