رجح مسؤولون في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين تراجع الخدمات والمساعدات التي تقدمها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، لتمتد إلى المشمولين بمظلتها في كل من الأردن وسورية ولبنان، إضافة إلى قطاع غزة والضفة الغربية في أعقاب إيقاف عدة دول ممولة لعملياتها.
وأكد مراقبون أن الولايات المتحدة وإسرائيل تريان أن ما يحدث فرصة سانحة لإيقاف عمليات أونروا، وإلغاء عملياتها الداعمة للاجئين في إطار مساعيها لتصفية القضية الفلسطينية، وإلغاء حق العودة وحقوق اللاجئين، وهو ما دفعت باتجاهه منذ عدة سنوات.
وقررت دول عديدة، بينها الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا وفرنسا وكندا، تعليق تمويلها لوكالة الإغاثة في قطاع غزة، بعد أن اتهمت إسرائيل 12 من موظفي الوكالة في قطاع غزة الذين يبلغ عددهم 13 ألف موظف، بالمشاركة في عملية طوفان الأقصى التي نفذتها المقاومة الفلسطينية في 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
وفي جانب آخر، يرى الأردن في وقف تمويل وكالة الغوث تحميل عمّان مزيدا من الأعباء اللازمة لتلبية ما يؤمن احتياجات اللاجئين الفلسطينيين.
مخاوف توقف الخدمات
قال رئيس لجنة تحسين خدمات مخيم غزة، ويطلق عليه مخيم جرش لوقوعه ضمن محافظة جرش على بعد 50 كم شمال عمّان، كايد غيث، لـ"العربي الجديد" إن المخاوف تساور اللاجئين من توقف خدمات وكالة الغوث، والتي تشمل الرعاية الصحية والتعليم والإعاشة لعدد منهم، بسبب الممارسات التي يقوم به الاحتلال الإسرائيلي، والدعم الذي يتلقاه من الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين.
وأضاف غيث أن إيقاف الوكالة عملياتها في غزة مؤشر على احتمالية وقف تمويل نشاطات أونروا في الأردن وسورية ولبنان، وهذا مخطط ليس بالجديد وإنما هناك محاولات مستمرة لإلغاء الوكالة نهائيا، باعتبارها ترعى اللاجئين الفلسطينيين وواقعا حيا على معاناتهم التي تبقي القضية الفلسطينية حاضرة على الصعيد الدولي.
رئيس لجنة تحسين خدمات "مخيم سوف" الواقع في مدينة جرش على بعد 50 كيلومتراً شمال عمّان، عبد المحسن بنات، قال في تصريح لـ"العربي الجديد": قبل فترة "لاحت في الأفق مجدداً محاولات أميركية لتخفيض مخصصات دعم المنظمة الأممية بالتزامن مع العدوان الإجرامي بحق قطاع غزة والضفة الغربية".
وأضاف بنات أنه "ليس من المستبعد أن تمارس الولايات المتحدة أيضا ضغوطاً كبيرة لإلغاء أونروا، أو على الأقل تجميدها خلال الفترة المقبلة وليس وقف التمويل فقط، وذلك كإحدى أدوات الضغط لتصفية القضية الفلسطينية".
وأشار إلى أن الولايات المتحدة مارست هذه الضغوط سابقاً، لكنها فشلت في إنهاء عمل الوكالة رغم انخفاض مخصصات الدعم الأميركية والدولية، بينما الجهود الأردنية أبقت الوكالة تعمل وتقدم خدمات الرعاية للاجئين الفلسطينيين ولو بالحد الأدنى.
مندوب الأردن الدائم لدى جامعة الدول العربية السفير أمجد العضايلة، قال إن الدول التي قررت تعليق المساعدات لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين في الشرق الأدنى (أونروا) تساهم بنسبة 70% من المساعدات التي تقدم للوكالة، معتبرا أن قرار تلك الدول "خطير جدا".
خدمات في عدة دول
وحذر العضايلة من تبعات تجميد تمويل أونروا مطالب بتمكينها من الاستمرار بالتزاماتها الأساسية تجاه الملايين من اللاجئين في كل مناطق عملياتها الخمس وفق تكليفها الأممي السامي.
وقال العضايلة إن أونروا تقدم خدمات كبيرة لملايين اللاجئين الفلسطينيين ليس فقط في غزة، بل في الأردن ودول أخرى، مطالبا هذه الدول بمراجعة موقفها فورا، وعدم ترك الشعب الفلسطيني نهبا للكارثة الإنسانية التي يواجهها في قطاع غزة، والتأثير على خدمات أونروا في الدول المستضيفة للاجئين.
وبين العضايلة أن إسرائيل ومنذ البداية كانت واضحة باستهدافها المدارس لإلغاء دور أونروا في غزة، وذلك من خلال الهجوم والاعتداء على المدارس وعلى مؤسسات ومقار وموظفي أونروا في قطاع غزة، حيث أدت هذه الهجمات إلى استشهاد 152 عاملا من موظفي الوكالة، وأصدرت تلك الدول قرارا عقابيا لملايين الفلسطينيين الذين يستفيدون من عمليات الوكالة.
ضغوط على الأردن
الخبير الاقتصادي مازن مرجي قال لـ"العربي الجديد" إن الأردن سيواجه تحديات كبيرة خلال الفترة المقبلة، في حال لم تتراجع الدول الممولة لوكالة الغوث عن قرارها، من ناحية العمل لتوفير الحد الأدنى من خدمات الرعاية للاجئين الفلسطينيين، وخاصة الصحية والتعليمية منها، في الوقت الذي يعاني فيه من ارتفاع عجز الموازنة والضغوطات على موارده المالية والبنى التحتية.
وأكد أهمية أن يضاعف الأردن جهوده بالضغط على المجتمع الدولي والولايات المتحدة بوجه خاص لأجل توفير التمويل اللازم لوكالة الغوث، لتمكينها من الاستمرار في نشاطاتها لخدمة اللاجئين الفلسطينيين، وتجنيب الوكالة تداعيات العدوان والحرب الدائرة على قطاع غزة.
وكانت الدول المانحة خفضت مخصصات الدعم للوكالة عدة مرات لدرجة لم تعد تغطي احتياجات اللاجئين الفلسطينيين.
وكانت أونروا وجهت العام الماضي نداء لجمع 1.6 مليار دولار من أجل برامجها وعملياتها واستجابتها الطارئة في سورية ولبنان والضفة الغربية التي تشمل القدس الشرقية وقطاع غزة والأردن.