أقل من 80 يوما وتنطلق بطولة كأس العالم لكرة القدم في قطر لمدة 29 يوما، إذ أنجزت السلطات في الدولة الخليجية كل ما يلزم لنجاح البطولة التي تقام للمرة الأولى في بلد عربي وشرق أوسطي.
اكتمل إنشاء وتجهيز الملاعب الثمانية التي ستستضيف المباريات، وقبل الوقت المحدد لها، واكتملت عمليات البنية التحتية اللازمة من شوارع وجسور وأنفاق ومسارات للدراجات، وأنجزت شبكة سكة حديد متطورة، وانطلق مترو الدوحة وترام لوسيل، وغيرها من التجهيزات اللوجستية.
وربما التحدي الأكبر الذي تواجهه البطولة العالمية، هو تأمين أماكن إقامة وسكن لنحو 1.5 مليون شخص من المشجعين المتوقع أن يزوروا قطر خلال فترة البطولة، فيما يؤكد مديرو فنادق وشركات هندسية وخبراء عقاريون، أن قطر تغلبت على هذا التحدي.
خيارات الإقامة
وأشاروا في تصريحات لـ"العربي الجديد" إلى أن اللجنة العليا للمشاريع والإرث، الجهة المحلية المسؤولة عن مشاريع المونديال في الدولة الخليجية، قدمت بدائل ناجحة، لتعويض النقص في أعداد الفنادق، التي لا يمكن أن تستوعب بمفردها أعداد الجماهير الرياضية التي ستقصد الدوحة من مختلف أنحاء العالم، مع حلول نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.
وتتنوع خيارات الإقامة والسكن، بين فنادق من فئات خمس نجوم إلى نجمة واحدة، إلى الفلل، والشقق داخل العمارات، والفنادق العائمة، و"الكبائن" مسبقة الصنع، وبيوت العطلات والخيام المجهزة، بالإضافة إلى الإقامة مع الأهل والأصدقاء.
وبحسب اللجنة العليا للمشاريع والإرث، سيصل عدد الغرف المتاحة لضيوف قطر من أنحاء العالم خلال المونديال إلى 130 ألف غرفة، ما يؤكد توفّر أماكن إقامة كافية لجمهور البطولة.
وبدأ منذ مطلع أغسطس/ آب الماضي، سريان عقد تأجير الوحدات السكنية في مشروع "براحة الجنوب"، الذي يضم 1404 وحدات سكنية مؤثثة، بقيمة 141.5 مليون ريال (نحو 38.8 مليون دولار)، لصالح البطولة.
وبلغ عدد الفنادق في قطر حتى نهاية العام الماضي، 109 فنادق بمعدل 53 فندقاً فئة 5 نجوم، و33 فندقاً 4 نجوم، و18 فندقاً 3 نجوم، و5 فنادق فئة نجمتين ونجمة واحدة، فيما يتجاوز عدد غرف هذه الفنادق 24.4 ألف غرفة منها 15375 غرفة لفنادق خمس نجوم، فيما يصل عدد الأسرة إلى قرابة 38 ألف سرير، وفقا لبيانات جهاز التخطيط والإحصاء القطري، ومن المتوقع افتتاح 50 فندقا جديداً خلال العام الجاري.
يقول مدير شركة "روتس للتطوير العقاري" أحمد العروقي، في حديث مع "العربي الجديد"، إن عدم كفاية الفنادق أمر طبيعي، والأهم هو البدائل التي أقرتها اللجنة المنظمة لأماكن الإقامة من السفن العائمة وبيوت الأصدقاء وقرى المشجعين وغيرها لسد العجز المتوقع.
وأضاف العروقي أن "الأمور طيبة ولن تكون هناك أزمة من جهة سكن المشجعين وجماهير المونديال الذين يقصدون قطر خلال فترة البطولة".
ويرى الخبير العقاري والمثمن المعتمد، خليفة المسلماني، أن البطولة العالمية ستكون ناجحة لجهة توفير خدمات البنية التحتية، مؤكدا لـ"العربي الجديد" أن أماكن الإقامة والسكن للجماهير الرياضية والمشجعين الدوليين متوفرة عبر الفنادق والمساكن في البلاد، بالإضافة إلى بعض دول الخليج وجزيرتين وفرتهما إيران لجماهير كأس العالم.
تأشيرات في السعودية والإمارات
وأعلنت أخيراً، كل من السعودية والإمارات عن منح تأشيرات سياحية متعدّدة الدخول لمشجعي كرة القدم، وسيحصل حاملو بطاقة "هيّا" المخصّصة لمشجعي مونديال قطر على تأشيرة الدخول والإقامة في الإمارات لمدة تصل إلى تسعين يوماً مقابل 100 درهم (27 دولاراً)، مع إمكانية التمديد لفترة 90 يوماً إضافية، فيما يحصلون على تأشرة دخول السعودية والإقامة فيها لمدة 60 يوما، بدءا من 10 أيام قبل البطولة، وستشغل المملكة 40 رحلة جوية ذهابا وإيابا يومياً إلى الدوحة من كل من مدينتي جدة والرياض، ستزداد إلى 60 رحلة يومية في أيام مباريات المنتخب السعودي.
كما سيتم تخصيص معبر سلوى الحدودي بين المملكة وقطر للسفر البري لانتقال المشجعين خلال هذه الفترة، وستزداد الطاقة الاستيعابية لأكثر من 24 ألف سيارة يومياً.
وستسيّر الخطوط السعودية والكويتية وشركة "فلاي دبي" والطيران العُماني نحو 167 رحلة مكوكية يومية اعتباراً من 20 نوفمبر/ تشرين الثاني للذهاب والعودة خلال 24 ساعة من الدوحة وإليها لمتابعة المباريات. كما ستكون إيران مضيفة لمشجعي المونديال، ففي إبريل/ نيسان الماضي، أعلن المتحدث باسم الحكومة الإيرانية، علي بهادري جهرمي في تغريدة على تويتر، عن قرار مجلس الوزراء القاضي بمنح تأشيرات مجانية لمشجعي مونديال قطر 2022 خلال تاريخ إقامة البطولة.
وزار وزير المواصلات القطري، جاسم بن سيف السليطي، في إبريل/نيسان، جزيرة كيش الإيرانية، والتي ستكون وجهة لمجشعي المونديال، إلى جانب جزيرة "قِشْم"، ومنطقة أروَند وبوشِهْر وغيرها.
وعن أسعار الغرف الفندقية والسكن في قطر، أوضح المسلماني أن اللجنة المنظمة ووزارة التجارة والصناعة القطرية حددت الأسعار وهي متفاوتة وفي متناول الجميع.
وحددت الوزارة، أجرة الغرفة لليلة الواحدة في الفنادق من فئتي نجمتين ونجمة واحدة بقيمة 296 ريالاً (81 دولارا)، وفي الفنادق من فئة 3 نجوم 438 ريالاً (120 دولارا)، وفي الفنادق من فئة 4 نجوم عادي 482 ريالاً (132 دولارا)، وفئة 4 نجوم مميز 886 ريالا (242.74 دولارا).
أما فنادق فئة 5 نجوم، فبلغت 911 ريالا (343.7 دولارا) كحد أقصى للغرفة في الفنادق العادية، و1488 ريالاً (407.67 دولارات) في الفنادق المميزة، و2133 ريالا (584.3 دولارا) في الفنادق الفاخرة، على أن تصل إلى 2801 ريال (767.3 دولارا) في المنتجعات المستقلة من فئة 5 نجوم.
ووفقا لقرار الوزارة ستسري هذه الأسعار على 80% من إجمالي عدد الغرف بكل من المنشآت الفندقية والأماكن المشابهة، ويجوز بموافقة الوزارة تعديل الحد الأقصى والنسبة بالزيادة والنقصان، وفقا لمقتضيات مونديال قطر. وحجزت اللجنة العليا للمشاريع والإرث فنادق الدوحة بنسبة تصل إلى 80% من الطاقة الاستيعابية من كل فندق لصالح البطولة.
ويقول المدير العام لفندق فريج شرق في الدوحة، يزن عبداللطيف، لـ "العربي الجديد" إن قطاع الضيافة جاهز لاستقبال المنتخبات والوفود والمُشجعين خلال المونديال. لافتا إلى مساهمة البطولة في الارتقاء بمقومات السياحة في هذا البلد الخليجي، عبر ما شهدته قطر من تدشين أرقى الفنادق والمدن الترفيهية، إلى جانب تطوير المنتجعات والشواطئ، والجزر السياحية ومن أبرزها قطيفان الشمالية، وقطيفان الجنوبية.
تطوير المنتجعات والشواطئ
كما أعدت اللجنة العليا للمشاريع والإرث، 6 مواقع لقرى المُشجِّعين موزعة على عدة مناطق، تتألف من قرى مؤقتة وتضم 2000 خيمة تقدم خدمات متكاملة للمشجعين، 1800 خيمة في جزيرة قطيفان تكفي لاستيعاب 3600 شخص، و200 خيمة في الخور شمالي البلاد، إضافة إلى 8 آلاف كابينة موزَّعة على ثلاثة أماكن.
مدير شركة "لافينير للاستشارات الهندسية"، أحمد هنداوي، يقول لـ"العربي الجديد"، إن شركات الاستشارات الهندسية أنجزت خلال السنتين الماضيتين تصميم وترخيص عدد من الفنادق من مختلف الفئات، تلبي رغبات الملاك القطريين في إقامة هذه الفنادق لاستيبعاب الحشود القادمة من المشجعين إلى دولة قطر خلال كأس العالم.
ولفت إلى تشجيع الجهات الرسمية واللجنة العليا للمشاريع والإرث على إقامة هذه المشاريع وكذلك ترخيص مواقع إقامة على شكل قرى مشجعين في أراض زراعية مما ساهم في كثرة وتنوع أماكن الإقامة ومنها الكبائن المؤقتة.
وأكد هنداوي أن هذه الخيارات من قرى المشجعين إلى الفنادق المتدرجة من النجمة الواحدة إلى 5 نجوم ستلبي الغاية والغرض المطلوب، وستكون أماكن سكن وإقامة مثلى للجماهير الكروية القادمة إلى قطر من شتى أنحاء العالم.
وأشار إلى توفير الجهات المنظمة للمدن العائمة، إذ سترسو السفينة الفندقية "إم إس سي وورلد يوروب" (MSC World Europa) والسفينة "إم إس سي بويسيا" (MSC Poesia) في ميناء الدوحة، وستوفر للمشجعين قرابة 4 آلاف مقصورة للإيجار، يمكن أن تستوعب نحو 9500 شخص، وستبقى السفينتان راسيتين طوال مدة كأس العالم.
وسيقدم كلا الفندقين العائمَين مجموعة من خيارات الغرف، من الكبائن التقليدية المطلة على البحر إلى الغرف ذات الشرفات والأجنحة الفاخرة.
كما أبرمت اللجنة اتفاقية مع مجموعة "أكور" للفنادق، أكبر مشغّل لخدمات الضيافة في أوروبا، لتوفير 10 آلاف موظف لإدارة وتشغيل أكثر من مليون ليلة إقامة في 60 ألف شقة وفيلا خلال منافسات البطولة. وطرحت اللجنة كذلك، خيار استضافة السكن مع الأهل والأصدقاء خلال فترة البطولة، على أن تسجل الوحدات السكنية وأن تقدم طلبات الاستضافة عبر موقع منصة الإقامة الرسميَّة لبطولة كأس العالم.
انتعاش السوق العقارية
وشهد عام البطولة انتعاشاً ملحوظا للسوق العقاري. وتقول المدير الإقليمي لـ"بروبرتي فايندر"، المنصة العقارية الإلكترونية في قطر، عفاف هاشم، لـ "العربي الجديد" إن السوق العقاري في قطر شهد ارتفاعاً كبيراً في الطلب على مدار الأشهر التسعة الماضية، معتبرة ذلك متوقعاً نظراً لقرب انطلاق أكبر فعالية رياضية في العالم، مشيرة إلى أن التقارير تؤكد أن نسبة إشغال الوحدات السكنية تبلغ 80% ويرجع ذلك أساساً إلى الطلب على عقود الإيجار قصيرة الأجل من قبل اللجنة العليا للمشاريع والإرث وكذلك للشركات التي تبحث عن سكن لموظفيها.
وسجل برنامج الضيافة الرسمي لمونديال "قطر 2022" أعلى معدل مبيعات في تاريخ بطولات كأس العالم خلال الفترة التي تسبق انطلاق المونديال بـ 100 يوم.
ووفق شركة "ماتش للضيافة"، الوكيل الحصري لبرنامج الضيافة الرسمي للمونديال، تخطي حجم المبيعات الرقمَ القياسي الذي سجلته نسخة البرازيل 2014 عن نفس الفترة بنسبة 29%.
وأوضح الوكيل الحصري، أن أكثر البلدان شراءً لباقات الضيافة حتى الآن هي المكسيك والولايات المتحدة والمملكة المتحدة والأرجنتين، في حين تتصدر المملكة المتحدة وسويسرا وفرنسا وإسبانيا قائمة أعلى البلدان الأوروبية إقبالاً على باقات الضيافة.
وفي الشرق الأوسط، تأتي قطر والسعودية والإمارات في المراتب الأولى، إذ جرى بيع 38% من مختلف باقات برنامج الضيافة في السوق القطري.
ويُشترط لحجز أماكن الإقامة شراء تذاكر مباريات كأس العالم من موقع FIFA، كما يحتاج المُشجعون الدوليون إلى بطاقة "هيَّا" لدخول قطر خلال البطولة، وكذلك للمشجعين من داخل الدولة لدخول استادات البطولة.
بطاقات هيّا
وسجَّل موقعُ منصة الإقامة الرسمية حتى 18 أغسطس/آب الماضي حجز نحو 430 ألف ليلة فندقية، وحقق اليوم السابع من البطولة، الموافق 26 نوفمبر/تشرين الثاني، ذروة الحجوزات، كما تجاوزت الحجوزات المؤكدة نسبة 60% في دور المجموعات، وفقا لتصريحات رسمية.
وبلغ عدد بطاقات "هيّا" المصدرة قبل 85 يوماً من انطلاق البطولة 260 ألف طلب، وتفتح الدولة أبوابها لحاملي البطاقة، اعتبارا من أول نوفمبر/تشرين الثاني ولغاية 23 ديسمبر/كانون الأول.
وارتفع عدد سكان قطر في نهاية الشهر الماضي بنسبة 10.5% مقارنة مع شهر يوليو/ تموز، كما زاد بنسبة 14.2% على أساس سنوي، ليصل إلى 2.93 مليون نسمة.