أقال الرئيس التونسي قيس سعيّد، يوم الاثنين، المدير العام لديوان الحبوب الحكومي، في ظل أزمة تزود بالخبز والدقيق تعرفها البلاد منذ عدة أشهر.
وأصدر سعيّد، وفق بلاغ نشرته الصفحة الرسمية لرئاسة الجمهورية، قراراً بإنهاء مهام المدير العام لديوان الحبوب البشير الكثيري، وتعيين سلوى بن حديد بدلاً منه. وطلب سعيّد من وزيرة العدل سلوى جفال إصدار ملاحقات قضائية ضد من اتهمهم بالاحتكار في مجال توزيع الحبوب والمواد الاستهلاكية الأخرى التي شهدت ارتفاعاً غير مسبوق في أسعارها.
وديوان الحبوب في تونس هو المؤسسة الحكومية المشرفة حصريا على توريد الحبوب بمختلف أصنافها، وتوزيع الحصص على المطاحن من أجل صناعة الخبز والمعجنات، كما يتولى الديوان قبول وتجميع محاصيل الحبوب المحلية.
ويعاني ديوان الحبوب من ارتفاع ديونه لدى البنوك التونسية، حيث بلغت وفق أحدث الأرقام الرسمية ما يزيد عن 4.8 مليارات دينار .
ولمواصلة القيام بمهامّه، اضطّر ديوان الحبوب إلى اللجوء للتداين من البنوك محلية، ومن المؤسّسات المالية العالمية، حيث بلغت ديونه لدى البنك الوطني الفلاحي ( بنك حكومي) 4.8 مليارات دينار العام الماضي، وهو ما يمثّل حوالي 27% من إجمالي القروض الممنوحة من قبل البنك للحرفاء.
وتسببت الوضعية المالية الصعبة لديوان الحبوب في تأخر سداد فواتير شحنات الحبوب، التي أصبحت تتأخر نتيجة إصرار المزودين على الحصول على أموالهم مسبقا، خوفا من انزلاق تونس في دائرة التخلف عن سداد ديونها.
وتعول تونس بشكل أساسي على القمح المُورَّد لتوفير الغذاء لمواطنيها، الذين يصل استهلاكهم السنوي من الحبوب إلى ما بين 2.5 مليون إلى 3 ملايين طن من الحبوب، وهو ما يعادل 136 كلغ من الدقيق والحبوب في العام الواحد لكلّ مستهلك.
وقال المرصد التونسي للاقتصاد، في مذكرة نشرها مؤخرا، إن تراجع سعر صرف الدينار أثر على التوازنات المالية لديوان الحبوب، وإن ذلك أجج أزمة الخبز، باعتبار أن الديوان يحتكر توريد الحبوب وتوزيعها على عدد من المتدخلين في المنظومة، مبينا أنه كان لارتفاع نفقات توريد الحبوب وقع ثقيل على الأمن الغذائي للتونسيين.
وفسر المرصد تواصل تدهور منظومة التزويد بالخبز بالضغوط المتزايدة المسلطة على العملة الوطنية، تبعا لتقلص سعر صرفها بشكل حاد امام أبرز العملات الأجنبية المرجعية للاستيراد، وذلك الى جانب رفع السلط قسما كبيرا من الدعم عن المواد الأساسية، وهو ما بلغت نسبته 90% خلال الربع الأول من العام الحالي، حسب الأرقام الرسمية الصادرة عن وزارة المالية في تقريرها حول متابعة تنفيذ ميزانية الدولة لسنة 2023.
وقال المرصد إن ذلك "يثير مخاوف حول حق التونسيين في الغذاء، في ظل سياق اقتصادي دقيق يتّسم بارتفاع المديونية، وتراجع احتياطي العملة الأجنبية".
وتواجه تونس نقصاً في إمدادات الحبوب بسبب الحرب الروسية في أوكرانيا، إلى جانب تراجع الإنتاج الوطني بما يزيد عن 80% هذا العام تحت وطأة الجفاف.
وتسبب هذا النقص في ندرة مواد الدقيق والسميد في الأسواق، وفي اضطراب إنتاج الخبز الذي يستهلك على نطاق واسع، حيث تشهد المخابز طوابير يومية منذ أشهر.
وتأتي إقالة مدير ديوان الحبوب ضمن سلسلة أخرى من الإقالات لمديرين في مؤسسات عمومية.
(الدولار الأميركي = 3.09 دنانير تونسية)