عاد الملف المالي العالق بين الأردن والعراق منذ سقوط نظام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين إلى الواجهة مجددا، في أعقاب تجدد المطالب العراقية للجانب الأردني بتحويل مبالغ مالية يقول إنها كانت مودعة في البنك المركزي الأردني، وتم تجميدها في إطار العقوبات الدولية التي كانت مفروضة على العراق.
وفي ظل تداول معلومات على نطاق واسع، خلال الأيام الماضية، عن أن وزارة العدل العراقية أقامت دعوى قضائية لاستعادة أموالها المحجوزة في الأردن منذ سنوات طويلة، أوضح السفير العراقي لدى الأردن حيدر العذاري أن وزير العدل العراقي كلف الدائرة القانونية في سفارة بلاده في عمّان بمتابعة عدد من الملفات، ومنها ملف المستحقات العالقة، وضمن ترتيبات قانونية.
وزارة العدل العراقية أعلنت أنها بدأت بإقامة دعوى قضائية في الأردن لاستعادة أموال عراقية محجوزة
ويتضمن الملف المالي العالق بين البلدين مطالبات في الاتجاهين، حيث تشمل ديون عمّان على بغداد، بحسب تقرير للبنك المركزي الأردني، موجودات متأخرة السداد على البنك المركزي العراقي بلغ رصيدها أكثر من 1.1 مليار دولار، نشأت تنفيذاً لاتفاقيات التبادل التجاري وتسهيلات الدفع، ووفق مصادر من الجانبين، فإن تحصيل هذه الديون متوقف على النتيجة النهائية للمفاوضات الجارية بين البلدين.
وكان الأردن يصدر للعراق إبان نظام صدام حسين العديد من السلع بموجب بروتوكول تجاري كان قائماً بينهما ويرصد المبلغ نتيجة لذلك، فيما أوضح مقرر اللجنة المالية في البرلمان العراقي سابقا هوشيار عبد الله أن البيانات المتوفرة تشير إلى أن للعراق ما بين 3 و5 مليارات دولار مودعة في الأردن منذ حكم صدام حسين، ولا توجد مكاشفة أردنية حقيقية حول هذا الأمر.
وقال عبد الله في تصريحات صحافية، مؤخراً: "أعتقد أنه حان الوقت لفتح ملف الأموال والمستحقات التي لنا أو علينا مع الأردن، وهناك مسؤوليات على كلا الطرفين"، موضحاً أنه "حتى الآن لا يوجد تحرك جدّي من بغداد نحو الأموال العراقية الموجودة بالأردن، وفي الوقت نفسه توجد أرقام على العراق كدين للأردن ليس هناك حسم بشأنها، ومن المهم أن يكون هناك تحريك للملف من الجانبين، أو على الأقل مكاشفة لاسترجاع كل طرف حقه".
وقال السفير العراقي حيدر العذاري: "نشرت عدة مواقع إلكترونية خبر مفاده أن وزارة العدل العراقية أعلنت أنها بدأت بإقامة دعوى قضائية في الأردن لاستعادة أموال عراقية محجوزة، حيث ذكر في الخبر، عن مديرة الدائرة القانونية في الوزارة حنان منذر نصيف، أنه تم البدء حاليا بإقامة دعاوى قضائية في الأردن لأنها أكثر دولة لديها أموال محجوزة ومطلوب استردادها للعراق، وهي منظورة أمام القضاء.
مسؤول أردني رفيع المستوى لـ"العربي الجديد": المفاوضات بين الأردن والعراق بشأن تسوية الملف المالي العالق بينهما منذ أكثر من 25 عاماً لا تزال بلا صيغة للحل حتى الآن
ووفق تصريحات السفير: قام وزير العدل العراقي القاضي سالار عبد الستار والوفد المرافق له، الذي ضم مديرة عام الدائرة القانونية حنان منذر نصيف، بزيارة رسمية إلى الأردن قبل شهر تلبية للدعوة الموجهة إليه من نظيره الأردني أحمد الزيادات.
وحسب السفير العراقي لدى عمان، فقد عقد الوزير والوفد المرافق له عدة لقاءات رسمية مهمة مع كل من محافظ البنك المركزي الأردني زياد فريز، ووزير العدل الأردني ورئيس محكمة التمييز ورئيس المجلس القضائي القاضي محمد الغزو، "حيث كنت مشاركا في تلك الاجتماعات التي اتسمت بالإيجابية والجدية والرغبة الحقيقية من قبل الطرفين لحل جميع المشاكل العالقة".
وبين أن وزير العدل العراقي كلف القسم القانوني في السفارة العراقية في عمّان بمتابعة الملفات من خلال مفاتحة الجهات القضائية في كل من البلدين، وهذا هو السياق المتبع من قبل السفارة منذ سنوات. وقال "تشهد العلاقات العراقية الأردنية تطورا كبيرا ونشاطا ملحوظا".
وكان مسؤول أردني رفيع المستوى قال، لـ"العربي الجديد"، إن المفاوضات بين الأردن والعراق بشأن تسوية الملف المالي العالق بينهما منذ أكثر من 25 عاماً لا تزال بلا صيغة للحل حتى الآن.
وأضاف أن سبب تعثر المفاوضات يعود للاختلاف الكبير في البيانات التي يقدمها كل طرف بشأن مطالباته المالية من الطرف الآخر.
ومؤخرا، أعلن الأردن والعراق عن خطوات شاملة لتعزيز التعاون الاقتصادي بينهما في مختلف المجالات، خاصة التجارية والاستثمارية، وإقامة مدينة اقتصادية مشتركة على الحدود.