أن تقول هيئة النيابة الإدارية المصرية في تحقيقاتها التي كشفت عن محتواها أمس الثلاثاء إن أحمد نظيف، رئيس الوزراء الأسبق، ويوسف بطرس غالي، وزير المالية الأسبق تلاعبا بمليارات الجنيهات من أموال أصحاب التأمينات والمعاشات وأهدرا 455 مليار جنيه بما يعادل 93.6% من هذه الأموال، فهذا ليس أمراً جديداً من وجهة نظري، فقد تحدثت وسائل الإعلام كثيراً عن هذه القضية الخطيرة طوال السنوات الماضية ولم يتحرك أحد.
حتى عندما تحدثت وزيرة التأمينات الاجتماعية السابقة ميرفت التلاوي إبان حكم مبارك عن ضياع نحو 500 مليار جنيه من أموال أصحاب التأمينات والمعاشات علي يد يوسف بطرس غالي لم يعرها أحد اهتماما في ذلك الوقت، بل وللأسف وصفها بعض المسؤولين بالتخريف والجنون.
لكن أن تتحدث النيابة الإدارية أمس، وبالمستندات عن واحدة من أكبر قضايا الفساد المالي أيام مبارك، وعن عمليات فساد منظمة جرت داخل وزارة المالية إبان تولي يوسف بطرس غالي مسؤوليتها علي مدي سنوات طويلة، وعن حوافز ومكآفات بمليار جنيه، فهذا هو الجديد.
وحتى لا نتوه في التفاصيل، سأوجز ما كشفته تحقيقات النيابة الإدارية في 5 نقاط:
1- تم صرف مكافآت وبدلات لبعض كبار موظفي وزارة المالية إبان فترة يوسف بطرس غالي، بلغت قيمتها نحو مليار جنيه "ما يعادل نحو 300 مليون دولار" بأسعار ذلك الوقت، وذلك خلال عامي 2010 /2011، وضمت قائمة المستفيدين كبار مسؤولي الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي وصندوق العاملين بقطاع الأعمال العام والخاص وصندوق العاملين بالقطاع الحكومي ومساعدي ومستشاري وزير المالية وبعض أعضاء مجلس إدارة الهيئة، بل الأدهى من ذلك أن الصندوقين تحملا قيمة الضرائب المستحقة على مكافآت وبدلات طبقاً لتقرير الجهاز المركزي للمحاسبات للرقابة المالية وتقويم الأداء للهيئة القومية الاجتماعي المؤرخ 9/2/2014.
2- تعاقدت وزارة المالية مع شركات مصرية وأجنبية بالأمر المباشر وبالمخالفة للقانون ومن دون توافر حاجة ملحة، كما تم إسناد صفقات لهذه الشركات بالأمر المباشر دون توافر حالة ملحة وضرورية لذلك، ودون أن ترفق الوزارة عروض أسعار بأوراق العملية لبيان مناسبة السعر، وهو ما حدث مع شركات عدة منها يوز آند كومباني في 18/10/2009 ودي فاينتس وأسمى جروب.
3- قيام وزير المالية الأسبق يوسف بطرس غالي بممارسة ظاهرة التفكيك والتركيب والدمج داخل وزارته بعد أن نجح في ضم هيئات تابعة لوزارات أخري لوزارته، بهدف الحصول على مزايا مالية تقدر بملايين الجنيهات مثال دمج وزارة المالية والهيئة القومية للتأمين الاجتماعي لصندوقيهما تحت قيادته رغم أن الصندوق كان يتبع وزارة التأمينات الاجتماعية.
4- إهدار يوسف بطرس غالي مئات الملايين من أموال الأرامل واليتامى والعجزة والمصابين عبر المضاربة في استثمارات غير مربحة أو استثمارها في أدوات مالية خطرة مثل الأسهم بهدف مساندة البورصة، وتحميل هذه الأموال درجة عالية من المخاطر.
5- قيام قيادات وزارة المالية إبان فترة يوسف بطرس غالي بمنح أنفسهم مكافآت وحوافز، وقد تقاضى رئيس صندوق العاملين بالقطاع الحكومي بالهيئة القومية للتأمين الاجتماعي "وكيل أول وزارة المالية"، منفرداً مكافآت منحها لنفسه قدرها 256 ألف جنيه خلال الفترة من عام 2009 حتى فبراير 2011، كما تم صرف مكافآت وبدلات لمسؤولين في صندوق القطاع الحكومي التابع للدولة بمبلغ 216.6 مليون جنيه، أما ما تم صرفه من مكافآت تشجيعية فبلغ 153.6 مليون جنيه.
تحقيقات النيابة كشفت أيضاً أن وكيلي أول وزارة المالية عرضا على وزير المالية الأسبق يوسف بطرس منحه 860 ألف جنيه، قيمة مكافأة بدلات حضور الوزير ست جلسات لمجلس إدارة الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي، كما تقاضى وكيلا أول وزارة المالية كل منهما 12 ألف جنيه مكافأة لجنة استلام صالة الحاسب الآلي وذلك بالموافقة لنفسيهما.
واللافت للنظر في تحقيقات النهاية أنها خلصت إلى أن وزير المالية الأسبق يوسف بطرس غالي جمع بين قيادة وزارتين بينهما مصالح متضاربة، وهو ما ترى فيه غلوا ولا يضمن استقامة العمل واستقلاليته ويحيي نظام حكم الفرد.
هل عرفتم الآن لماذا يصر البعض على إعادة دولة مبارك ونظامه؟
اقرأ أيضاً:
مصر.. الفساد يأكل المؤسسة العمالية