ستتحمل ثلاث دول خليجية فقط عبء إملاءات "أوبك+" الأخيرة بخفض إنتاح النفط، وقد تتضاءل جهودها بينما يفتح الآخرون الصنابير، وفقاً لوكالة "بلومبيرغ".
وقد اتفق وزراء مجموعة "أوبك+" من الدول المنتجة للنفط على خفض الإنتاج الجماعي المستهدف بمقدار مليوني برميل يومياً اعتباراً من نوفمبر/ تشرين الثاني عندما اجتمعوا يوم الأربعاء الماضي. ويمكن أن يكون مقدار الانخفاض الفعلي في إنتاجهم أقل من عُشر الرقم الرئيسي.
وعلى الرغم من أن المجموعة تضم 23 دولة، فإن عبء الخفض الأخير ستتحمله ثلاث دول فقط: المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والكويت. ويضخ معظم الآخرين بالفعل حتى الآن أقل من مستويات حصصهم، بحيث يظل إنتاجهم أقل من مخصصاتهم الجديدة.
وتشير تقديرات إنتاج "أوبك+" في سبتمبر/ أيلول إلى أن المجموعة تتخلف عن المستوى المخطط بنحو 3.6 ملايين برميل يومياً. وعندما تدخل الأهداف الجديدة حيز التنفيذ في الأول من نوفمبر/ تشرين الثاني، ستكون هناك حاجة لثماني دول فقط لضخ كميات أقلّ من النفط الخام. وبالإضافة إلى دول الخليج العربية الثلاث، يجب أن تأتي التخفيضات الصغيرة أيضاً من جنوب السودان والجزائر والغابون والعراق وعمان، بحسب "بلومبيرغ".
وإجمالي التخفيض المطلوب منها هو 890 ألف برميل في اليوم فقط. ولا يزال هذا خفضا مهماً، لكنه بعيد عن الرقم الرئيسي. ومع ذلك، لا يمكن توقّع أن يكون الخفض بهذا القدر، ويمكن إسقاط جنوب السودان والغابون، وربما حتى العراق، من الحساب.
وتُظهر بيانات "أوبك" أن جنوب السودان لم يتجاوز حصته كل شهر فقط منذ دخول الاتفاق الحالي حيز التنفيذ في مايو/ أيار 2020، ولكنه لم يخفّض أبداً برميلاً واحداً من الإنتاج. و"سيكون من المدهش إذا بدأت هذه الدولة الآن في خفض إنتاجها"، وفق "بلومبيرغ".
وقد أظهرت الغابون "افتقاراً مماثلاً" في مسعى خفض الإنتاج. وتظهر بيانات "أوبك" أن إنتاجها كان أقل من سقفها في شهر واحد فقط من تاريخ الاتفاقية الممتد 29 شهرا.
أما بالنسبة للعراق، فإن وزير النفط العراقي لم يهدر أي وقت بعد الانتهاء من اتفاق الأربعاء ليطمئن مشتري النفط إلى أن الاتفاقية لن تؤثر على صادرات بلاده. مع وجود مساحة صغيرة لتعديل الاستخدام المحلي، فهذا يعني حقاً عدم حدوث خفض في الإنتاج أيضاً، وهذا يحصر القائمة إلى خمسة دول.
وتشرح "بلومبيرغ" أن إجمالي التخفيضات المطلوبة من الجزائر وعُمان 32 ألف برميل يومياً؛ فيما تبلغ التخفيضات المطلوبة من المملكة العربية السعودية وجيرانها 790 ألف برميل يومياً، ولكن حتى ذلك يمكن تعويضه عن طريق زيادة الإنتاج من بعض الأعضاء الآخرين في المجموعة.
وتكافح كل من نيجيريا وأنغولا وماليزيا مع طاقة إنتاجية متضائلة، وكانت تضخ أقل من أهدافها لعدة أشهر، ومن غير المحتمل أن يتغير ذلك. و"روسيا أيضا تكافح"، وقد كانت بالفعل تجد صعوبة في مواكبة زيادة مخصصاتها قبل أن يأمر الرئيس فلاديمير بوتين قواته بغزو أوكرانيا، ولم يزد الوضع إلا سوءاً في الأشهر التي تلت الغزو.
لكن الوضع في كازاخستان مختلف، فالإنتاج أكثر من 560 ألف برميل يومياً دون المستوى المستهدف في المجموعة، بسبب الصيانة المخطط لها في أحد أكبر حقولها وتسرب غاز في حقل آخر. و"يجب أن يسمح استكمال الصيانة في نهاية هذا الأسبوع بإعادة حوالي 260 ألف برميل يومياً. وسيستغرق الباقي وقتاً أطول، لكن وزير الطاقة في البلاد يقول إنه يجب أن يعود قبل نهاية الشهر- في الوقت المناسب لتعويض الخفض المخطط له"، بحسب "بلومبيرغ".
و"إذا كان على حق، فإن خفض الإنتاج الفعّال، المقاس من الإنتاج الحالي، يمكن تخفيضه إلى ما لا يقل عن 230 ألف برميل في اليوم- وهو أمر لا يكاد يستحق الجهد المبذول بشأنه".
لكن بعد شهر "قد يبدو الوضع مختلفاً تماماً"، بحسب "بلومبيرغ"، إذ تدخل عقوبات الاتحاد الأوروبي على صادرات الخام الروسية حيز التنفيذ في الخامس من ديسمبر/ كانون الأول، أي في اليوم التالي لعقد مجموعة المنتجين اجتماعها المقبل. وتستهدف القيود معظم الشحنات المنقولة بحراً إلى أعضاء الكتلة، والتي انخفضت بالفعل إلى حوالي 660 ألف برميل يومياً من 1.6 مليون برميل في يناير.
ونجحت روسيا في تحويل جزء كبير من النفط الخام الذي رفضه المشترون الأوروبيون إلى الهند وتركيا والصين؛ لكن العقوبات، التي تسعى أيضاً إلى تقييد الشحنات إلى الدول غير الأوروبية، يمكن أن يكون لها تأثير أكبر بكثير.
وإذا قرر الكرملين وقف الإنتاج بدلاً من قبول سعر محدد، وهو ما يبدو مرجحاً، فإن خفض "أوبك+" بمقدار مليوني برميل يومياً قد يصبح فجأة حقيقياً للغاية. "شيء واحد مؤكد، النفط الخام في رحلة تقلبات لبقية عام 2022".