يؤكد الاقتصادي التركي، أوزجان أويصال أن إنتاج بلاده من القمح أكبر من الحاجة للاستهلاك المحلي، لكنها تستمر باستيراد الحبوب من روسيا وأوكرانيا بشكل خاص، لتزيد من المخزون وترفد صناعات الدقيق التي يصدَّر جزء كبير منها للخارج.
ويشير أويصال لـ"العربي الجديد" إلى أن موسم العام الماضي كان "قياسياً" لكن مخاوف الجفاف وتقلبات أسعار الحبوب بواقع استمرار الحرب الروسية على أوكرانيا، وهما من أكبر منتجي الحبوب بالعالم، دفعت بلاده لتعزيز استراتيجية الاكتفاء الذاتي من خلال الإنتاج والاعتماد على القمح المستورد وبعض المحلي، لزيادة الصناعات الغذائية وتصديرها، مبيناً أن إنتاج تركيا من القمح العام الماضي زاد عن 21 مليون طن بزيادة عن موسم 2022 بنحو 2 مليون طن وأن الاستهلاك المحلي لا يزيد عن 19 مليون طن.
وكانت مصادر إعلامية متطابقة قد أشارت إلى زيادة مشتريات تركيا للقمح الروسي والأوكراني العام الماضي لتصل فاتورة استيراد القمح نحو 2.7 مليار دولار بعد استيراد 9 ملايين طن من روسيا، فضلاً عن استيراد 2.5 مليون طن من أوكرانيا.
وتستمر تركيا بنهج إعادة تصدير القمح ومنتجاته إلى أكثر من 160 دولة بحسب أويصال، ما يفرض استمرار الاستيراد رغم زيادة الإنتاج المحلي بعد سياسة دعم المنتجين والقروض الزراعية الميسرة.
لكن استيراد القمح تراجع خلال العام الماضي عمّا كان عليه عام 2022، حيث استوردت تركيا عام 2022 نحو 8.9 ملايين طن من روسيا وأوكرانيا والأرجنتين والبرازيل وبلغاريا وكازاخستان ولاتفيا، فيما توقف بعض الدول العام الماضي عن تصدير القمح المثل الأرجنتين والبرازيل، ما دفع تركيا لزيادة وارداتها من روسيا وأوكرانيا فضلاً عن دول أخرى.
ووصلت كمية القمح المستورد العام الماضي، بحسب بيانات الجمارك التركية إلى نحو 12 مليون طن ما رفع فاتورة استيراد القمح إلى 3.5 مليارات دولار بزيادة 5.4% عن العام السابق وزادت صادراتها من الحبوب إلى 1.9 مليون طن ورفع صادرات الدقيق ومنتجاته بنحو 30% عن عام 2022.
بدوره، يرى المحلل التركي، يوسف كاتب أوغلو، أن للعام الماضي خصوصية لجهة القمح، تتأتى من عوامل خارجية كاستمرار الحرب بالمناطق الأكثر إنتاجاً بالعالم، فروسيا وأوكرانيا تساهمان بنحو 24% من تجارة القمح عالمياً، أو ملامح الجفاف التي أصابت صادرات القمح ورفعت الأسعار.
كما هناك أسباب داخلية مهمة، منها الزلزال الذي ضرب مناطق إنتاج الحبوب بتركيا "الولايات العشر جنوبي البلاد" وانفجار صوامع الحبوب بمنطقة درينجة بولاية قوجة ايلي المطلة على بحر مرمرة، رغم أن الانفجار لم ينل من أكثر من 20 ألف طن وليس 8 ملايين طن كما تداولت بعض الوسائل الإعلامية وقتذاك، وفق أوغلو.
ويضيف كاتب أوغلو لـ"العربي الجديد"، أن استراتيجية تركيا، سواء بالمساعدات الغذائية أو تصدير الدقيق والصناعات الغذائية تفرض وجود احتياطي كبير، علماً أن إنتاجها يوازي الاستهلاك وأحياناً يزيد كما توقعات العام الجاري بعد موسم أمطار وفير بمناطق الإنتاج والتسهيلات والدعم للقطاع الزراعي الذي تقره الحكومة، لافتاً بالوقت نفسه إلى زيادة صادرات تركيا من الحلويات المصنعة والمعكرونة، إضافة إلى الدقيق والحبوب.
ويلفت المحلل التركي إلى أن تمدد العمران وأسباباً أخرى قلّصت المساحة المخصصة لزراعة القمح من 9 ملايين هكتار قبل 15 عاماً إلى 7.5 ملايين هكتار اليوم، الأمر الذي زاد من دعم الحكومة للمزارعين وتأمين مستلزمات زيادة الإنتاج، لأن القمح والدقيق من ضمن السياسة التركية ووصول الإنتاج والمساعدات لدول عديدة بالعالم لا يمكن التراجع عنه.