- دول مثل كندا وإيطاليا والولايات المتحدة والسويد وباكستان ومالي وبنغلاديش خفضت أسعار الوقود، بينما تتحجج الدول العربية بارتفاع تكاليف الاستيراد.
- حتى الدول النفطية مثل العراق والجزائر وليبيا وبعض دول الخليج تشهد زيادات في أسعار الوقود، متذرعة بتأثيرات انخفاض أسعار النفط على الإيرادات العامة.
خفضت دول عربية عدة تكاليف الوقود من سعر البنزين إلى السولار في الشهور الأخيرة على خلفية تراجع أسعار النفط في الأسواق الدولية، من بين هذه الدول: الأردن وقطر والكويت والإمارات والمغرب وبعض الدول المستوردة لمنتجات الطاقة. حتى إسرائيل التي تخوض حربا منذ أكثر من عام على عدة جبهات في فلسطين ولبنان واليمن وسورية أقدمت أيضا على خفض السعر لمدة ستة شهور متواصلة رغم زيادة معدل التضخم وغلاء المعيشة داخل دولة الاحتلال.
عالميا، خفضت عدة دول أسعار مشتقات البترول، من بينها كندا وإيطاليا والولايات المتحدة والسويد وباكستان ومالي وبنغلاديش، بل طلبت العديد من الحكومات من شركات تكرير النفط المحلية خفض السعر أو على الأقل تجنب رفع الأسعار بشكل مفرط، وسط التقلبات المتزايدة في أسعار الطاقة، وتصاعد حالة عدم اليقين في الشرق الأوسط كما حدث في كوريا الجنوبية قبل أيام.
وحتى عندما زادت أسعار النفط في الأسواق العالمية كما جرى عقب غزو روسيا أوكرانيا في فبراير/ شباط 2022، حيث ارتفع السعر 40% في غضون أيام، أو كما جرى خلال أزمات كورونا والتضخم وتعقد سلاسل التوريد والتجارة الدولية، سارعت العديد من الدول للعمل على كبح أسعار منتجات الوقود والحد من الزيادة عبر خفض الضرائب المفروضة على الاستهلاك أو ما يعرف باسم ضريبة الكربون، أو تقديم دعم وتسهيلات مادية وضريبية لشركات الوقود والتكرير وإنتاج الكهرباء.
في المقابل، نلحظ أن كل الطرق في معظم الدول العربية تؤدي إلى نتيجة واحدة هي زيادة أسعار الوقود وكلفة مشتقات البترول بغض النظر عما يحدث للأسعار في دول العالم المختلفة، وتجاهل الظروف المعيشية الصعبة التي يمر بها المواطن من تآكل مدخراته وعملته وحالة الغلاء الفاحش التي تمر بها الأسواق.
عالميا، تتهاوى أسعار النفط فتسارع الحكومات بعدها نحو خفض أسعار الوقود وما يرتبط بها من خدمات، مثل فواتير الكهرباء وتذاكر النقل والمواصلات العامة وتكاليف الشحن وغيرها، لكن في الجهة الأخرى تسارع الحكومات العربية بزيادة سعر البنزين والسولار والغاز والمازوت في الأسواق رغم ذلك التهاوي.
وحتى في حال حدوث العكس وهو زيادة أسعار النفط في الأسواق العالمية، هنا تسارع الحكومات العربية أيضا لمواصلة زيادة أسعار الوقود على المستهلك وتغذية التضخم ورفع كلفة المعيشة، وذلك تحت حجج عدة، منها ارتفاع سعر النفط والغاز عالميا، وارتفاع كلفة استيراد المشتقات البترولية، وإجراء حكومات الدول الأخرى زيادات في سعر الوقود.
نلحظ أن كل الطرق في معظم الدول العربية تؤدي إلى نتيجة واحدة هي زيادة أسعار الوقود وكلفة مشتقات البترول بغض النظر عما يحدث للأسعار في دول العالم المختلفة
والمتتبع لأسواق الطاقة يجد أن أسعار النفط عالميا تهاوت عدة مرات، أحدثها ما يجري هذه الأيام، فسعر برميل النفط يبلغ حاليا نحو 70 دولارا، وهو ما يعادل نصف أسعار النفط الخام في سنوات سابقة، منها سنتي 2022 و2008، حيث تجاوز السعر وقتها 140 دولارا للبرميل، ورغم هذا التهاوي الحالي لم يجد المواطن العربي من الحكومات سوى أذن من طين وأخرى من عجين، بل و"عاملة نفسها من بنها"، كما يقول المثل المصري، متجاهلة ما يحدث من تهاوٍ للأسعار في الأسواق الدولية.
يتكرر هذا المشهد في العديد من الدول العربية، مصر وتونس ولبنان واليمن والسودان وسورية، حيث ارتفاع متواصل لأسعار الوقود، بما في ذلك سعر البنزين وغيره، وهو ما يرفع معه كل تكاليف الحياة والسلع الغذائية والدقيق وتذاكر القطارات والمترو والمواصلات العامة، كما يرفع معه أسعار كل السلع والخدمات بما فيها تلك التي لا ترتبط مباشرة بسعري النفط والدولار.
حتى الدول النفطية ذات الإيرادات الضخمة من الطاقة مثل العراق والجزائر وليبيا وبعض دول الخليج تشهد أسواقها زيادات متواصلة في سعر البنزين والسولار تحت ذرائع مختلفة، ففي حال تهاوي سعر النفط تتحجج حكومات تلك الدول بتأثيرات التهاوي الخطيرة لسعر النفط على الإيرادات العامة للدولة، وتسببه في حدوث عجز حاد ومزمن في الموازنة العامة، وهنا تلجأ تلك الحكومات إلى جيب المواطن لسد ذلك العجز وردم الفجوة بين المصروفات والإيرادات.
وفي حال حدوث قفزة في أسعار النفط، فإن تلك الحكومات لا تسارع بخفض الأسعار وتحسين مستوى المعيشة ومراكمة الثروات وتحسين احتياطي الدولة من النقد الأجنبي، بل تبعثر تلك الفوائض المالية، إما على مشروعات لا تمثل أولوية للاقتصاد والمواطن، أو على مشروعات ذات أبعاد سياسية، مثل تمويل الانقلابات العسكرية ودعم الاستبداد في بعض دول المنطقة.