خفض الفائدة الكبير يثير المخاوف من فقاعة في الأسواق

22 سبتمبر 2024
عدم يقين يسيطر على بورصة نيويورك، 19سبتمبر2024 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **خفض الفائدة وأداء الأسواق المالية**: شهدت الأسهم الأميركية ارتفاعات قوية بعد خفض بنك الاحتياط الفيدرالي الأميركي أسعار الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية، مما أدى إلى تسجيل مستويات قياسية جديدة لمؤشري إس أند بي 500 وداو جونز الصناعي.

- **تحليل المخاطر والاستراتيجيات الاستثمارية**: حذر مايكل هارتنيت من بنك أوف أميركا من مخاطر الفقاعة في سوق الأسهم، مشيراً إلى أهمية تنويع الاستثمارات. بينما يرى بنك غولدمان ساكس أن العائدات القوية لشركات التكنولوجيا نابعة من أساسيات مالية قوية.

- **فقاعة بيتكوين والتوقعات المستقبلية**: أثارت تقلبات بيتكوين تساؤلات حول فقاعة سعرية محتملة، حيث ارتفعت قيمتها بنسبة 5% بعد خفض الفائدة. يحذر المحللون من أن سبتمبر عادةً ما يكون شهراً ضعيف الأداء لبيتكوين.

مع بدء بنك الاحتياط الفيدرالي ‏الأميركي دورة جديدة لخفض الفائدة، هي الأولى منذ عام الجائحة، ‏واصلت الأسهم الأميركية، وأغلب الأصول المالية الخطرة، أداءها القوي، ‏الأمر الذي دفع البعض إلى التأكيد أن المسرح أصبح مهيّأً لارتفاعات قوية لفترات مطولة، إلا أن بعض المحللين حذروا من تزايد احتمالات أن تكون ‏أسواق تلك الأصول في مرحلة فقاعة اقتربت من الانفجار.

ويوم الأربعاء، فضل بنك الاحتياط الفيدرالي أن يطرق الحديد ساخناً، حيث أعلن تخفيض أسعار الفائدة الرئيسية بمقدار نصف نقطة مئوية، في أول خفض لها في أربع سنوات، وبعد ثمانية اجتماعات متتالية للجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة، لم تتغير فيها الأسعار. وتسبب الخفض الكبير في تسجيل مستويات قياسية جديدة لمؤشري إس أند بي 500 وداو جونز الصناعي في يومي الخميس والجمعة، فيما اقترب بمؤشر ناسداك، المتخم بشركات التكنولوجيا، من أعلى مستوياته على الإطلاق.

وبينما تتوقع الأسواق الآن 250 نقطة أساس من التخفيض خلال هذا العام والعام المقبل، وهو ما من شأنه أن يساعد في دفع نمو الأرباح بنسبة 18% إضافية لمؤشر ستاندرد آند بورز 500 بحلول نهاية عام 2025، تجددت المخاوف من ظهور فقاعة في أجزاء من السوق، كما قال مايكل هارتنيت، استراتيجي "بنك أوف أميركا"، الذي أشار إلى أن "المستثمرين سيضطرون إلى مطاردة الأسهم مع تزايد مخاطر الفقاعة".

وحذر هارتنيت سابقًا من إمكانية تكوّن فقاعة تكنولوجية مع ارتفاع الاستثمار في الذكاء الاصطناعي. وفي فبراير/شباط، قال إن "فقاعة صغيرة" في الذكاء الاصطناعي "تنمو" وقد تزيد من مكاسب السوق إذا خُفِّفَت السياسة النقدية. وبعد خفض الفائدة، استعادت أسهم ‏شركات التكنولوجيا ‏قيادة المؤشرات إلى الارتفاع إلى مستويات قياسية، وكان في المقدمة منها أسهم شركات إنفيديا وبرودكوم وميتا وASML، بارتفاعات تجاوزت 4% يوم الخميس فقط.

ووسط المزيد من تكالب المستثمرين على شراء أسهم الشركات ‏المستفيدة بطفرة الذكاء الاصطناعي وتخفيف السياسة النقدية، يقول هارتنيت إن أفضل طريقة لإدارة المحافظ تخصيص بعض الأموال لشراء السندات والذهب، التي توفر تحوطاً ضد مخاطر النمو والتضخم. وكتب في مذكرة صدرت يوم الجمعة: "استخدم ارتفاع المخاطر لشراء الانخفاضات في أسعار السندات والذهب، حيث إن الركود وإعادة تسارع التضخم "غير ‏محتملين في الوقت الحالي". وأشار هارتنيت إلى وجهة نظره الصعودية بشأن السندات من قبل، حيث قال في مايو/ أيار إنه رأى نموًا كبيرًا لأدوات الدخل الثابت في النصف الثاني من العام. وفي ذلك الوقت، قال إن سندات الخزانة لمدة 30 عامًا أفضل تحوط وسط نمو ضعيف.

اقتصاد دولي
التحديثات الحية

بدوره، لا يرى بنك الاستثمار العملاق غولدمان ساكس ‏أن شركات التكنولوجيا الأميركية تتعرض حالياً لفقاعة مالية، حتى بعد ارتفاعها النيزكي هذا العام، وسط الحماسة المتزايدة لتطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي، وفقًا لما أظهرته أبحاث البنك، الذي توقع أن تستمر هذه الشركات في تعظيم مكاسب المستثمرين.

ومع ذلك، ‏أشار البنك إلى أن حفنة من أسهم شركات التكنولوجيا تمثل حصة عالية بشكل غير عادي من القيمة السوقية، مؤكدًا أن التركيز العالي يشكل بالفعل خطرًا على المستثمرين، كما كتب بيتر أوبنهايمر، كبير استراتيجيي الأسهم العالمية للبنك، ورئيس إدارة أبحاثه الكلية في أوروبا.

‏وكتب أوبنهايمر يوم إعلان خفض الفائدة الأميركية: "ينبغي للمستثمرين أن يتطلعوا إلى تنويع استثماراتهم لتحسين العائدات المعدلة حسب المخاطر، مع اكتساب القدرة على الوصول إلى الفائزين المحتملين في شركات التكنولوجيا الأصغر وأجزاء أخرى من السوق، بما في ذلك في شركات الاقتصاد القديم، التي ستستفيد من المزيد من الإنفاق على البنية التحتية خلال الفترة القادمة".

وحقق قطاع التكنولوجيا 32% من ‏إجمالي عائدات الأسهم العالمية و40% من عائدات سوق الأسهم الأميركية منذ عام 2010. ويقول أوبنهايمر إن هذا يعود إلى الأساسيات المالية الأقوى وليس المضاربة غير العقلانية في السوق. وقال: "ارتفعت أرباح القطاع التكنولوجي العالمي للسهم بنحو 400% عن ذروتها قبل الأزمة المالية الكبرى، فيما ارتفعت جميع القطاعات الأخرى مجتمعة بنسبة 25% خلال تلك الفترة.

وفي الآونة الأخيرة، كانت العائدات القوية لقطاع التكنولوجيا نابعة من عدد صغير من الشركات الضخمة في الولايات المتحدة. ومرة ​​أخرى، كانت أرباح هذه الشركات ضخمة مقارنة بالسوق الأوسع، وهو ما يبرر مكاسبها، كما يقول أوبنهايمر. وكتب: "لقد عكست محركات هذا النجاح قدرتها على الاستفادة من البرمجيات والحوسبة السحابية وتغذية الربحية العالية الناتجة من نمو الطلب الاستثنائي. لكن ارتفاع أدائها الأخير منذ عام 2022 يرجع إلى حد كبير إلى الآمال والتطلعات حول الذكاء الاصطناعي. وعلى الرغم من استمرار نمو الأرباح القوي، فقد ارتفعت التقييمات، بقيادة مجموعة ضيقة بشكل متزايد من "الشركات الضخمة".

ويشير أوبنهايمر إلى ‏أنّ التقنيات الجديدة تميل إلى جذب رؤوس الأموال وتحقيق طفرات كبيرة، مؤكداً أنه "في حين أنها لا تنتهي دائمًا بفقاعة مذهلة وانهيار، إلا أنها عادةً ما تشهد انخفاضًا حادًا في الأسعار على مستوى الصناعة، مع اعتدال العائدات".

وعلى صلة بالأمر، تعد بيتكوين من أكثر الأصول تقلباً في الأسواق المالية، ما أثار تساؤلات عما إذا كانت تمر حالياً بفقاعة سعرية. وعلى الرغم من الصعود الكبير في سعر بيتكوين على مرّ السنين، إلا أن الآراء تختلف في ما إذا كانت أسعارها تشهد فقاعة غير مبررة حالياً.

ويزعم المنتقدون، سواء داخل أو خارج مجتمع العملات المشفرة، أن فقاعة بيتكوين قد تنفجر في أي وقت. ولكن هل هناك فقاعة أصلاً، أم أن بيتكوين عبارة عن مخزن للقيمة في مواجهة العملات الورقية التضخمية؟ قد يكون كلا الاحتمالين صحيحاً، حيث تجاوز الارتفاع هذا العام في سعر بيتكوين التضخم، لتثبت العملة المشفرة من جديد أنها أكثر أمانًا من الاحتفاظ بالنقود. ويرى بعض المحللين أن تزايد اهتمام المؤسسات المالية والاستثمارات الكبيرة يعزز قيمة البيتكوين على المدى الطويل، ما يقلل من احتمال حدوث فقاعة. بينما يشير آخرون إلى أن الارتفاع السريع والمتكرر في أسعار العملات الرقمية يشبه بعض الفقاعات التاريخية التي شهدتها الأسواق المالية.

ويوم الخميس، ارتفعت العملات المشفرة في جزء من ارتفاع السوق واسع النطاق، بعد خفض بنك الاحتياط الفيدرالي أسعار الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية، حيث أضافت بيتكون إلى قيمتها نسبة 5%، ووصل سعرها إلى 63,255.00 دولارًا، وفقًا لشركة Coin Metrics. وقال ماثيو سيجل، رئيس أبحاث الأصول الرقمية في فان إيك: "كانت أقوى ارتباطات بيتكوين بمرور الوقت علاقة إيجابية بنمو الأموال وزيادة الارتفاعات في سوق الأسهم، وعلاقة سلبية بالدولار. ومع هذه الخطوة من بنك الاحتياط الفيدرالي، نعتقد أن احتمالية الأداء القوي للربع الرابع من بيتكوين ترتفع".

وخلال الفترة التي مضت من سبتمبر 2024، سجلت بيتكوين تراجعًا بنسبة 2% مع خروج 277 مليون دولار من صناديق الاستثمار المتداولة (ETFs)، ما أثار مشاعر تشاؤمية بين المستثمرين. هذا التراجع أدى إلى تكهنات بأن السوق قد يشهد تصحيحًا كبيرًا قريبًا، خصوصاً أن شهر سبتمبر تاريخيًا يُعرف بأنه شهر سيّئ لأداء بيتكوين. ومع ذلك، يشير بعض المحللين إلى إمكانية حدوث انتعاش في أكتوبر 2024 إذا استمر السعر في الحفاظ على مستوى الدعم عند 54,000 دولار.

وفي نهاية سبتمبر/أيلول الجاري، تتجه الأنظار إلى احتمال انفجار فقاعة بيتكوين أو حدوث ارتفاع مفاجئ في سعرها. ويرى العديد من المحللين أن بيتكوين قد تشهد اختراقاً سعرياً في نهاية الشهر بناءً على الأنماط التاريخية التي تظهر أن هذه الأصول تميل للارتفاع بعد 150-160 يومًا من حدوث عمليات التنصيف "Halving"، التي يقصد بها تقليص مكافآت التعدين. ومع ذلك، هناك تحذيرات من أن سبتمبر عادةً ما يكون شهراً ضعيف الأداء لبيتكوين، مع متوسط عوائد سلبي قدره -4.48%، مقارنة بشهر أكتوبر الذي سجل تاريخياً عوائد إيجابية تبلغ 22.9%.

أكثر من فقاعة في الأسواق الأميركية خلال ربع القرن الأخير:

1. فقاعة الدوت كوم (1999-2000)

في أواخر التسعينيات، شهدت شركات التقنية الناشئة ارتفاعاً هائلاً في أسعار أسهمها دون أرباح واضحة تدعم هذا الارتفاع، قبل أن تنفجر الفقاعة في عام 2000، ما أدى إلى خسائر ضخمة في السوق، قدرت بحوالى 5 تريليونات دولار في القيمة السوقية لشركات التكنولوجيا. وأدى هذا الانهيار إلى إفلاس العديد من الشركات الناشئة التي كانت تعتمد على الإنترنت، وشهدت أسهم التكنولوجيا تراجعًا حادًا، حيث خسرت بعض الأسهم أكثر من 80% من قيمتها.

2. فقاعة الإسكان (2007-2008)

كانت فقاعة الإسكان نتيجةً لانفجار سوق العقارات في الولايات المتحدة، حيث ارتفعت أسعار المنازل بشكل غير منطقي، بالتزامن مع مبالغة في المضاربات واستخدام الروافع المالية في تداول أنواع معقدة من المشتقات، ما تسبب في انفجار الفقاعة في الأزمة المالية العالمية في 2008. وترتب عن ذلك خسائر قُدرت بنحو 8 تريليونات دولار من القيمة السوقية للعقارات، بالإضافة إلى خسائر ضخمة في الأسواق المالية، كما انهيار العديد من المؤسسات المالية الكبرى مثل بنك "ليمان براذرز".

3. فقاعة الديون العقارية المرتفعة (2008)

ترافقت مع انهيار سوق الإسكان، حيث كانت البنوك تمنح قروضاً عقارية دون ضمانات كافية، ما أدى إلى تراكم ديون ضخمة لم يكن بالإمكان سدادها.

4. فقاعة التكنولوجيا الحيوية (2015)

شهدت الشركات العاملة في قطاع التكنولوجيا الحيوية ارتفاعاً كبيراً في أسعار أسهمها بسبب التوقعات المفرطة حول علاجات طبية مبتكرة، ولكن الفقاعة انتهت بتصحيح حاد في السوق. خسرت بعض أسهم الشركات في هذا القطاع ما يصل إلى 30-50% من قيمتها خلال فترة قصيرة، وذلك بسبب التوقعات المفرطة حول العلاجات الطبية التي لم يثبت نجاحها.

المساهمون