تخطط تكتلات رجال الأعمال التونسية الليبية لاقتناص حصة في مشاريع إعادة إعمار المدن الليبية بما يسمح للبلدين بإعادة تنشيط العلاقات الاقتصادية التي دخلت طور الركود منذ نحو عشر سنوات.
وباشر المجلس الأعلى لرجال الأعمال التونسيين والليبيين الإجراءات الرسمية لعقد سلسلة من المؤتمرات في قطاعات متعددة من أجل وضع خريطة طريق للشراكات القادمة في قطاعات الصحة والبناء والخدمات، إلى جانب تسهيل إجراءات فتح باب التوظيف أمام 300 ألف تونسي في ليبيا.
وقال رئيس المجلس الأعلى لرجال الأعمال التونسيين والليبيين، عبد الحفيظ السكرافي، إن خريطة طريق استعادة النشاط الاقتصادي بين البلدين شبه جاهزة، مؤكدا تحديد روزنامة اللقاءات الرسمية مع مسؤولين في تونس من أجل مباشرة إجراءات عقد الصفقات وتجهيز عقود العمل للراغبين في العمل بليبيا. وأشار إلى أن السوق الليبية جاهزة لتوفير 300 ألف فرصة عمل للتونسيين في اختصاصات متعددة.
وأكد السكرافي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن المجلس الأعلى لرجال الأعمال يسعى لكي تكون مساهمة تونس في إعادة إعمار ليبيا كبيرة، مشيرا إلى أن مجموعة من العوامل تخدم المصلحة التونسية رغم المنافسة الشرسة على سوق ليبيا من قبل شركات عالمية كبرى.
وأضاف في السياق ذاته، أن للشركات التونسية دراية بالسوق الليبية، كما أن عامل اللغة يخدم المؤسسات التونسية للفوز بصفقات في ليبيا، مرجّحا أن تكون بعض الصفقات على شكل شراكات مع مؤسسات فرنسية وأخرى إيطالية بسبب عدم قدرة مؤسسات تونسية على تنفيذ المشاريع بمفردها نتيجة ضعف الإمكانيات.
ورجّح رئيس المجلس الأعلى لرجال الأعمال التونسيين والليبيين أن تساهم تونس في إعادة إعمار منطقة الساحل والجبل، مؤكدا التوصل إلى اتفاقات مع بعض البلديات في منطقة الجبل والساحل لإعادة الإعمار، وكذلك في سبها وجنوب ليبيا، وأوضح أن المجلس بصدد إجراء مفاوضات مع مكتب الأمم المتحدة لبداية الأشغال قريبا.
وشرح السكرافي تفاصيل روزنامة المؤتمرات الاقتصادية التي ستعقد لهذا الغرض، مؤكدا انعقاد مؤتمر تنموي في بن قردان الحدودية يومي 6 و7 مارس/ آذار إلى جانب مؤتمر تجاري بالاشتراك مع دار المصدر (مؤسسة حكومية لدفع الصادرات)، ومؤتمر صحي تحت إشراف وزارة الصحة التونسية في آخر شهر مايو/ أيار 2021، ومؤتمر آخر سياحي بمشاركة وزارة السياحة في آخر شهر سبتمبر/ أيلول 2021.
وأضاف في هذا السياق، أن المجلس الأعلى بصدد تكوين مجالس قطاعية ليتولى كل قطاع تدارس إمكانيات التعاون والشراكة، معتبرا أن ذلك سيساعد على إيجاد حلول كثيرة في البلدين على أن تكون الجزائر شريكا دائما في كل الاتفاقات، وفق قوله.
وحول قيمة الصفقات التي يمكن أن تفوز بها تونس في مرحلة إعادة الإعمار، قال إنه لا يمكن تحديدها، غير أنها قد ترتقي إلى أكثر من 10 مليارات دولار في السنوات القادمة.
ويمثل فتح باب التشغيل للتونسيين في ليبيا منفذا مهما لخفض نسب البطالة المتفاقمة في البلاد، حيث كانت ليبيا لسنوات طويلة مشغلا مهما للعمالة التونسية قبل أن تعطّل الحرب في الجارة الجنوبية لتونس أغلب أشكال التعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين وتتسبب في عودة أكثر من نصف مليون تونسي كانوا يعملون هناك.
وقبل ثورة البلدين عام 2011، شهدت التجارة بين تونس وجارتها ليبيا ازدهارا دام أكثر من عقدين قبل أن تدخل طور الانكماش في العشرية الأخيرة نتيجة الاضطرابات الأمنية في لبيبا وتأثيرها على العمل الاقتصادي.
ويمثل القطاع البنكي، بحسب الخبير الاقتصادي محمد منصف الشريف، دعامة مهمة للمبادرات الاقتصادية الثنائية عبر تسهيل التمويلات اللازمة لإنجاز الصفقات وتسهيل فتح الاعتمادات السندية للتجار بعد تضييقيات كبيرة فرضتها البنوك خوفا من تبييض الأموال.
وقال الشريف إن نحو 5 بنوك تونسية ليبية (ذات رأس مال مشترك)، يمكن أن تلعب دورا مهما في مرحلة إعادة الإعمار، مشيرا إلى أن الاقتصاد التونسي يمكن أن يحقق نقطتي نمو سنويا عبر الاستفادة من الإمكانيات المتاحة في السوق الليبي.
وحسب بيانات للغرفة التجارية التونسية الليبية، يبلغ عدد المؤسسات الاقتصادية التونسية التي تتعامل مع السوق الليبية حوالي 1300 شركة.