أعلنت الحكومة الأردنية، اليوم الأربعاء، أنها بصدد التفاوض مع صندوق النقد الدولي على برنامج وطني جديد للإصلاح الاقتصادي، مدعوم من الصندوق لتعزيز منعة الاقتصاد الوطني وتحقيق المتطلبات التمويلية وتعزيز النمو.
وطلب رئيس الوزراء بشر الخصاونة من فريقه الوزاري العمل على استمرار التعاون مع صندوق النقد الدولي في إطار البرنامج القائم الذي وضعته الوزارات والمؤسسات الأردنية المختصة، والذي ينتهي في مارس/آذار من العام المقبل.
واستمع مجلس الوزراء في جلسته التي عقدها الأربعاء، إلى عرض قدمه الوفد المكوّن من وزير المالية ووزير التخطيط والتعاون الدولي ومحافظ البنك المركزي، الذي أنهى زيارة للولايات المتحدة، التقى خلالها وزيرة الخزانة جانيت يلين، ورئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، ومسؤولين في الكونغرس الأميركي، والمدير التنفيذي لصندوق النقد.
وشدد رئيس الوزراء، وفق بيان حكومي اليوم، على "أهمية النجاحات التي تحققت للأردن، عبر إتمام المراجعات الست لبرنامج التسهيل الممتد الحالي مع صندوق النقد الدولي، الذي عزز الاستقرار المالي والنقدي للأردن وجنّبه الضغوط التضخمية التي تعرضت لها اقتصادات مجاورة مماثلة مستوردة للنفط، فضلاً عن ثبات الأردن وتقدمه في تصنيفات وكالات التصنيف الائتماني الدولية".
وعبّر المحلل والكاتب في الشؤون الاقتصادية موسى الساكت، في حديث لـ"العربي الجديد" عن استغرابه إعلان الحكومة التفاوض على برنامج جديد مع الصندوق، رغم تصريحات نائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية وزير الدولة لتحديث القطاع العام ناصر الشريدة، خلال ملتقى "عام على التحديث"، الذي نظمته الحكومة بمناسبة مرور عام على إطلاق رؤية التحديث الاقتصادي وخريطة طريق تحديث القطاع العام نهاية الأسبوع الماضي، التي قال فيها إنّ من المبكر الحديث عن برنامج جديد مع الصندوق، معتبراً أن إعلان التفاوض مبكراً مع الصندوق يطرح التساؤلات عن الموضوع.
وتساءل عن سبب الذهاب إلى برنامج جديد قبل استكمال البرنامج الحالي الذي ينتهي في مارس/آذار المقبل، وبقيت له مراجعتان في سبتمبر/أيلول ومارس/آذار المقبلين.
وبحسب الساكت، فإن التعامل مع الصندوق له إيجابيات، فالصندوق لديه خبرة طويلة، مستدركاً بأن العديد من الحكومات تقول: "نحن لا نقبل أملاء الصندوق"، لكن السؤال: "هل الحكومات تعلم ماذا نريد بالضبط؟".
وتابع: "حتى تنجح رؤية التحديث الاقتصادي في الأردن، يجب أن يكون هناك نمو يزيد على 5%، فيما النمو حالياً حوالى 2.8%، وفي ظل هذا الرقم، لن نستطيع استحداث وظائف جديدة واستقطاب مزيد من الاستثمار إلا بتجاوز التحديات ورفع مستوى النمو فوق 5%، وإن كان الصندوق شريكاً بهذا الإنجاز، فأهلاً وسهلاً بالتعاون معه واستثمار العلاقة لتحقيق مؤشرات إيجابية".
أما المحلل الاقتصادي محمد البشير، فيقول لـ"العربي الجديد": "إن الحكومة بلا خيارات، فعجز الموازنة يفرض على الحكومة المزيد من التعاون مع الصندوق للحصول على قروض جديدة، باعتبار أن موارد الخزينة بموجبة السياسات الاقتصادية المتبعة من الحكومة والحكومات السابقة تفرض على الحكومات أن تبقى في مفاوضات مع الصندوق للحصول على قروض، بسبب الأعباء الكبيرة التي ترزح تحتها المالية العامة، ولا وسيلة ولا طريقة لتغذيتها إلا بالقروض".
وتابع: "الجزء الأهم من مشكلتنا الاقتصادية في الأردن متعلق بالمديونية، ومن بارك المديونية ومهد لها ووضع سيناريوهاتها، صندوق النقد الدولي"، موضحاً أنّ "برامج الصندوق في الأردن لا تركز على الصناعة، وتمرّ سريعاً وبخجل على القطاع الزراعي، وأنه دون وجود دعم حقيقي للقطاعين لمعالجة هيكلة الاقتصاد الأردني الذي تغلب عليه التجارة والخدمات وتشكل 70% من الناتج الاجمالي، لا يمكن الحديث عن نمو حقيقي أو معالجة للعجز في الميزان التجاري، ولا يمكن الحديث عن تخفيض نسبة البطالة، وهذه المؤشرات تسير بخط متوازٍ مع ارتفاع المديونية التي يشرف عليها صندوق النقد ويغذيها".
وبالرغم من برامج التصحيح المدعومة من صندوق النقد الدولي في السنوات الماضية، فقد شهد الاقتصاد الأردني تراجعاً من حيث مؤشرات ارتفاع الدين العام البالغ 55.5 مليار دولار حتى نهاية مايو/أيار الماضي، ليشكل ما نسبته 113.9% من الناتج المحلي الاجمالي، فضلاً عن ارتفاع البطالة لحوالى 22%.
وشهد المؤشر الأردني لثقة المستثمر الصادر عن منتدى الاستراتيجيات الأردني، الأسبوع الماضي، تراجعاً بنسبة 4.4%، لينخفض إلى 179 نقطة في الربع الأول من عام 2023، بعد أن كانت قيمته 187.3 نقطة في الربع الرابع من عام 2022.
وفي المجمل، انخفض مؤشر الثقة في النشاط الاقتصادي من 188.6 نقطة في الربع الرابع من عام 2022 إلى 181.1 نقطة في الربع الأول من عام 2023.
وبلغ معدل النمو في الناتج المحلي الإجمالي نحو 2.8% في الربع الأول من عام 2023، فيما بلغ معدل النمو ما نسبته 2.5% خلال الربع نفسه عام 2022، وحوالى 2% خلال الربع الرابع عام 2022.
وقال رئيس بعثة صندوق النقد الدولي للأردن رون فان رودن، في مايو/أيار الماضي، إن البنك المركزي الأردني نجح في الحفاظ على الاستقرار النقدي والمالي، ولا يزال البنك ملتزماً نظام سعر الصرف الثابت للدينار مقابل الدولار ورفع أسعار الفائدة على أدوات السياسة النقدية، تماشياً مع البنك الفيدرالي الأميركي.
وتوقع رودن استمرار نمو الاقتصاد الأردني في هذا العام، ليسجل 2.6%، مشيراً إلى أن نسبة نمو تراوح بين 2% و3% غير كافية لتحسين معيشة المواطنين، ومضيفاً أن الصندوق يرى أن معدلات البطالة في الأردن لا تزال مرتفعة، خصوصاً بين الشباب والنساء، وهذا يؤكد ضرورة الاستمرار في الإصلاحات الهيكلية.