خمسة إجراءات لتثبيت الليرة السورية

27 أكتوبر 2024
تاجر يعد أوراق الليرة التي تحمل صورة بشار الأسد ،دمشق في 11 سبتمبر 2019 (فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- استقرار ظاهري لليرة السورية نتيجة تدخل السلطات النقدية بخمسة إجراءات، منها طرح سندات خزينة وتغييرات في الساحة المالية، رغم التأثيرات السلبية للعدوان الإسرائيلي والقصف داخل سورية.
- الحكومة السورية أوقفت القروض الشخصية ثم أعادت السماح بها وفق نظام الدور، مع تحديد السحب اليومي، دون تأثير على السعر الحقيقي للعملة بسبب نقص الاحتياطي النقدي والاعتماد على الاستيراد.
- فتح الحسابات المصرفية قلل السيولة المتداولة، لكن لم يغير سعر صرف الليرة أو يعيد الثقة، بسبب هيمنة الدولرة وتذبذب سعر الصرف، مع انعدام مصادر النقد الأجنبي.

بدت الليرة السورية ثابتة في موقعها أمام العملات الرئيسية، منذ أكثر من شهر، رغم التأثيرات السلبية الناجمة عن العدوان الإسرائيلي المكثف على جنوب لبنان والقصف المتكرر لأهداف داخل سورية، الأمر الذي اعتبره محللون أنه نتيجة تدخّل مباشر من السلطات النقدية للحيلولة دون مزيد من انهيار العملة من خلال خمسة إجراءات رئيسية.

وأشار محللون إلى أن ما يجري في سوق الصرف في سورية هو تثبيت الليرة وليس ثباتها، مؤكدين أن السعر في السوق الموازي (السوداء) مختلف عن السعر المعلن في نشرة المصرف المركزي. ويتحدد سعر صرف الليرة أمام الدولار عند 14750 ليرة واليورو عند 15880 ليرة، لكن سعر الدولار في السوق السوداء يزيد عن 15.5 ألف ليرة واليورو بنحو 16.5 ألفاً، نظراً لتوقف المصرف المركزي عن تمويل معظم العمليات التجارية، واضطرار رجال الأعمال والمسافرين إلى شراء الدولار من السوق لتسديد أثمان مستورداتهم وتلبية احتياجاتهم.

وكان المصرف المركزي في دمشق يصدر نشرة تعديل أسعار الصرف على نحو أسبوعي، لكنه منذ نهاية سبتمبر الماضي لم يجر أي تعديل، معتبرا أن هناك استقرارا وثباتا في سعر الصرف. ويرى أستاذ المالية، فراس شعبو، أن نظام بشار الأسد ومنذ تعيين الحكومة الجديدة، قبل نحو شهر، توقف عن إصدار نشرات دورية لتبدل سعر الصرف، وقام بـ "خمسة إجراءات" من شأنها سحب قسم من فائض السيولة من السوق، ربما أهمها طرح سندات خزينة، بقيمة 150 مليار ليرة للمزاد بسعر مليوني ليرة للسهم وفائدة 9.89%، على أن يوزع العائد مرتين خلال العام، بعد أن أجرت وزارة المال العديد من التغييرات على الساحة المالية والنقدية كإجراء ثان، منها السماح بمنتجات مصرفية جديدة للمصارف الخاصة.

أما الإجراء الثالث، وفق شعبو، فيتمثل في قيام حكومة الأسد بوقف القروض الشخصية في أهم المصارف ومنها "التجاري" قبل أن تسمح بها مرة أخرى، ولكن وفق نظام الدور، فضلا عن تخفيض مبلغ السحب اليومي من المصارف كإجراء رابع، وفق تعميم للمصرف المركزي، ليصبح 10 ملايين ليرة، بدلاً من 25 مليونا. لتأتي الخطوة الخامسة وهي السماح للمصارف العاملة في سورية بالتعاقد مع معتمدين لديهم سجل تجاري، لتنفيذ كافة عمليات العملاء المصرفية، بشرط تحديد قيمة السحب اليومي بـ500 ألف ليرة.

ويضيف أستاذ المالية في جامعة باشاك شهير بإسطنبول، أن "تلك الإجراءات لم تغيّر من السعر الحقيقي للعملة السورية، لأنها فاقدة جميع عناصر القوة، وأهمها أنها لا تستند إلى احتياطي نقدي أجنبي أو ذهب بالمصرف المركزي، بعد أن بدد النظام الاحتياطي المقدر بنحو 18 مليار دولار عام 2011، فضلاً عن استنزاف الاستيراد العملات الأجنبية التي يتم جبايتها عبر الحدود أو إتاوات من رجال الأعمال، لأن سورية تستورد نفطا وقمحا بالدرجة الأولى، فضلا عن السلع الاستهلاكية بعد تراجع الإنتاج".

بدوره، يرى المالي والمفتش السابق إبراهيم محمد، أن فتح الحسابات المصرفية للمستفيدين من الدعم "1.1 مليون حساب" ضمن ما يسمى سياسة التحول النقدي للدعم التي أقرتها الحكومة، قلل من السيولة المتداولة في السوق، خاصة أنه جاء بالتوازي مع اعتماد مصارف خاصة التحويل الإلكتروني. لكن هذا الإجراء، إضافة إلى محاولات أخرى تقوم بها الحكومة، لن يغيّر من واقع سعر صرف الليرة أو استعادة الثقة فيها، لأن الدولرة بالعمليات التجارية الكبيرة هي السائدة في سورية، في واقع تذبذب سعر الصرف وعدم وجود أي أفق للتحسن، خاصة في واقع الحرب التي طاولت آثارها الاقتصاد السوري.

ويشير محمد لـ"العربي الجديد" أن مصادر النقد الأجنبي الذي يوازن العرض والطلب في السوق، معظمها منعدمة في سورية، كالصادرات والسياحة.
 

المساهمون