جدول أعمال ترامب الاقتصادية في أول أيام فترة رئاسته الثانية

09 نوفمبر 2024
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب / ولاية فلوريدا / 22 أكتوبر 2024 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- السياسات الاقتصادية والتجارية: يعتزم ترامب رفع التعرفات الجمركية على السلع الصينية وتخفيض الضرائب لتعزيز الاقتصاد الأميركي، مما قد يزيد العجز الفيدرالي والتضخم ويؤثر على الأسواق المالية.

- الهجرة والقيود التنظيمية: يخطط لتنفيذ حملة ترحيل كبيرة للمهاجرين غير النظاميين وتخفيف القيود على البنوك والطاقة لتعزيز النمو، رغم التحديات القانونية واللوجستية.

- التحديات السياسية والمؤسسية: يواجه مقاومة دولية ومحلية في تنفيذ أجندته، ويتطلب التعاون مع الكونغرس الجمهوري، مما يزيد من احتمالات تمرير سياساته رغم الجدل حول تأثيرها الاقتصادي.

تُعد بداية الولاية الثانية لدونالد ترامب مختلفة عن أي انتقال حكومي شهدته الولايات المتحدة الحديثة، حيث تَعِد بجمع التغيير الحاد في السياسات الذي يأتي عادة مع تولي رئيس جديد للسلطة، مع المهارة المكتسبة لرئيس قائم يعرف كيف يستفيد من الأدوات المتاحة لديه، كرئيس لأكبر اقتصاد في العالم.

وظهر ترامب خلال الانتخابات في وضع أقوى مما توقعه حتى العديد من حلفائه، بينما يظهر استعداده حالياً للتحرك بسرعة لتنفيذ أولويات اقتصادية محورية، تشمل رفع التعرفات الجمركية، خفض الضرائب، وتشديد الإجراءات ضد المهاجرين غير النظاميين، كما بين في أجندته الاقتصادية، خلال الحملة الانتخابية.

وعلاوة على ذلك، فإن فريق ترامب الجديد المؤيد لأجندته، والذي سيلتحق به في البيت الأبيض لشغل المناصب التي كان يشغلها سابقاً شخصيات بارزة من الحزب الجمهوري أو شخصيات مؤسسية لا تشاركه دائماً رؤيته، سيعزز طموحاته. وكما يقول مايك مكينا، المستشار في البيت الأبيض خلال ولايته الأولى لترامب: "النتائج وسعت تصورات الجميع حول الممكن".

وعلى صعيد آخر، يبدو ترامب قريباً من تحقيق إنجاز كبير، وهو الفوز بأغلبية التصويت الشعبي الوطني، إضافة إلى فوزه في المجمع الانتخابي، وهو أمر لم يتمكن من تحقيقه في انتخابات 2016. وبالإضافة إلى ذلك، فقد استطاع إخراج عدة أعضاء ديمقراطيين من مجلس الشيوخ، ما منح الجمهوريين السيطرة على المجلس. ومع هذا الفوز الساحق، باتت سلطة ترامب قوية في واشنطن، مما قد يسمح له بتنفيذ أجندته الاقتصادية الطموحة في وقت قصير.

ترحيل المهاجرين: خلال حملته الانتخابية، أكد ترامب في أكثر من مناسبة، نيته البدء من اليوم الأول لولايته الثانية، في تنفيذ "أكبر حملة ترحيل في تاريخ أميركا" تستهدف المهاجرين غير النظاميين. وستكون لهذه الخطوة تأثيرات مباشرة على قطاعات مثل البناء والضيافة وتجارة التجزئة، التي تعتمد بشكل كبير على العمالة من المهاجرين، سواء النظاميين أو غير النظاميين. وأكد ترامب هذا الوعد في مقابلة مع شبكة NBC News قائلاً إنه "ليس لديه خيار" سوى الوفاء بهذا الالتزام، مضيفاً أن "الأمر لا يتعلق بموضوع تكلفة العمالة".

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

وبصفته الرئيس، يمكن لترامب أن يأمر بتنفيذ برنامج الترحيل بسلطته الخاصة، إلا أن التحديات الرئيسية تبقى لوجستية، مثل إيجاد منشآت لاحتجاز المرحلين. ونتيجة لذلك، ارتفعت أسهم شركات السجون الخاصة بشكل ملحوظ بعد الانتخابات، حيث من المتوقع أن تلعب هذه الشركات دوراً رئيسياً في توفير البنية التحتية للاحتجاز والترحيل.

ومن المتوقع على نطاق واسع أن يسعى ترامب سريعاً للوفاء بوعوده الانتخابية المتعلقة بالترحيل، إذ يخطط لاستهداف أكثر من مليون شخص لا يملكون أساساً قانونياً للبقاء، سواء كانوا من مرتكبي الجرائم أو من المستنفدين لسبل الاستئناف. وبخلاف التحديات الكبيرة التي تتعلق بقدرة إدارة الهجرة والجمارك على استيعاب العدد الهائل من المرحلين، تواجه تلك الجهود تحدي رفض بعض الدول الأصلية، مثل الصين وفنزويلا وكوبا، استقبالهم.

وخلال فترة رئاسته الأولى، لم تتجاوز عمليات الترحيل السنوية 360,000، وهو عدد أقل مما كان يحدث في عهد الرئيس الأسبق باراك أوباما. ويسعى ترامب الآن لاستعادة سياسات ولايته الأولى مثل بقاء طالبي اللجوء في المكسيك إلى حين البت في طلباتهم، وهو ما يتطلب تعاوناً صعباً مع الدول اللاتينية.

التعرفات الجمركية: هي واحدة من أكثر السياسات الطموحة التي يضعها ترامب نصب عينيه، حيث تعهد بفرض تعرفات ضخمة جديدة تصل إلى 20% على جميع السلع الأجنبية و60% أو أكثر على السلع القادمة من الصين. وعلى الرغم من أن ترامب قد هدد أيضًا بزيادة التعريفات على دول ومنتجات معينة خلال الحملة، إلا أن هناك بعض القيود التي تقف أمام تنفيذه لهذه الوعود. ووفقًا لقانون صدر في 1977، يمتلك الرئيس الصلاحية لفرض تعرفات جمركية في حالات تشكل تهديداً "غير عادي واستثنائي" للأمن القومي، أو السياسة الخارجية، أو الاقتصاد الأميركي.

وأشار بعض مستشاري ترامب إلى إمكانية استخدام هذه التهديدات كأداة تفاوض مع الحلفاء والخصوم، فيما يرى آخرون أن ترامب جاد في إعادة صياغة قواعد التجارة الدولية، دون أخذ العواقب في الحسبان. وأكد ترامب أن هذه التعرفات ستكون أيضاً وسيلة لتمويل تخفيضات ضريبية كبيرة وعد بها، رغم أن العديد من الاقتصاديين يشيرون إلى أنها لن تحقق دخلاً كافياً لذلك. وفي كل الأحوال، يتوقع أن تلعب التعرفات دوراً أكبر في ولايته الثانية.

أسواق المال: على الرغم من التفاؤل الكبير بين المستثمرين، فإن وعود ترامب قد تتسبب في مخاطر محتملة لأسواق المال، خاصة وأن سوق الأسهم قد تكون مهددة بردود فعل سلبية من قبل المستثمرين حيال توقعات بارتفاع العجز في الموازنة الفيدرالية، وارتفاع معدلات التضخم بسبب السياسات الجمركية. وارتفعت بالفعل تكاليف الاقتراض بسبب توقعات بزيادة الديون، وقد تؤدي التعريفات إلى تقليل أرباح الشركات، ما قد يحول نظرة الأسواق من التفاؤل إلى التشاؤم. وقد تتعرض شركات التكنولوجيا الكبيرة، مثل آبل، لضغوط إذا فرضت التعريفات فعليًا، حيث تُصنع كميات ضخمة من منتجاتها في الصين، وهو ما قد يدفع ترامب إلى إعادة النظر في سياسته الجمركية، إذا لاحظ انخفاضاً كبيراً في أسعار الأسهم.

بنك الاحتياط الفيدرالي: قد يدخل البنك في مواجهة مباشرة مع إدارة ترامب الجديدة، حيث أنه وفقاً للقوانين الأميركية، يحق رئيس البنك جيروم باول البقاء في منصبه حتى عام 2026. ولم يخفِ ترامب رغبته في تغيير قيادة البنك الفيدرالي، وسبق له أن انتقد باول في مناسبات عدة، ووصفة في واحدة منها بالحماقة. ورغم تأكيده مؤخراً على أنه سيسمح لباول بإكمال فترة ولايته، إلا أنه لم يستبعد إمكانية التدخل إذا كانت سياسات باول النقدية تتعارض مع خططه الاقتصادية.

ويوم الأربعاء الماضي، أظهر باول موقفاً قوياً خلال مؤتمر صحافي بعد دقائق من إعلانه عن خفض الفائدة الأميركية، إذ أكد أن الرئيس لا يملك السلطة لإقالته أو تخفيض رتبته. وقد تؤدي محاولات إطاحة باول إلى صدام قانوني، مما يزيد من توتر العلاقات بين الإدارة التنفيذية والسياسات المالية للبلاد، خاصة مع وصول رئيس مثل ترامب للبيت البيض.

الضرائب: يخطط ترامب لإعادة تفعيل التخفيضات الضريبية الشخصية، ولتخفيض ضرائب الشركات التي أقرت خلال إدارته عام 2017. وتشمل تخفيضات ترامب المقترحة إلغاء الضرائب على البقشيش والعمل الإضافي، رغم أن العديد من الجمهوريين يشعرون بالقلق حيال تأثير هذه السياسات على العجز الفيدرالي. وتقدّر التكلفة الإجمالية لتخفيضات ترامب الضريبية بما يتراوح بين 8 و11 تريليون دولار، وهو مبلغ ضخم يثير جدلاً داخليًا بين الجمهوريين حول السياسات الضرورية والأولويات. ومع ذلك، فإن احتمالات تمرير هذه التخفيضات تزداد بشكل كبير، مع سيطرة الجمهوريين على مجلسي الكونغرس.

القيود التنظيمية: يعد تخفيف تلك القيود جزءاً محورياً آخر من أجندة ترامب، حيث يتطلع إلى تخفيف الأعباء عن قطاعات معينة، مثل البنوك والطاقة. ويأتي ضمن أولوياته إلغاء اللوائح التي وضعتها إدارة بايدن حول تصاريح تصدير الغاز الطبيعي المسال ومعايير انبعاثات السيارات. ويعتبر بعض المحللين أن تنفيذ هذه التغييرات قد يستغرق وقتًا، لكنه سيترك تأثيرًا مباشرًا على قرارات مجالس إدارة الكثير من الشركات بخصوص خطوط الإنتاج والسياسات البيئية.

تقول بلومبيرغ إن ترامب يبدو عازماً على استغلال ولايته الثانية لترك أثر حقيقي ودائم في السياسات الاقتصادية والتجارية للولايات المتحدة، على الرغم من التحديات القانونية والسياسية التي قد تعترض طريقه. وتشير التحركات الأولى بعد الانتخابات بوضوح إلى أن إدارة ترامب المقبلة تتطلع إلى تنفيذ أجندة واسعة النطاق قد تعيد تشكيل الاقتصاد الأميركي، وإن كانت تثير مخاوف كبيرة حول تداعياتها طويلة الأجل على الأسواق والاقتصاد.