لا يزال إخطار شركة الكهرباء الإسرائيلية أمس الأربعاء، لشركة كهرباء القدس، بقرارها فصل التيار الكهربائي عن بعض مناطق امتيازها بالضفة الغربية، بسبب الديون المتراكمة التي تقدر بمئات ملايين الشواقل (عملة إسرائيلية)، محط قلق من تنفيذ الشركة الإسرائيلية قرارها، وسط دعوات إلى ضرورة إيجاد حلول استراتيجية لتجنب تكرار فصل التيار الكهربائي، حيث إن هذه ليست المرة الأولى، وتكرر هذا التهديد عدة مرات خلال السنوات القليلة الماضية.
وأعلنت شركة كهرباء محافظة القدس، الليلة الماضية، أنه وبشكل رسمي، قررت (شركة كهرباء إسرائيل) فصل الكهرباء عن بعض مناطق الضفة بسبب تراكم الديون، تزامناً مع اقتراب ذروة الشتاء، والحصار المالي والسياسي المفروض على السلطة الفلسطينية، فيما أكدت شركة كهرباء القدس أنها ستبذل كل جهد يلزم للتخفيف من تأثير الانقطاعات في مناطق امتياز الشركة.
هذا التهديد الإسرائيلي المتعلق بفصل التيار الكهربائي، تكرر بحسب الخبير الاقتصادي، نصر عبد الكريم، خلال حديثه مع "العربي الجديد"، 3 مرات في آخر 5 سنوات، وكان يعلن في كل مرة أنه تم حل هذه الأزمات بين الحكومة الفلسطينية وكهرباء القدس من جهة وشركة الكهرباء الإسرائيلية من جهة أخرى، و"كنا نعتقد أن الأمور قد سويت، وأن الديون لن تتراكم، وكان واضحاً أن الآليات لحل الأزمة لم تكن ناجحة، ولم تكن فعالة بمعالجة الأزمة، بل ما جرى هو ترحيل تلك الأزمة، لتعود من جديد".
ووفق عبد الكريم، فإن حل تلك الأزمات لا بد منه عبر تقليل الاعتماد على الشركة القطرية- الإسرائيلية وعدم شراء كمية الكهرباء من تلك الشركة، والعمل على ضرورة إيجاد بدائل أخرى لتوفير الكهرباء وتوليدها، عبر استيرادها من دول الجوار أو من خلال الاستثمار بمشاريع الطاقة وتوليد الكهرباء.
وشدد عبد الكريم، على ضرورة تسوية العلاقة بين شركات الكهرباء والبلديات والمستهلكين والمؤسسات والوزارات، وضرورة تعزيز القانون وسيادته وتسوية الديون المتراكمة، وحل قضية إعطاء الكهرباء مجاناً للمخيمات عبر إعطاء المحتاجين منهم فقط، وليس الجميع، وضرورة تسوية الديون المتراكمة.
وأشار عبد الكريم إلى أن الشركة الإسرائيلية ستقلل الكميات التي يتم إعطاؤها لشركة كهرباء القدس، ما يضر الشركة لانتقاء ساعات محددة تكون فيها تقطيعات، لكن ستتم تسوية الأمور مجددًا "وقد نعود لنفس الدوامة إن لم تكن هناك عملية توزيع للطاقة وفق استراتيجية مرسومة".
شركة كهرباء محافظة القدس، أكدت وفق تصريحات رئيس مجلس إدارتها ومديرها العام، هشام العمري، أن كهرباء القدس على تواصل مع الحكومة الفلسطينية، وتعمل في سبيل البحث عن حلول ملائمة للخروج من أزمة الكهرباء والتخفيف من آثارها، في حال نفذت إسرائيل قرارها بقطع التيار الكهربائي عن مناطق الامتياز الأسبوع المقبل، بسبب تراكم الديون.
وقال العمري: "في ظل الحصار المالي والسياسي الصعب الذي تواجهه الحكومة الفلسطينية على مختلف الصعد، من قبل الحكومة الإسرائيلية، تتعمد إسرائيل خلق أزمات بشكل مقصود، لا سيما مع دخولنا فصل الشتاء، وذلك لخدمة أهدافها، وخلق حالة من الإرباك في الشارع الفلسطيني في محاولة للضغط على القيادة والحكومة".
وشدد العمري على أن الذرائع التي تسوقها شركة كهرباء إسرائيل بموافقة الحكومة الإسرائيلية لقطع الكهرباء بحجة تراكم الديون، ما هي إلا ذرائع واهية، تتذرع بها لتمارس سياسة العقاب الجماعي على أبناء الشعب الفلسطيني دون أي مراعاة للقوانين التي كفلتها الشرعية الدولية.
وأشار العمري إلى أنه بالرغم من الوضع المالي الصعب الذي تمر به الحكومة الفلسطينية، إلا أنها بذلت جهوداً مضنية خلال الفترة الماضية لحل أزمة الكهرباء والديون التي تراكمت على كهرباء القدس من خلال مساعدة الشركة في الحصول على القرض التجميعي من البنوك، وتشغيل محطة قلنديا لمنع إسرائيل من الاستمرار بخطواتها لقطع الكهرباء عن أبناء الشعب الفلسطيني.
ودعا العمري كافة المؤسسات والمشتركين إلى ضرورة تصويب أوضاعهم، وتسديد ما عليهم من ديون مستحقة لشركة كهرباء محافظة القدس، ووقف كافة أشكال سرقة التيار الكهربائي، بما فيها الربط العشوائي من قبل بعض المواطنين، مشيراً إلى أن استمرار سرقة التيار الكهرباء سيساهم في العودة إلى برنامج قطع الكهرباء في حال لم تلتزم كافة الأطراف بتحمل مسؤولياتها.
بيان شركة كهرباء القدس
هذا وقالت شركة كهرباء القدس، في بيان صحافي، إنّ "الديون التي تراكمت لصالح (شركة كهرباء إسرائيل) سببها السرقات والتعديات التي حذرنا منها كثيراً من جهة، ومن جهةٍ أخرى بسبب المتخلفين والغير ملتزمين عن دفع فواتيرهم المستحقة".
وتابعت الشركة، "نعتقد أنّ قرار (شركة كهرباء إسرائيل) بقطع الكهرباء عن مناطق امتيازنا، لم يكن عبثي التوقيت، فهو متزامن مع دخول فصل الشتاء، ويتزامن أيضاً مع الأوضاع الاقتصادية والسياسية الصعبة التي تمر بها البلاد".
وشدد بيان الشركة على أنها "ستبذل كل جهد يلزم، لتخفيف القطع (زمانياً ومكانياً) في مناطق المشتركين الملتزمين ومشتركي الدفع المسبق من القرار الإسرائيلي قدر الإمكان، فهو الهاجس الوحيد الذي نفكر فيه، فليس من المعقول ولا المنطقي أن يمس قرار القطع مشتركينا الملتزمين، أو المنشآت الحساسة مثل المستشفيات ومراكز التعليم ودور العبادة، ختم البيان.