تراجع الجنيه المصري مستمر في السوقين الرسمية والموازية وسط تقلبات أسعار الذهب والبورصة
شهدت أسواق المال المصرية تقلبات ضبابية متأثرة بالتراجع المتواصل في أرصدة الاحتياطي من النقد الأجنبي وأنباء عن توجه البنك المركزي الأميركي لزيادة أسعار فائدة الدولار 75 نقطة أساس الشهر المقبل، بعد رفعها للمرة الرابعة، مطلع الشهر الحالي، حتى بلغت 2.5%، وعدم التوصل إلى اتفاق نهائي بين مصر وصندوق النقد الدولي حول البرنامج الثالث للإصلاح الاقتصادي.
وتراجع سعر الجنيه مقابل الدولار واليورو والعملات الرئيسية بمعدل 5 قروش في المتوسط اليوم الاثنين، ويواصل مساره النزولي الذي أدى إلى فقده 17 قرشا مقابل العملات الرئيسية الأسبوع الماضي، بعد تخطيه حاجز 19 جنيها للمرة الأولى منذ عام 2017.
وتراوح سعر الدولار، بعد منتصف تعاملات اليوم الاثنين، في البنوك العامة والأجنبية، ما بين 19.1 جنيها للشراء و19.22 للمبيع، في حين ارتفع اليورو إلى 19.56 جنيها للمبيع و19.42 للشراء، ووصل سعر الدولار في البنك المركزي إلى 19.79 للمبيع و19.15 للشراء، وبلغ اليورو 19.42 للشراء و19.51 للمبيع.
وتراجع أداء المؤشر الرئيسي بالبورصة بنسبة 0.57%، بعدما شهد ارتفاعا طفيفا في بداية الأسبوع الحالي.
وشهدت أسعار الذهب هبوطا مفاجئا في محلات الصاغة لكافة الأعيرة بلغ 6 جنيهات، حيث سجل عيار 24 مبلغ 1225 جنيها للغرام، وعيار 22 مبلغ 1123 جنيها، وعيار 21 الأكثر تداولا في السوق المحلية، 1072 جنيها، وعيار 18 مبلغ 919 جنيها، وعيار 14 نحو 714 جنيها.
وأكد مصدر مسؤول في غرفة صناعة المشغولات الذهبية عدم تأثر المعروض من الذهب بتراجع الجنيه، بعدما أوقفت الدولة استيراد الذهب وتصديره، مشيرا إلى تأثر الأسعار بأنباء توجه مجلس الاحتياطي الفيدرالي إلى رفع الفائدة على الدولار، ما يدفع المزيد من المتعاملين في سوق الذهب إلى شراء والاستثمار في العملة الخضراء، المنافسة للذهب كعملة احتياط في أسواق المال، مع توقع حالة ركود في الصناعات المرتبطة بخام الذهب عالميا.
ورغم وجود تعليمات أمنية حالت دون نشر بيان البنك المركزي حول تراجع أرصدة الاحتياطي النقدي في الصحف الرسمية الصادرة صباح الاثنين، إلا أن فقد الاحتياطي نحو 232 مليون دولار خلال يوليو/تموز الماضي، ليصل إلى 33.134 مليار دولار، مقابل 33.375 مليار دولار في يونيو/حزيران الماضي، وفقا لبيانات البنك المركزي، أدى إلى حالة من الارتباك في الأسواق.
ودفع البحث عن الدولار في السوق السوداء مستوردي السلع الأساسية إلى مطالبتهم الدولة بالاعتراف بشرعية حملهم العملة الأجنبية مجهولة المصدر، وتقديمها للبنوك لدفع قيمة الواردات من الخارج، بعدما تراكمت طلبات المستوردين أمام البنك المركزي والبنوك المحلية، من دون تحديد سقف زمني لتلبية احتياجاتهم العاجلة.
وأشارت مصادر إلى أن التراجع المتواصل في الاحتياطي النقدي المستمر منذ أشهر، مع عدم التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد بما يتيح للحكومة اللجوء لمؤسسات التمويل الدولية للحصول على قروض جديدة، وفي ظل عدم جاذبية بيع سندات مصرية حاليا في الأسواق الدولية، يتصاعد الطلب على الدولار في السوق السوداء.
ولفتت المصادر إلى أن فرق السعر في السوق السوداء عن الأسعار الرسمية ارتفع إلى جنيه واحد خلال الأسبوع الحالي، ما يؤكد وجود مزيد من الطلب وقليل من المعروض الدولاري في الأسواق.
وأوضحت المصادر أن تقرير البنك المركزي الذي أصدره مطلع الأسبوع الحالي، عن أداء ميزان المدفوعات خلال 9 أشهر من السنة المالية الماضية، بين يوليو/تموز إلى مارس/آذار 2021- 2022، أظهر معاناة الحكومة من نقص حاد في السيولة من النقد الأجنبي بدأت تتكشف رغم محاولات إخفائها عن الشعب، طوال العام الماضي.
وتسببت التحولات الجيوسياسية مع اندلاع الحرب الروسية في أوكرانيا في نزوج جماعي للمستثمرين الأجانب من الأسواق الناشئة، وعلى رأسها مصر، أدت إلى خروج نحو 14.75 مليار دولار من السوق المحلية، خلال الفترة من يناير/كانون الثاني إلى مارس/آذار الماضي.
وتوقعت المصادر تزايد العجز في العملات الأجنبية، وعدم قدرة الحكومة عن تغطية الفجوة العميقة للتمويل الخارجي، في ظل رفض صندوق النقد منح قروض جديدة، من دون الالتزام بشرطَي تخلي الحكومة عن تدخلها في إدارة سعر الجنيه، بتحرير سعر الصرف وفقا للعرض والطلب، وعدم تدخل الجيش في ملكية وإدارة الاقتصاد الرسمي في الدولة، ما يمنح القطاع الخاص أولوية في دفع معدلات الاستثمار.
وأشارت المصادر إلى أن الحكومة ليس أمامها خلال الأشهر القليلة المقبلة إلا انتظار السيولة النقدية من تحويلات المصريين من الخارج، التي بلغت في الأشهر التسع الأولى من العام المالي السابق نحو 23.6 مليار دولار، بزيادة طفيفة عن الفترة المناظرة لها عام 2020-2021، وإيرادات قناة السويس التي بلغت 5.1 مليارات دولار، وعودة انتعاش السياحة، التي زادت إلى 8.2 مليارات دولار، وتعويض الزيادة في أسعار الغاز والملابس والمنتجات الزراعية وبيع أصول عامة لصالح صناديق الاستثمار العربية والمستثمرين الأجانب جزءا من النقص الحاد في السيولة لدفع فوائد الديون المقررة على مصر، وسداد العجز في الحساب الجاري، الذي يقدر صافيا بنحو 40 مليار دولار بنهاية العام المالي الحالي.