استمع إلى الملخص
- تواجه شركة الكهرباء والغاز تحديات مالية مع ديون غير مستخلصة بلغت 3.1 مليارات دينار، مما دفعها لتقسيط الفواتير في ظل ارتفاع استهلاك الكهرباء بسبب التغيرات المناخية.
- يشدد خبراء الطاقة على أهمية التحول للطاقات المتجددة لتقليل كلفة الاستهلاك، مع ضرورة تنويع مصادر الإنتاج وتسريع الشراكات مع القطاع الخاص.
أدرجت سلطات تونس خفض الضريبة على الكهرباء ضمن حزمة الإجراءات الاجتماعية التي ستبدأ في تنفيذها مع دخول أحكام قانون الموازنة الجديدة حيّز النفاذ في يناير المقبل. وتضمن قانون الموازنة بنداً يقر التخفيض من الضريبية الموظفة على الاستهلاك المنزلي للكهرباء والغاز الطبيعي من 13 إلى 7% لفائدة الأسر التي لا يتجاوز استهلاكها الشهري من الكهرباء والغاز 300 كيلواط/ ساعة في الشهر، إلى جانب خفض الاستهلاك بنسبة تصل إلى 5.0%.
ومن المرجح أن تشمل تدابير تخفيف أعباء فواتير الكهرباء أكثر من 90% من مستعملي الشبكة الذين يزيد عددهم على 4,7 ملايين مستهلك، وفق بيانات رسمية.
ورغم أن سلطات تونس تدعم الكهرباء بنحو 4 مليارات دينار سنوياً في إطار خطتها الاجتماعية، إلا أن فواتير الكهرباء تضغط على نفقات شريحة واسعة من التونسيين، حيث راكمت شركة الكهرباء والغاز الحكومية عام 2023 أكثر 1.3 مليار دينار من الديون غير المستخلصة لدى الأسر المتعثرة.
ومنذ عام 2022 رفعت سلطات تونس أسعار الكهرباء والغاز من خلال اعتماد تعريفات جديدة لأصحاب الحرف المنزلية والصناعية بمقدار 12.2% للكهرباء و16% للغاز الطبيعي، وبين 12 و15% للصناعيين من مستعملي الجهد العالي والمتوسط، ما تسبب في ضغوط إنفاقيه جديدة على الأسر المنهكة بالغلاء وتداعيات التضخم.
ويرى رئيس منظمة إرشاد المستهلك، لطفي الرياحي، أنه سيكون من المهم جداً خفض الضريبة على الكهرباء الموجهة للأسر محدودة الاستهلاك، مشيرًا إلى أن ذلك سيساعد على تقليص أعباء الفواتير.
وقال الرياحي في تصريح لـ"العربي الجديد": تكشف قيمة الديون غير المستخلصة لفواتير الكهرباء لدى شركة الكهرباء والغاز مرحلة متقدمة من تعثر الأسر على دفع الفواتير، ما يضطر المؤسسة الحكومية إلى اتخاذ إجراءات دورية لجدولة الديون بهدف تحسين نسبة الاستخلاص.
وأشار المتحدث إلى التحولات المناخية والارتفاع الشديد لدرجات الحرارة صيفًا، ما أدى إلى استهلاك قياسي للكهرباء من قبل الأسر، وهو ما يؤدي إلى تضخم الفواتير ودخول العائلات في دوامة الاستدانة وعدم القدرة على السداد، ولا سيما في ظل اعتماد تعريفات تدريجية حسب كميات الاستهلاك.
واعتبر الرياحي أن مراجعة الضرائب على الكهرباء والغاز من شأنه أن يخفض من كلفة الاستهلاك بدرجة مقبولة، مشدداً على أهمية الإجراءات الاجتماعية التي تقرها السلطات في تحسين المستوى المعيشي ومكافحة آثار الغلاء.
وتهرب أسر تونسية من غلاء فواتير الكهرباء نحو الحلول الطاقية الجديدة بمحاولة الاستفادة من أشعة الشمس لتلبية احتياجاتها من الطاقة الأساسية بعدما فاقمت الزيادات في سعر الكهرباء نفقات العائلات المنهكة بالغلاء.
وتحل فواتير الكهرباء في مرتبة متقدمة في الإنفاق الأسري للتونسيين حيث تؤكد بيانات لمعهد الإحصاء الحكومي أن كلفة السكن التي تشمل فواتير الكهرباء تشكل أكثر من 23% من مجموع هيكلة نفقات الأسر محتلة المرتبة الثانية بعد نفقات التغذية والمشروبات غير الكحولية.
في المقابل، أظهر مسح حول "استهلاك الطاقة في المنازل وقطاع الخدمات في تونس"، نشرته الشركة التونسية للكهرباء والغاز عام 2023، أن متوسط استهلاك المنازل من الكهرباء يقدر بـ 1,635.9 كيلوواط عام 2019، مقارنة بـ 1,508.4 كيلوواط عام 2014.
وأبرزت هيكلة استهلاك الكهرباء في المنازل أن النسبة الأعلى للطاقة المنزلية تذهب إلى الطهي بنسبة 28%، ثم التدفئة والمياه الساخنة المنزلية بنسبة 21%، والثلاجات بنسبة 11%، أما أجهزة التلفزيون فتستهلك 6%، والتكييف 5%، والإضاءة 4%.
ووفق خبير الطاقة حامد الماطري، يستأثر القطاع السكني بما بين 27 و30% من الاستهلاك الطاقي محتلاً المرتبة الثانية بعد قطاع النقل، وهو ما يجعل التحكم في تضخم هذه الفاتورة أمراً مهماً.
ويؤكد الماطري في تصريح لـ"العربي الجديد" أن خفض كلفة الإنفاق على الطاقة يحتاج إلى تشجيع الأسر نحو الانتقال عبر خفض أسعار الطاقات المتجددة مقابل زيادة في تعريفات الطاقة التقليدية إلى جانب ضبط معايير بناء صارمة تدعم سياسة خفض كلفة الاستهلاك العامة في الكهرباء.
ويقول الماطري إن التحوّل الطاقي في تونس أصبح مساراً إجبارياً مع تنامي الطلب على الكهرباء للاستعمال المنزلي أو الصناعي، معتبراً أن تلبية هذا الطلب يتطلب تنويعاً في مصادر إنتاج الكهرباء والتسريع في مشاريع الشراكة مع القطاع الخاص لإنتاج الكهرباء لفائدة الشركة الحكومية.
وفي نوفمبر/ تشرين الثاني 2023 أطلقت شركة الكهرباء والغاز الحكومية مبادرة لتقسيط فواتير الكهرباء لفائدة عملائها المتعثرين بهدف تحسين نسبة الاستخلاص وتخفيف ديونها التي بلغت 3 مليارات دينار، أي ما يعادل مليار دولار.
وتعاني الشركة الحكومية التي تحتكر خدمة إنتاج وتوزيع الكهرباء في البلاد من ارتفاع ديونها غير المستخلصة التي بلغت في يونيو/ حزيران الماضي مستوىً قياسياً بلغ 3.1 مليارات دينار، وفق بيانات رسمية أفصحت عنها المؤسسة.