تتواصل حملات الدعم اليمنية لمساندة للشعب الفلسطيني في غزة التي تتعرض لعدوان إسرائيلي غاشم. ويتوزع الدعم على كافة المستويات الشعبية والرسمية والعسكرية، وسط السعي إلى تفعيلها خصوصاً على المستويين الاقتصادي والتجاري بالتنسيق مع القطاع الخاص، في خطوة لافتة تأتي في إطار تكامل الأدوار على المستويين الشعبي والرسمي.
وبينما لم تكتف صنعاء بتجديد تحذيراتها استهداف السفن الإسرائيلية بل أهابت في تطور آخر لافت بكافة السفن العابرة في البحر الأحمر ألا تبحر بالقرب من السفن الإسرائيلية. وفي المقابل، أطلقت الحكومة اليمنية في عدن حملة رسمية وشعبية لإغاثة الشعب الفلسطيني في غزة امتداداً، كما قالت، للمواقف اليمنية الثابتة في دعم الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة.
وعقدت الحكومة اليمنية اجتماعاً طارئاً مشتركاً مع القطاع التجاري الخاص لبحث مساهمة اليمن في رفع المعاناة عن المدنيين وبذل كل ما من شأنه تخفيف التداعيات المأساوية التي يعانيها سكان غزة.
وقرر الطرفان، الحكومة والقطاع الخاص، تشكيل لجنة مشتركة بينهما لتحديد الاحتياجات الإنسانية للفلسطينيين وإيصالها بالتنسيق مع الجهات المعنية في مصر، إضافة إلى توسيع حملات الدعم من خلال الحكومة والقطاع الخاص والشعب اليمني في كافة المحافظات.
الباحث الاقتصادي جمال راوح، يشدد في حديثه لـ"العربي الجديد"، على دلالة ورمزية هذا التحرك في اليمن الداعم والمساند لغزة في مواجهة العدوان الإسرائيلي، وإطلاق الحملات المساندة على كافة المستويات في دولة تعاني من أزمات اقتصادية وفقر، في حين يلاحظ تقاعس دول ثرية، خاصة في الخليج العربي، التي كانت مواقفها مخجلة حتى في المستويات المتاحة التي تجعلها تقوم بدور فاعل في مساندة الشعب الفلسطيني في غزة على المستويين الاقتصادي والتجاري وحملات المقاطعة والدعم والمساندة. أ
ستاذ الاقتصاد بجامعة تعز اليمنية محمد قحطان يتطرق من جانبه إلى نقطة مهمة في كل هذه التفاعلات والتحركات التي يشهدها اليمن في مساندة ودعم الشعب الفلسطيني في غزة، لافتاً في حديثه لـ"العربي الجديد"، إلى أن كل ذلك يحتم على القوى السياسية اليمنية في عدن وصنعاء استغلال هذا الزخم الكبير والعمل على تضييق الفجوة والتقارب بين الطرفين المتحاربين بدلاً من التباعد، والإسراع في التوجه الجاد لمواجهة الانقسام السياسي والاقتصادي لمواجهة الوضع القائم وما هو متوقع حدوثه.
بالمقابل، توعدت صنعاء بالاستمرار في مساندة الشعب الفلسطيني في غزة ومواصلة تنفيذ عملياتها العسكرية ضد سفن ومصالح إسرائيل حتى يتوقف العدوان الذي تنفذه على غزة بمشاركة أميركا وكف جرائمها بحق الشعب الفلسطيني.
جاء ذلك في بيان صادر عن القوات البحرية أكدت فيه أنها ستستهدف السفن التي ترفع العلم الإسرائيلي أو تلك التي تديرها شركات إسرائيلية أو يملكها أشخاص إسرائيليون، وأهابت بكافة السفن العابرة في البحر الأحمر ألا تبحر بالقرب من السفن الإسرائيلية وعدم إطفاء أجهزة التعارف.
وحذرت القوات البحرية الشركات والتجار من شحن بضائعهم ومصالحهم مع السفن الإسرائيلية أو التعامل معها، مشددةً على أن أي قطعة عسكرية تحمي السفن الإسرائيلية ستكون هدفاً مشروعاً لعمليات القوات البحرية اليمنية.
الخبير الاقتصادي والاستشاري في تنمية الموارد الطبيعية عبد الغني جغمان يبدي، في حديث لـ"العربي الجديد"، استغرابه محاولة البعض التقليل من شأن هذه العمليات وتأثيرها الكبير على الأسواق التجارية الدولية، إذ لاحظ الجميع كيف قفزت أسعار النفط في الأسبوع الماضي خلال ساعات فقط بحوالي دولارين، وذلك تزامناً مع تهديد الحوثيين باستهداف السفن الإسرائيلية في مضيق باب المندب والبحر الأحمر، وذلك قبل تنفيذ التهديد الفعلي ومواصلة التهديد بالاستمرار في هذا التصعيد والذي سيخلط العديد من الأوراق في هذه الحرب.
ويرى الباحث جمال راوح أهمية هذا التفاعل في اليمن والذي وصل إلى مستوى تكاملي بين الجانب الرسمي والقطاع الخاص التجاري، وما يحدث في البحر الأحمر والرسالة التي وصلت للأسواق التجارية الدولية، إذ إن ما بدر حتى الآن من خطوات وقرارات وحملات وتفاعلات أثبتت قدرة اليمن العالية في هذا الوضع الذي تمر به البلاد والانقسام الحاصل على تسجيل موقف مشرف ومؤثر تجاه القضايا العربية الثابتة والوقوف مع غزة في مواجهة العدوان الإسرائيلي الذي يأتي بدعم أميركي وغربي صادم وفاضح.
فيما يتوقع جغمان أن ترتفع كلفة النقل البحري بشكل مضاعف وتمديد الرحلات البحرية لمدة قد تصل لأكثر من 30 يوماً، مشيراً إلى أن هذه التغيرات والاضطرابات السائدة في خطوط الملاحة الدولية ستدفع إلى تغيير خطوط الشحن التجاري البحري، وسيجبر ذلك السفن التجارية على عدم الإبحار إلى إسرائيل والعودة إلى موانئها الأصلية، والبحث عن خطوط أخرى بديلة قد يضطرها إلى اتخاذ طريق طويل حول أفريقيا لتجنب المرور من مضيق باب المندب والبحر الأحمر، حيث ستترتب على ذلك تبعات وتكاليف باهظة في النقل والشحن التجاري البحري والتأمين.