أكد مسؤول عراقي في بغداد، بدء التحضيرات لزيارة يجريها الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، إلى بغداد، مطلع العام المقبل، مشيرا إلى عروض مصرية مرتقبة للعراقيين تهدف إلى جذبهم في قطاع السكن على وجه التحديد، على غرار ما يحدث في تركيا.
ووقّعت بغداد، نهاية أكتوبر/تشرين الأول 2020، على 15 مذكرة تفاهم مختلفة مع الجانب المصري، أبرزها الاستثمار وتسهيلات للشركات المصرية والتبادل التجاري وتجنب الازدواج الضريبي، فضلا عن تفاهمات جانبية ما زالت لغاية الآن قيد البحث، لتوقيع اتفاق نهائي يتعلق بدخول الشركات المصرية إلى العراق للعمل في مشاريع بنى تحتية ضمن نظام الإعمار مقابل النفط، الذي يتجه العراق أيضا لتجربته مع الصين في بناء نحو 1000 مدرسة في مناطق مختلفة من البلاد.
وفي أغسطس/آب الماضي، عقد السيسي ورئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، إلى جانب العاهل الأردني عبد الله الثاني، قمة ثلاثية في العاصمة الأردنية عمان، كان تركيزها على ملف التجارة والاستثمار بين البلدان الثلاثة، وطُرح تفعيل خط (بغداد العقبة نويبع) الذي كانت الصادرات المصرية تصل إلى العراق من خلاله، كما يمكن لصادرات عراقية أيضا أن تصل إلى مصر من خلاله.
وقال المسؤول العراقي لـ"العربي الجديد"، إن الحراك المصري مع العراق واللقاءات المتبادلة تطرح جملة من الخطط والمشاريع ذات البعد الاقتصادي والمالي، من بينها التوجه إلى حسم اتفاقية رسمية بدخول الشركات المصرية للعمل في مشاريع بنى تحتية مع اليد العاملة، مقابل تفاهمات تتعلق بالنفط والدفع الآجل من قبل العراق، وكذلك توقيع اتفاقيات بين وزارة الدفاع العراقية والتصنيع الحربي المصري، وتبادل السلع الاستهلاكية الزراعية منها على وجه التحديد، بعد ضمان الطريق الأردني نحو العراق عبر معبر طريبيل الحدودي.
وأضاف المسؤول أن المصريين سيطرحون تسهيلات قانونية مختلفة للمستثمرين العراقيين في بلادهم، من بينها مسألة شراء العقارات في مصر، مقابل امتيازات مختلفة يحصل عليها العراقي، على غرار ما يحدث في تركيا اليوم. مؤكدا أن ذلك سيترجم فعليا بزيارة مرتقبة للرئيس المصري إلى بغداد، مطلع العام المقبل، لكن لم يتم حتى الآن تحديد موعد معين.
وشيدت الحكومة المصرية مجمعات سكنية تضم عشرات آلاف الوحدات السكنية في العاصمة الإدارية الجديدة شرق القاهرة، بجانب مئات آلاف الوحدات في مناطق متفرقة من البلاد، بينما يعاني المصريون من تراجع القدرات الشرائية، الأمر الذي تسبب في ركود في السوق العقارية.
ويتصدر العراقيون، للعام الثالث على التوالي، قائمة الجنسيات الأجنبية الأكثر شراءً للعقارات في تركيا، التي تسمح بالحصول على الجنسية التركية في حال كان سعر العقار 250 ألف دولار صعوداً، وفي حال أقل من ذلك يحصل على إقامة دائمة في البلاد ويتمتع ببعض الامتيازات.
ووفق المسؤول العراقي، فإن "الدخول المصري للسوق العراقية مرحب به لوجود تجارب سابقة، وحكومة الكاظمي تسعى إلى جذب أي طرف يرغب في العمل والاستثمار في العراق بطريقة النفط مقابل الإعمار أو بطريقة الدفع بالآجل. لكن في المقابل، تحاول قوى سياسية مرتبطة بإيران عرقلة ذلك برلمانياً أو التشويش عليه لغايات قد تكون مرتبطة بمصالح إيران في السوق العراقية".
في المقابل، اعتبر حامد الموسوي، عضو البرلمان العراقي، عن تحالف "الفتح"، الجناح السياسي لـ"الحشد الشعبي"، أن "التوجه الحكومي العراقي للانفتاح على العروض المصرية جاء بضغط أميركي"، مبينا، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "هذا الانفتاح الجديد، له أهداف سياسية وليس اقتصادية فقط، ولهذا فإن مجلس النواب سيكون مراقبا دقيقا لأي اتفاق بين الجانبين".
وقال الموسوي إن "توجه الحكومة العراقية نحو مصر في قضايا الإعمار والتعاون الاقتصادي لن ينفع العراق، فمصر ليست لديها الإمكانيات في هذا المجال، وهي في الأساس تعاني من أزمة معيشية قاتلة، فكيف لها أن تنفع العراقيين في هذا المجال؟".
وأضاف أنه "على الحكومة العراقية التوجه نحو الدول العظمى من أجل الإعمار ودعم الاقتصاد، وعلى رأس ذلك تفعيل الاتفاقية العراقية - الصينية، وعقد اتفاقيات جديدة مع دول لها القدرة على دعم العراق، وليس مع دول تريد إنعاش اقتصادها على حساب العراق والعراقيين، فهذا ما تريده مصر، وعلى الحكومة أن تكون حذرة بهذا التعامل".
بدوره، اعتبر أحمد السعدي، عضو غرفة تجارة بغداد، أن هناك محاولة مصرية لاستنساخ تجربة تركيا مع العراقيين في مجال العقارات والاستثمار في قطاع السكن والسياحة أيضا.
كما رأى أحمد صدام الخبير الاقتصادي العراقي أن "السوق العراقي يشهد منافسة كبيرة من مختلف دول الجوار والمنطقة، لكن هناك ضعف كبير لمصر في هذه المنافسة، ولهذا هي تريد من خلال توقيع اتفاقيات مع حكومة الكاظمي، الدخول بقوة إلى هذا السوق، بالإضافة إلى جلب المال العراقي، فهي ستقدم تسهيلات كثيرة، على رأسها إلغاء التأشيرة بين البلدين، وهذا عامل مهم لجلب المال العراقي للقاهرة بهدف السياحة أو حتى شراء العقارات والاستثمار".