منذ تحولها إلى واحدة من أبرز الوجهات السياحية في العالم، سعت دبي للترويج لنفسها باعتبارها المكان الأمثل لقضاء العطلات خلال جائحة كورونا. ويرى المحللون أنها لا تستطيع غير ذلك، نتيجة للهزة التي سببها الفيروس لأسس اقتصاد المدينة.
عبر مراكز التسوق الضخمة وحركة البناء المحموم وجحافل العمال الأجانب، سعت دبي للتحول إلى العولمة، معتمدة إلى حد كبير على قطاعات الطيران والضيافة والتجزئة، والتي تضررت جميعها بشدة جراء تفشي الفيروس.
لكن الواقع بات يقوض الأحلام الكبيرة للإمارة. ففي الوقت الذي تجري فيه الاستعدادات على قدم وساق لبلوغ ذروة موسم السياحة، ارتفعت الإصابات بفيروس كورونا إلى مستويات غير مسبوقة. وتضاعف عدد الحالات اليومية إلى ثلاثة أضعاف تقريبًا الشهر الماضي، مما أجبر بريطانيا على وقف السفر إلى دبي الأسبوع الماضي.
لكن المدينة لن تفرض الإغلاق خشية مواجهة أزمة اقتصادية. قال ماثيو بيغ، الباحث غير المقيم في "مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي": "اقتصاد دبي أشبه ببيت من ورق. ميزته التنافسية هي كونه مكانًا لا تنطبق فيه القواعد".
ورغم حظر غالبية الدول دخول السياح البريطانيين بسبب مخاوف دخول السلالة البريطانية الجديدة سريعة الانتشار إلى أراضيها، ظلت أبواب دبي، التي يقيم بها 240 ألف مغترب بريطاني، مفتوحة أمام البريطانيين لقضاء العطلات. وقامت شركة "طيران الإمارات" بتسيير خمس رحلات يومية إلى مطار هيثرو بلندن.
خلال أيام، وصلت سلالة الفيروس الجديدة إلى الإمارات، لكن ذلك لم يمنع نجوم تلفزيون الواقع وكرة القدم من الفرار من الإغلاق البريطاني والطقس الشتوي لحانات وشواطئ دبي، دون إجراء اختبار فيروس كورونا قبل الصعود إلى الطائرة.
كانت دبي سعيدة بالتدفق. وارتفعت معدلات الإشغال في الفنادق إلى 71٪ في ديسمبر/ كانون الأول. وصُنفت الخطوط الجوية بين لندن ودبي بأنها الأكثر ازدحامًا في العالم خلال الأسبوع الأول من شهر يناير/ كانون الثاني، حسبما ذكرت شركة "أو إيه جي" لتحليل بيانات الطيران.
ومع تفاقم تفشي المرض، يبدو أن وتيرة التدفق ستتباطأ، حيث اختفى السياح الإسرائيليون، الذين وصلوا بعشرات الآلاف بعد اتفاق التطبيع بين الطرفين، بسبب قواعد الحجر الصحي الجديدة.
ودخل قرار تعليق الإعفاءات من التأشيرة للإسرائيليين إلى الإمارات حتى يوليو / تموز، حيز التنفيذ، أمس الاثنين. فيما يهدد تحرك بريطانيا لفرض الحجر الصحي لمدة 10 أيام على العائدين من دبي بضرب ما تبقى من قطاع السياحة.
حتى في فترة ما قبل الوباء، كان اقتصاد دبي يتجه نحو انكماش آخر بفضل سوق العقارات المهتز، الذي انخفضت قيمته بنسبة 30% منذ ذروة عام 2014.
وتواجه الإمارة وشبكة الكيانات المرتبطة بالحكومة ملف سداد ديون بـ "مليارات الدولارات".
تقدر وكالة "إس آند بي غلوبال" للتصنيف الائتماني عبء ديون دبي بنحو 148% من الناتج المحلي الإجمالي إذا تم تضمين الصناعات المرتبطة بالدولة.
وتحت وطأة الضغوط، استغلت السلطات اللقاحات باعتبارها الطريقة الوحيدة لاحتواء تفشي المرض.
مع تحطيم البلاد لرقمها القياسي في الإصابات لمدة سبعة أيام متتالية، أعلن حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم أن التلقيح على نطاق واسع من شأنه "تسريع الشفاء الكامل لبلدنا".
لكن حتى إذا حققت دبي هدفها المتمثل في تلقيح 70% من السكان بحلول نهاية عام 2021، تتوقع وكالة "مودي" لخدمات المستثمرين أن يستغرق اقتصاد الإمارات ثلاث سنوات للتعافي.
قال بيغ، الباحث في "كارنيغي"، "لا أعتقد أن أيام دبي معدودة. لكن لو كانت المدينة أكثر تواضعاً وإحساساً بالمسؤولية، لكانت في وضع أفضل".
(أسوشييتدبرس)