تواجه الشركات الأميركية والغربية الداعمة للعدوان الإسرائيلي على غزة بحملات شعبية واسعة لمقاطعة منتجاتها في الأسواق المصرية. تصاعدت الدعوات الأسبوع الحالي، من مستويات النخبة إلى المناطق الشعبية، متأثرة بهول المجازر البشرية التي يرتكبها جنود الاحتلال ضد الأطفال والنساء والمدنيين بالأراضي المحتلة في غزة والضفة الغربية.
انتقلت الدعوات من النقابات المهنية والقوى الوطنية ليعلو صوتها من فوق المنابر، حيث يقود الأزهر الشريف حملة واسعة لدعم المحاصرين في غزة، ومطالبة المواطنين بالمساعدة بالعدة والعتاد لأشقاهم بفلسطين، مشدداً على أهمية مقاطعة منتجات الشركات التي تموّل العدوان الإسرائيلي أو تجمع تبرعات له.
ويأتي ذلك وسط مخاوف رجال الأعمال الذين يعملون وكلاءَ أو شركاء للجهات الداعمة لإسرائيل، التي تتركز في المنتجات الغذائية والترفيهية والأدوات المنزلية والتجميل والملابس، حيث يبدع مواطنون في طرح بدائل محلية أمام المستهلكين، لإيجاد اختيارات متعددة لكل سلعة يُحظَر التعامل عليها.
تدفع دعوات الشباب المنتشرة على وسائل التواصل الاجتماعي رجال الأعمال إلى الاستجابة لمطالبهم، بالمشاركة في تدبير البدائل المحلية للمنتجات التي يريدها الجمهور. تشمل البدائل التي يطرحها الداعون للمقاطعة، المشروبات الغازية والمياه والمأكولات والملابس والمطاعم، والمنظفات وأدوات التجميل ومستلزمات المصانع والشركات، وتحديد نوع كل سلعة مع نظيرتها الأجنبية، مع توزيع قائمة موسعة بأسماء الشركات المطلوب مقاطعتها شعبياً.
تقف الحكومة على مفترق طرق، بين رغبة في خفض الواردات الأجنبية في ذروة أزمة اقتصادية ومعاناة شديدة في تدبير العملة الأجنبية، وعدم قدرتها على دعم حملات المقاطعة، التي بدأت تلقى قبولاً في النشر بوسائل الإعلام التي تديرها أجهزة المخابرات.
تمارس الحكومة سياسات متناقضة بتكليف وكيل وزارة التجارة الخارجية والمسؤول عن وحدة "الكويز" الخاصة بدعم العلاقات الاقتصادية مع إسرائيل والولايات المتحدة، وائل سمير، تنشيط المباحثات مع الشركاء الدوليين من تركيا والصين والهند وكوريا الجنوبية، للتفاوض معهم بشأن زيادة الاستثمارات في المناطق الحرة الخاضعة لاتفاقية الكويز، بالدلتا والقاهرة والإسكندرية والشرقية، للاستفادة من المميزات الممنوحة لتلك المناطق في زيادة صادرات المشروعات التي يمولون إنشاءها بالمناطق الحرة الخاضعة للكويز لدخول الأسواق الأميركية من دون ضرائب أو حصص تصديرية.
بيّن وائل سمير في اجتماع عقد الأحد الماضي بجمعية رجال الأعمال المصريين، مع وفد من كبار المستثمرين الأتراك، وجود تسهيلات كبيرة في صادرات المناطق الحرة للسوق الأميركي في حالة قبولهم دخول مكونات إسرائيلية بنسبة لا تقلّ عن 10.5% من مدخلات الإنتاج أو 20% من قيمة تكلفة المنتج.
في المقابل، يستعرض المقاطعون نوعيات متعددة لصناعة المنظفات البتروكيماويات والأدوات المكتبية والهندسية، مطالبين الجمهور بأن يعتاد توظيف المنتج المحلي، ولو كان أقل من ناحية الشكل والعصرنة من المستورد.
يوظف مستهلكون قدراتهم في الرسم وإبداعهم بتوظيف الأشكال التعبيرية "كومكس" في الربط بين تناول مشروب غازي لشركة أميركية وتموين الطائرات الإسرائيلية بالوقود، الذي يمكنها من إلقاء القنابل على المدنيين في غزة.
دعا المستهلكون إلى مقاطعة الحملات التسويقية التي تقودها بعض الشركات والمحلات الكبرى، لدفع المواطنين إلى الشراء بمناسبة عيد الهالوين 4 نوفمبر/ تشرين الثاني، باعتباره مناسبة غربية تدعم رفع معدلات الاستهلاك للملابس وأدوات التجميل الغريبة.
قابلت بعض الشركات المذكورة في قوائم المقاطعة، حملات المستهلكين بنشر بيانات على لسان المنتسبين إليها، تظهر فيه تبعيتها لمستثمرين محليين، وفضلت أخرى تقديم تخفيضات على منتجاتها أو مشاركة عمالها بتبرعات عينية لأهالي غزة، دفعت المقاطعين إلى نشر صور عن الأطعمة والمشروبات والأموال التي توجهها الإدارات الرئيسية لتلك الشركات كتبرعات لجنود الاحتلال. تتضمن المنشورات تغيير مطاعم ماكدونالدز حقائب الطعام من اللون البني إلى الأبيض مذيَّلاً باللون الأزرق، في تماهٍ واضح مع العلم الإسرائيلي، الذي يظهر بالنجمة وكامل الوضوح على حقائب ماكدونالدز في الأسواق الدولية والموجهة مباشرة إلى جنود الاحتلال.
تقدمت ربات بيوت بأفكار عن صناعة الوجبات الغذائية للطلاب والموظفين في المنازل، للابتعاد عن شراء المنتجات الغذائية الجاهزة، التابعة للشركات الغربية. تحت شعار "قاطع لآخر نفس احفظهم وقاطعهم وادعُ الناس لمقاطعته".
ساهمت تجمعات نسائية" الماميز" في دفع المدارس الابتدائية إلى منع بيع منتجات "شيبس وبيبسي والبسكويت المستورد في مقاصف المدارس، مع طرح بدائل مصنوعة بالمنازل أو المحلات التقليدية، لصناعة البطاطس المقلية والفول والفلافل والبيض. تنشر "الماميز" قائمة مطولة بأسماء والعلامات التجارية للمنتجات المطلوب مقاطعتها، من جمهور المستهلكين، والتي تشمل ملابس رياضية مثل "بوما" ونايكي، ومشروبات كوكا كولا وبيسبي وستاربكس ونستله ومأكولات كنتاكي وشيبسي وبيتزا وهارديز وبيرغر كينغ.
تشير سهام زكي (ربة منزل) لــ "العربي الجديد" إلى أن المقاطعة نعمة إلهية تظهر للناس كمّ البدائل التي بين أيديهم ولم ينظروا إليها إلا وقت الشدة، وفرصة ليعلموا أن هناك آلاف المصانع التي تبحث عن فرصة لإثبات ذاتها، وأن الاختيارات في المأكولات داخل البيوت متعددة بعيدة عن تناول اللحوم والدواجن التي تشكل عبئاً كبيراً على ميزانية الأسر شهرياً.
يشارك ساسة وفنانون في دعم حملات المقاطعة، ومنهم من شنّ حملة على الفنان محمد صبحي، الذي أعلن رفضه لحملات مقاطعة المنتجات الداعمة لإسرائيل، مبيناً أن المقاطعة بهذا الشكل تستهدف مقاطعة شركات مصرية. نشر رجال أعمال عدة بيانات يحذرون فيها من مقاطعة العلامات التجارية الخاضعة للمقاطعة التي يديرونها، مشيرين إلى خطورة تأثر شركاتهم على مستوى العمالة، ومستوى التشغيل، في وقت تعاني فيه الشركات الخاصة من الركود والتراجع في مستوى التشغيل والإنتاج، منذ 3 سنوات.
يرسم متطوعون بعض المأكولات الخاضعة للمقاطعة على شكل دبابات وقنابل وصواريخ موجهة إلى الأطفال الفلسطينيين الذين تعرضوا للقتل الجماعي، تحت القصف المستمر الذي قتل نحو 9 آلاف إنسان ثلثهم من الأطفال بقطاع غزة.
ودعا مجلس نقابة الصحافيين في بيان للمجلس أصدره أمس إلى "قطع العلاقات مع العدو الصهيوني، وخفض مستوى التمثيل الدبلوماسي العربي مع الدول الداعمة للاحتلال وملاحقة رئيس دولة الاحتلال ومسؤولي الجيش الصهيوني لدى محكمة العدل الدولية، لمقاضاتهم بوصفهم مجرمي حرب، ومحاكمتهم على المذابح المروعة التي ارتكبوها في قطاع غزة وسائر الأراضي الفلسطينية".