- تقرير البنك الدولي يحذر من خسائر في الناتج المحلي الإجمالي تصل إلى 3.4% بحلول 2030 إذا تأخرت الإجراءات، مشيرًا إلى ارتفاع نسبة فاقد المياه وضرورة تحفيز الاستثمارات.
- تسعى تونس لتنفيذ استراتيجيات وبرامج لمعالجة تأثيرات التغيرات المناخية، بما في ذلك تحلية مياه البحر واستخدام الطاقة الشمسية، وتحشد الدعم الدولي لتمويل استراتيجيتها الوطنية للمياه.
تستغل سلطات تونس حضورها في اجتماعات الربيع لصندوق النقد والبنك الدوليين للبحث عن تمويلات لأزمة المياه وتأثيرات التغيرات المناخية على الاقتصاد والقطاعات الحيوية، ولا سيما القطاع الزراعي. وتشير بيانات البنك الدولي إلى أنّ تأخر تونس في اتخاذ الإجراءات المطلوبة لمعالجة الأزمة يؤدي إلى ارتفاع خسائر الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 3.4% بحلول عام 2030، مما يعادل خسائر سنوية متوقعة تناهز 5.6 مليارات دينار (1.8 مليار دولار).
وفي هذا الصدد، أعلنت وزارة الاقتصاد والتخطيط التونسية، اليوم الجمعة، في منشور لها على صفحتها الرسمية في "فيسبوك"، إن الوزيرة فريال الورغي السبعي عقدت، أمس الخميس، اجتماعاً مع خبراء البنك الدولي في مجال المياه، حيث تناول اللقاء التحديات الكبرى التي تواجهها تونس في هذا المجال جراء الانعكاسات الناجمة عن التغيرات المناخية. وتطرقت إلى "البرامج والاستراتيجيات التي يتم العمل عليها للحد من تداعيات هذه الظاهرة المستجدة، داعية إلى تعزيز التعاون والعمل المشترك لدعم تونس في هذا التمشي عبر وضع برامج تمويل خصوصية للغرض متكاملة وتتلاءم مع الحاجيات الوطنية".
وتعاني تونس تأثيرات قاسية للتغيرات المناخية على اقتصادها وأمنها الغذائي بسبب نقص المتساقطات المطرية السنوية وتراجع مخزون السدود إلى مستويات مقلقة لا تتجاوز 37% من طاقتها التخزينية. كما تواجه تحدّياً كبيراً يتعلق بشح المياه، وهو ما يضر بالإنتاج الزراعي، حيث يكشف انخفاض الأمطار وتغير معدل تساقطها، أوجهَ القصور في هذا القطاع، الذي يحتاج إلى تدابير إصلاحية للتكيف مع تغير المناخ. وإضافة إلى ذلك، ارتفعت نسبة فاقد المياه في الشركة الوطنية لاستغلال المياه وتوزيعها من 25% عام 2010، إلى 34% سنة 2021، وفقاً لتقرير صادر عن البنك الدولي في نوفمبر/ تشرين الثاني 2023.
وأوصى البنك الدولي بالتعجيل بوضع سياسات عامة وتحفيز فرص الاستثمار التي يمكن أن تحد من آثار تغير المناخ، على الناس ومؤسسات الأعمال، وتعزز القدرة التنافسية للاقتصاد التونسي. وفي هذا الصدد، يقول الخبير في التنمية والمياه حسين الرحيلي، لـ"العربي الجديد"، اليوم الجمعة، إنّ ورشات اجتماعات الربيع لصندوق النقد الدولي اهتمت هذا العام بمخرجات قمة المناخ "كوب 28" وهو ما يهيئ الأرضية الدول التي تعاني تأثيرات المناخ على اقتصاداتها لمناقشة حلول لمشكلاتها المناخية. وأكد أن تونس واقعة ضمن كوكبة البلدان الأكثر تأثراً بالجفاف، غير أن سياساتها العامة في إيجاد حلول للأزمة غير واضحة ولا تشجع المانحين على مساعدتها مالياً على ضخ استثمارات في مجال تحلية المياه أو تخزين طاقتها التخزينية.
وأشار المتحدث إلى أن السلطات التونسية مدعوة إلى تهيئة بنية تحتية تساعد على إنشاء محطات لتحلية مياه البحر بكلفة منخفضة عبر الاعتماد على الطاقة الشمسية، لافتاً إلى أن هذه البنية غير متوفرة في تونس حالياً، وهو ما يؤخر حلول معالجة تأثيرات الجفاف على الاقتصاد المحلي ويصاعد أزمة المياه ومخاطر الأمن الغذائي للبلاد.
وبحسب تقرير البنك الدولي، يؤدي تأخر تونس في اتخاذ الإجراءات المطلوبة بشأن التغيرات المناخية إلى ارتفاع خسائر إجمالي الناتج المحلي بنسبة 3.4% بحلول عام 2030، مما يؤدي بدوره إلى خسائر سنوية متوقعة تبلغ نحو 5.6 مليارات دينار (1.8 مليار دولار). وقال التقرير إن تدابير التكيف والتخفيف المشتركة، لمعالجة تغير المناخ وإزالة الكربون من قطاع الكهرباء، يمكن أن تعزز نمو إجمالي الناتج المحلي إلى 8.8% بحلول عام 2030، وتقليص رقعة الفقر وخفض الانبعاثات المرتبطة بالطاقة.
وخلال قمة المناخ 28 التي انعقدت في دبي نهاية العام الماضي، سعى مزارعو تونس لحشد دعم تمويلي لفائدة بلادهم بعد إنهاك كبير أصاب القطاع الحيوي نتيجة تتالي سنوات الجفاف لخمسة مواسم متلاحقة، علماً أن تونس تحتاج إلى تمويلات لتنفيذ الاستراتيجية الوطنية للمياه بنحو 70 مليار دينار، أي ما يعادل 22.5 مليار دولار للإنقاذ المائي حتى عام 2050، بواقع 2.7 مليار دينار (نحو 870 مليون دولار) سنوياً.
ومنذ مارس/ آذار 2023، تنفذ سلطات تونس سياسة تقشفية في التصرف في المياه بعد حظر استعمال مياه الري في نحو نصف المساحات المروية المقدرة بما يزيد على 402 ألف هكتار. والقطاع الزراعي هو المستهلك الأول للمياه بنسبة تزيد عن 80%، غير أن تراجع مخزونات السدود إلى ما دون 25% يمنع منذ أشهر برمجة أصناف أساسية من الخضروات والفواكه بما يدفع المزارعين إلى تغيير وجهتهم نحو نشاطات أقل استهلاكاً للمياه.