جاء مخالفاً للتوقعات قرار مصر رفع أسعار الفائدة للمرة الأولى منذ أغسطس/آب 2023، في خطوة قد تسرع التقدم في حزمة إنقاذ أكبر مع صندوق النقد الدولي وتمهّد الطريق لخفض آخر لقيمة الجنيه.
ورفعت لجنة السياسة النقدية سعر الفائدة على الودائع بمقدار 200 نقطة أساس إلى 21.25% وسعر الإقراض إلى 22.25%، وفقا لبيان صدر يوم الخميس.
ولم يتوقع سوى "غولدمان ساكس غروب" و"مورغان ستانلي" رفع أسعار الفائدة في استطلاع أجرته "بلومبيرغ" لآراء اقتصاديين، بينما لم يتوقع الباقون أي تغيير.
وشكل القرار مفاجأة نظراً إلى تباطؤ التضخم لمدة 3 أشهر والضغط الذي سيفرضه ارتفاع تكاليف الاقتراض على المالية العامة.
لكن من المرجح، بحسب "بلومبيرغ"، أن يكون القرار مؤشراً إلى أن مصر تعمل على تهيئة الظروف لتحقيق انفراجة في المحادثات الجارية حالياً في القاهرة مع صندوق النقد الدولي بشأن زيادة قرضها الحالي البالغ 3 مليارات دولار، والذي لم يتم صرف سوى القليل منه، وذلك كجزء من حزمة أوسع قد تتجاوز 10 مليارات دولار وتشمل دعم البنك الدولي.
وفي هذا الصدد، قال فاروق سوسة، الخبير الاقتصادي في "غولدمان ساكس"، الذي توقع رفع الفائدة بمقدار 300 نقطة أساس، لـ""بلومبيرغ"، إن "احتمال التوصل إلى اتفاق جديد مع صندوق النقد الدولي في الأسابيع المقبلة سيؤدي إلى تحول متشدد في الموقف النقدي".
ولفت إلى أن زيادة بهذا الحجم "سترسل إشارة نية إيجابية من جانب السلطات، وتمهد الطريق أمام اتفاق جديد مع صندوق النقد الدولي في المستقبل القريب جداً".
ومع استمرار الأزمة الاقتصادية في مصر، أصبح النقص في العملة الصعبة خطيراً، ما أدى إلى تزايد الضغوط على الجنيه المصري بعد 3 تخفيضات لقيمة العملة منذ أوائل مارس/آذار 2022، ما أدى إلى خفض قيمته الرسمية إلى النصف، إلى نحو 30.9 جنيهاً للدولار. لكن في السوق السوداء، الجنيه أصبح أضعف بكثير، ويتم تداوله بين 65 و70 للدولار الواحد هذا الأسبوع.
وتركز المناقشات مع صندوق النقد الدولي على مراجعتين مؤجلتين للاتفاق الحالي الذي تم التوصل إليه قبل أكثر من عام. وتغطي المحادثات الإصلاحات التي تحتاج مصر إلى تفعيلها والتي تشمل تشديد السياسات النقدية والمالية إلى جانب التحرك نحو نظام مرن لسعر الصرف.
وفي علامة على أن مصر تحرز تقدماً نحو تحقيق بعض هذه الأهداف، وافق مجلس الوزراء، يوم الأربعاء الفائت، على اقتراح لخفض الإنفاق على استثمارات الدولة ووقف المشروعات الجديدة حتى يوليو/تموز المقبل على الأقل.
وينتظر صندوق النقد الدولي أن تسمح مصر بسعر صرف أكثر مرونة والوفاء بوعود أخرى قبل تسليم المزيد من الأموال.
وفي هذا المجال، قال اقتصاديون في "مورغان ستانلي"، بمن فيهم ألينا سليوسارتشوك، في تقرير لـ"بلومبيرغ": "إن الزيادات الكبيرة في نفقات الحكومة على أسعار الفائدة والإعانات والإنفاق الاجتماعي والأجور تحد من نطاق التعديلات في العملات الأجنبية وأسعار الفائدة، ولكن شروط صندوق النقد الدولي تتطلب موقفا أكثر صرامة في السياسة النقدية والمالية فضلا عن التحرك نحو مزيد من المرونة في العملات الأجنبية".
وفي ديسمبر/كانون الأول 2023، قالت مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا جورجييفا إن مكافحة التضخم تمثل أولوية بالنسبة لمصر، حيث أظهر نمو أسعار المستهلك أخيرا علامات التباطؤ بعدما وصل إلى مستوى قياسي بلغ 38% في وقت سابق من عام 2023.
وأشار البنك المركزي في بيانه، أمس الخميس، إلى أن "الضغوط التضخمية واسعة النطاق لا تزال مرتفعة، وتستمر في التأثير على التسعير وسلوكيات الاستهلاك".
وأضافت جوجييفا أن "حالة عدم اليقين الجيوسياسي واضطرابات التجارة البحرية المستمرة لا تزال تزيد من الضغوط التضخمية المحلية والعالمية"، في إشارة إلى هجمات الحوثيين على الشحن البحري في البحر الأحمر رداً على عدوان غزة، والتي أدت إلى انخفاض كبير في حركة المرور عبر قناة السويس المصرية.
واعتبرت أنه "على هذه الخلفية، ترى لجنة السياسة النقدية أن ميزان المخاطر المحيطة بتوقعات التضخم يميل نحو الاتجاه الصعودي".