تعمل آلات تنقيب ثقيلة على البحث عن الغاز في آبار تم اكتشافها داخل الكتلة السكانية في مدينة الشيخ زويد شرق محافظة شمال سيناء، (شمال شرق مصر)، دون أن تعلن الحكومة المصرية عن هذه المشاريع، ما يشير إلى أن هذه العمليات تتم بحماية مباشرة من قوات الجيش المصري، إذ إنها تقع في مناطق عسكرية مغلقة، تتحكم فيها القوات المسلحة، حسب مصادر موثوقة في سيناء لـ"العربي الجديد".
يضاف ذلك إلى سلسلة من عمليات التنقيب التي تقوم بها شركة أجنبية، لصالح الحكومة المصرية، في بحر شمال سيناء، منذ عدة سنوات، في منطقة امتياز نور، حيث تقوم شركة إيطالية باستخراج الغاز وفق اتفاقية مع الحكومة المصرية.
وحصلت "العربي الجديد" على معلومات من مصادر تشير إلى أن آليات تنقيب تعمل منذ عدة أسابيع على استخراج الغاز من بئري غاز متواجدتين في مناطق بحدود مدينة الشيخ زويد الواقعة بين مدينتي رفح والعريش، وتحديدا في منطقة قبر عمير، حيث أغلقت مناطق كاملة فيها بالجدران الإسمنتية عالية الارتفاع، مع تواجد آليات تنقيب وآليات ثقيلة أخرى ذات استخدامات متعددة، داخل المناطق المغلقة بالجدران.
فيما تحيط المنطقة قوات عسكرية تابعة للجيش المصري، تمنع اقتراب أي مدني من المكان، إذ يقع أحد أهم ارتكازات الجيش المصري على الطريق الدولي في تلك المنطقة، حيث كمين قبر عمير المشهور، الذي تعرض لسلسلة هجمات على يد تنظيم ولاية سيناء الموالي لتنظيم "داعش".
ووفقا للمصادر، التي رفضت ذكر أسمائها، فإن منطقة قبر عمير كانت إحدى نقاط تمركز قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي إبان فترة الاحتلال الإسرائيلي لسيناء، ومنذ ذلك الحين جرى الحديث عن وجود غاز في تلك المنطقة.
واستهدفت إسرائيل السيطرة على تلك المنطقة بالتحديد وتكثيف التواجد العسكري بها، بهدف الاستحواذ على آبار الغاز، إلى أن تم عقد اتفاقية كامب ديفيد عام 1979 وانسحبت القوات الإسرائيلية من كل سيناء عام 1982.
ولكن الظروف السياسية والأمنية في مصر حالت دون نظر مصر إلى آبار الغاز في شمال سيناء بحرًا وبرًا، إلى أن بدأ التنقيب والبحث تمهيدًا للاستخراج، وجرى الوصول إلى آبار ذات قيمة عالية في بحر شمال سيناء، وبرها أيضًا، إلا أن البحث في المناطق البرية لا يزال في طور البدايات والسرية غير المبررة.
ويشار إلى أن امتياز شمال سيناء البحري، هو منطقة للتنقيب عن الغاز الطبيعي، جنوب شرقي البحر المتوسط، في المياه الاقليمية المصرية.
وتقع منطقة الامتياز على بعد 50 كلم من الساحل الشرقي للبحر المتوسط، بإجمالي مساحة 739 كيلومترا مربعا، وعمق مياه يتراوح بين 50 و400 متر.
وتمتلك شركة "إيني" الإيطالية، مشغل منطقة الامتياز 85% من الامتياز، وتمتلك "ثروة" للبترول 15%.
وتتولى إيني وثروة حالياً أعمال حفر الحقل المكتشف في المنطقة، حقل نور، ووفقا للمعلومات الواردة من وزارة البترول المصرية فإن حجم حقل نور المكتشف عام 2019 يبلغ 60 تريليون متر مكعب من الغاز، أي ضعف حقل ظهر وهو الذي كان أكبر حقل غاز مصري، فيما يعد حقل نور من أكبر حقول الغاز في العالم، وتخفي الحكومة المصرية الإيرادات المتوقعة لهذا الحقل، والكميات المتوقعة خلال الأعوام المقبلة.
وفي التعقيب على ذلك، يقول باحث في شؤون سيناء لـ"العربي الجديد" إن سيناء على مدار التاريخ مشهورة بالثروات المعدنية والبترولية، برًا وبحرًا، ولا يمكن لأحد إخفاء هذه الحقائق، إذ إن قوافل الشاحنات المحملة بكنوز سيناء التي تنقل من سيناء باتجاه الجمهورية وخارجها، أكبر دليل على ذلك.
ويشير الباحث، الذي رفض ذكر اسمه، إلى بحر شمال سيناء، الذي ظهر في السنوات السبع الأخيرة احتوائه على كميات ضخمة من الغاز.
وتؤكد كبار الشخصيات في سيناء ومشايخها أن الاحتلال الإسرائيلي كان يعلم بوجود الغاز في سيناء برًا وبحرًا، ولذلك كان مهتما جدًا بالبقاء بها واستمرار احتلالها، كي يتمكن من نهب ثرواتها، ونقلها للأراضي الفلسطينية المحتلة.
يقول باحث في شؤون سيناء لـ"العربي الجديد" إن سيناء على مدار التاريخ مشهورة بالثروات المعدنية والبترولية، برًا وبحرًا، ولا يمكن لأحد إخفاء هذه الحقائق
وأضاف الباحث أن المريب في الأمر حالة السرية التي تحيط بعمليات التنقيب في بر شمال سيناء، خصوصا في ظل الحديث عن الأطماع الإسرائيلية، وبالتزامن مع ما كشفت عنه "العربي الجديد" في وقت سابق عن دخول قوات هندسية إسرائيلية إلى شمال سيناء عبر الحدود الفاصلة بين سيناء والأراضي الفلسطينية المحتلة، وقرب الآبار من الحدود مع الاحتلال مسافة قصيرة، ذلك كله يضع علامات استفهام كبيرة حول ما حقيقة ما يجري على الأرض، حسب الباحث.
وتعيش محافظة شمال سيناء ظروفاً حياتية سيئة للغاية، في ظل إهمال الدولة المصرية للمنطقة منذ عقود، حيث يشكو سكانها من التعامل معهم كمواطنين درجة ثانية وثالثة، أو أنهم ليسوا مواطنين مصريين وفق لمقابلات أجراها مراسل "العربي الجديد" مع عدد من سكان المحافظة.
ولا تزال البنى التحتية مترهلة للغاية، بما يشمل خطوط المياه والكهرباء والاتصالات والإنترنت، وشبكة الطرق، فيما تعيش المحافظة حالة من الحرب منذ سنوات بين الجيش المصري وتنظيم داعش الإرهابي، أدت لتهجير آلاف السكان وقتل المئات، ما يشير إلى تناقض بين ما تقدمه سيناء لمصر، وما يعيشه أهلها رغم امتلاكها ثروات هائلة، والتي تدعم خزينة الدولة بمليارات الجنيهات سنويًا.