أعلن رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، اليوم الخميس، تنسيق الحكومة مع السلطة التشريعية، ممثلة في مجلسي النواب والشيوخ، في ما يتعلق بالملف الشائك لقانون الإيجارات القديمة، وذلك بدعوى إعادة التوازن بين المالك والمستأجر، مع مراعاة الشرائح الاجتماعية الأكثر احتياجاً.
وقال مدبولي إن الحكومة عازمة على اقتحام العديد من الملفات الموروثة والشائكة، والتعامل معها وصولاً إلى حلول جذرية بشأنها، ومنها ما يتعلق بملف الإيجارات القديمة، موضحاً أنه يتم حالياً التنسيق مع السلطة التشريعية، وعقد اجتماعات مشتركة مع رؤساء عدد من اللجان البرلمانية في مجلسي النواب والشيوخ؛ بغرض الوصول إلى صيغة قانونية تعيد التوازن بين المالك والمستأجر، وتتضمن حلاً لهذه المشكلة التاريخية.
وأضاف مدبولي، على هامش الاجتماع الأسبوعي لمجلس الوزراء، أن التعديلات المقترحة على قانون الإيجارات القديمة ستراعي الشرائح الاجتماعية الأكثر احتياجاً، وتتيح فترة انتقالية لتوفيق الأوضاع قبل تحرير العقد بين الطرفين.
وأشار إلى أنه كلف وزير العدل عمر مروان بـ"دراسة وإعداد مشروع قانون يتضمن مصادرة المبنى المخالف، واعتبار التعدي على الأراضي الزراعية جريمة مُخلة بالشرف؛ بالإضافة إلى فرض غرامات مالية كبيرة على المعتدين، وكذلك معاقبة المقاول الذي يتولى بناء المبنى المخالف".
وتابع مدبولي أنه "سيتابع بنفسه تقارير اللجان المعنية بالتصدي للتعديات على الأراضي الزراعية، والمقرر تشكيلها على مستوى القرية أو الوحدة المحلية والمركز والمحافظة؛ إلى حين القضاء تماماً على أية تعديات على تلك الأراضي، في إطار تنفيذ تكليفات الرئيس عبد الفتاح السيسي بالمتابعة المستمرة لموقف التعديات، واتخاذ الإجراءات اللازمة التي من شأنها منع تلك التعديات في مهدها، والحفاظ على الرقعة الزراعية".
كما شدد على "ضرورة التعامل بحسم مع أي تعديات جديدة على الأراضي الزراعية، وإزالتها بكافة صورها وأشكالها، فضلاً عن اتخاذ إجراءات رادعة في هذا الشأن، منها وقف أي دعم للدولة يحصل عليه المتعدي على أي بقعة زراعية؛ سواء كان هذا الدعم من التموين، أو الخبز، أو الأسمدة، أو غيره من صور الدعم".
وختم مدبولي: "من واجب الحكومة حماية مقدرات الدولة وممتلكاتها من أي عبث أو تعديات، ولن نسمح بفقد أي بقعة صغيرة من الأراضي الزراعية مجدداً؛ باعتبار أن ذلك يدخل في نطاق الحفاظ على الأمن القومي للدولة المصرية"، على حسب تعبيره.
وفي 14 أغسطس/آب الماضي، تحدث السيسي صراحة -للمرة الأولى- عن أهمية تعديل قانون الإيجارات السكنية القديمة، الذي يمس أوضاع نحو 8 ملايين و900 ألف شقة تخضع لأحكامه، يقطنها بين 15 مليوناً و20 مليون مواطن، وفقاً لإحصائيات شبه رسمية في مصر.
وقال السيسي إن "حل أزمة قانون الإيجارات القديمة، يتمثل في العمل على تكثيف المعروض من الوحدات السكنية"، مستطرداً "هناك وحدات في مناطق وسط القاهرة لا يتعدى إيجارها الشهري 20 جنيهاً، بينما قيمتها تصل إلى ملايين الجنيهات. وإذا كان من حق المستأجر أن يعيش فيها، فمن حق مالكها أيضاً أن يستمتع بقيمتها".
وقال مصدر برلماني مطلع لـ"العربي الجديد" (آنذاك)، إن "حديث رئيس الجمهورية عن قانون الإيجارات القديمة، هو ضوء أخضر للسلطتين التنفيذية والتشريعية بشأن مناقشة مقترحات تعديل القانون، والتي تهدف في المقام الأول إلى تحرير عقد الإيجار بين المالك والمستأجر خلال مدة زمنية محددة، مع إقرار زيادة سنوية على القيمة الشهرية للإيجار".
وأضاف المصدر أن "البرلمان نأى بنفسه عن التعرض لأزمة الإيجارات القديمة على مدى السنوات الماضية، خوفاً على شعبية النواب في الشارع، لا سيما أن تعديل القانون يواجه رفضاً شعبياً لأن شريحة المستأجرين هي الأكثر عدداً، والمعرّضة للضرر بصورة أكبر في حال تعديل القانون، نتيجة سحب الوحدات السكنية منها لصالح المالكين، من دون توفير بدائل لها".
ولم تنجح محاولات حثيثة من بعض النواب في تمرير تعديلات قانون الإيجارات القديمة منذ يناير/كانون الثاني 2016، ومنها مشروع مقدم من 115 نائباً في الفصل التشريعي السابق يقضي بـ"تحرير عقود الإيجار نهائياً خلال 10 سنوات، مع فرض زيادة سنوية متصاعدة للقيمة الإيجارية تصل إلى المثل بعد انقضاء المدة المحددة".
كما تقدم 60 نائباً في فبراير/شباط 2021 بتعديلات على ست مواد في القانون، بغرض إخلاء الوحدة المؤجرة في حال غلقها لمدة ثلاث سنوات لغير غرض السفر، أو مرور المدة نفسها على استخراج ترخيص بناء جديد باسم المستأجر أو زوجته أو أولاده القصر، أو حصول المستأجر أو زوجته على وحدة سكنية من برامج الإسكان الاجتماعي، وإنشاء صندوق لدعم المستأجرين غير القادرين، تكون حصيلته من موارد الضريبة العقارية التي تترتب عن الوحدات المخلاة.
ويحذر خبراء في مجال العقارات من تمرير تشريعات تضرب استقرار المجتمع المصري، والعلاقات بين أفراده ومصالحهم، على غرار قانون الإيجارات القديمة؛ بيد أن تحرير العلاقة الإيجارية سيكون على حساب طبقات مطحونة، تضررت كثيراً من قرار تحرير سعر صرف الجنيه عام 2016، وما رافقه من ارتفاع كبير في أسعار السلع الأساسية والخدمات العامة.