- الأزمة الإنسانية تتفاقم بسبب الحرب والأزمات الاقتصادية، مما يؤدي إلى فقدان الوظائف، النزوح، وارتفاع مستويات الفقر والأمراض المزمنة، بالإضافة إلى تقارير عن أشخاص يأكلون القطط للبقاء على قيد الحياة.
- الخبراء والمنظمات الدولية مثل الفاو وبرنامج الأغذية العالمي يحذرون من تفاقم أزمة المجاعة ويناشدون لتوفير دعم مالي عاجل لمساعدة المعرضين لخطر المجاعة، مؤكدين على الحاجة لتدخل فوري لمنع كارثة إنسانية.
أطلق منتدى الإعلام السوداني (تحالف مؤسسات ومنظمات صحافية وإعلامية سودانية مستقلة)، حملة لوقف خطر المجاعة في السودان ومجابهة الكارثة الإنسانية ووضع حد للانتهاكات والضغط على طرفي الحرب، الجيش والدعم السريع، للسماح بتمرير الإغاثة والمساعدات وفتح ممرات آمنة لتوصيل الطعام والإمدادات الضرورية للمتضررين، في كافة مدن وقرى وأرياف البلاد.
وبحسب بيان المنتدى، تهدف الحملة إلى لفت انتباه الرأي العام والضمير العالمي وخلق تضامن واسع إقليميًا ودوليًا لمساندة الشعب السوداني وعونه في محنته خلال عام من الحرب، فضلا عن إيصال صوت الشعب السوداني إلى العالم وإبراز معاناته من الحرب والكارثة الإنسانية.
ويقول المواطن إسماعيل آدم، يعمل فني كهرباء لـ “العربي الجديد" إنه يعول ثلاثة أطفال وفقد عمله اليومي ونزح إلى عدة ولايات بلا عمل. وأضاف: "لا أمتلك شيئا حاليا وليس لدي عمل، كيف أطعم أولادي؟".
أما الموظفة سارة قسم السيد فتقول لـ “العربي الجديد": "لقد بعت كل ما أملكه من مصوغات وأثاث منزلي ومع استمرار الحرب وتوقف الوظائف والرواتب أصبحنا نتسول في الطرقات، ولكن بلا جدوى لأن الحال ذاته عند كل السودانيين وليس هنالك مدخرات وأصبح الجميع يعتمد على وجبة واحدة إن وجدت وهذه دلالات تشير إلى مستويات جديدة من الفقر مصحوبة بأمراض مزمنة بسبب الجوع الذي ظل يلازم الكثير من الأسر".
تمدد المجاعة في السودان
ويُرجع الخبير الاقتصادي إبراهيم بابكر في حديثه لـ"العربي الجديد" قضية المجاعة في السودان والتعقيدات الاقتصادية إلى استمرار الحرب "حيث ظل السودان يعاني طيلة السنوات الخمس الماضية من أزمة غذاء وارتفاع الأسعار وتغيرات المناخ وحرب المياه وحرب العملات والتجارة". ويلفت إلى أن "استمرار الحرب بين الجيش والدعم السريع عجل من المشكلات الاجتماعية، باعتبار أن البلاد تعتمد على الاستيراد لتغطية غذائها والدولة لم تحسن التصرف في إنتاج مواسمها الزراعية المثقلة بالرسوم والضرائب، ولم تحسن التخزين، وظلت الحكومة منشغلة بقضايا أخرى ولم تهتم بمعاش الناس".
ويتابع: "رغم التعقيدات، لم تعمل الحكومة على توفير رأس المال الأجنبي أو الوطني وهذا ما عجل المجاعة في السودان خلال عام واحد كشفت فيه الحرب عدم مقدرة السودان على تلبية احتياجات مواطنيه الأساسية لغياب الخطط بعيدة المدى وعدم وجود بدائل في حالات الطوارئ".
وقال رين بولسن، مدير مكتب الطوارئ والصمود لدى منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو)، إن خطر المجاعة في السودان يتزايد، وموسم زراعة الحبوب الرئيسي على بعد عدة أسابيع فقط فيما يواجه عدد كبير من المزارعين صعوبة في الوصول إلى أراضيهم وتواجه المنظمات التي تدعمهم نقصا حادا في التمويل.
وأضاف أن هناك عدداً من الإجراءات التي يمكن ويجب اتخاذها الآن، فقد أظهر تقييم للمحاصيل والإمدادات الغذائية للعام 2023 انخفاضا بنسبة 46 في المائة على المستوى الوطني من حيث إنتاج المحاصيل الرئيسية، من بينها القمح، والذرة، والدخن، والأرز. ليس من الممكن سد تلك الفجوة من خلال المساعدات الغذائية العينية فقط أو بتوزيعات نقدية.
وقال إن الفاو تحتاج حاليا 104 ملايين دولار لدعم ما يزيد قليلا عن عشرة ملايين سوداني في العام 2024، "إلا أن تمويلنا حتى الآن بلغ أقل من عشرة في المائة من المبلغ المطلوب".
وحذر برنامج الأغذية العالمي من أزمة متفاقمة تواجه السودان مع احتدام الحرب المستمرة منذ أكثر من عام في جميع أنحاء البلاد، إذ يواجه ما يقرب من 18 مليون شخص الجوع الحاد. وقال إن هناك أكثر من 75 في المائة من الأشخاص الذين هم في حالة الطوارئ في مناطق يكون الوصول إليها محدودا بسبب القتال العنيف والقيود، وبدون المساعدة، هناك خطر كبير من أن ينزلقوا إلى الكارثة.
ويقول المواطن آدم محمود لـ "العربي الجديد"، إن الأسعار تتضاعف يوميا للسلع الغذائية، وسط انقطاع التيار الكهربائي وشح المياه وتوقف كافة الخدمات الأساسية مثل الاتصالات والمواصلات بسبب انعدام الوقود.
وأوضح المدير العام لوزارة التنمية الاجتماعية بولاية الخرطوم صديق فريني في تصريحات صحافية أن هناك قصصا مروعة عن الجوع الشديد الذي أدى ليس إلى أكل القطط فحسب، بل أكل كل شيء يتحرك، في وقت أنقذ طبيب ناج من الجوع عدة حالات من موت محقق بالجوع في أم درمان، بالمحلول الوريدي وقطعة حلوى.
وأوضح أنه لا يوجد مخزون من المواد الغذائية، إذ يتم توزيعها فورا، والمساعدات التي وصلت كانت أقل من الاحتياج الفعلي، مضيفا أن الحاجة للمساعدات أصبحت أعلى الآن، نسبة للعودة الطوعية للأسر وزيادة رقعة سيطرة الجيش على مناطق عديدة يحتاج فيها المواطنون لعون عاجل.