ودّعت الهند الملياردير راهول باجاج، الرئيس الفخري للمجموعة الهندية "باجاج أوتو"، الذي توفي في بداية الأسبوع، بعدما كرس أكثر من خمسة عقود من أجل ترسيخ أسس صناعة أكسبته الكثير من الاحترام في بلده والعالم.
عرفت تلك المجموعة عندما تولى أمرها على مدى عقود بصناعة دراجات السكوتر، والثلاثية العجلات أي التوك توك الهندي المعروف في بلدان أفريقية وعربية. وعبر رئيس الوزراء الهندي، ناريندرا مودي، عن حزنه وأشاد بمساهمته في عالم التجارة والصناعة.
وذكر أنه رجل أعمال تميز ببعد نظر وصراحة وقيم. وقال عنه وزير المالية السابق، بي شيدامبارام، إن "باجاج هو من وضع الهنود العاديين على عجلتين عاديتين. وبوفاته فقدنا قائدا تجاريا بعيد النظر وصريحا".
واستحضر رئيس حزب المؤتمر الوطني، شاراد باوار، التحول الذي أحدثه عبر دراجاته في المجتمع، خاصة بين الفقراء والطبقة الوسطى، حيث يسرت سبل العيش، مشيرا إلى دوره في ترسيخ أسس الصناعة في بلده.
أول لبنة
كان جده جامنالال باجاج، الذي كان مقرباً من الزعيم الهندي، مهاتما غاندي، قد وضع في 1926 أول لبنة في صرح مجموعة "باجاج"، التي تقدر ثروتها اليوم بحوالي 13.7 مليار دولار.
شيد كمالنيان باجاج، والد راهول باجاج، النواة الأولى لشركة "باجاج أوتو"، حيث كانت الشركة حصلت على ترخيص "فيسبا" التابعة لشركة "بياجيو" الإيطالية.
غير أن عدم تجديد ترخيص "بياجيو" دفع راهول باجاج، الذي أضحى في 1968 الرئيس التنفيذي لـ"باجاج أوتو"، إلى تولي تصنيع علامة تجارية جديدة للدراجات البخارية، التي عرفت نجاحا كبيرا في سنوات السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي. لم يكن الإنتاج كبيرا في السبعينيات من القرن الماضي.
فنتيجة التأطير الكبير الذي كان الاقتصاد خاضعا له في تلك الفترة في الهند، لم تكن الشركة تنتج سوى ستة آلاف وحدة في العام، إلى درجة أن الراغبين في شراء دراجة كانوا يبقون في لائحة الانتظار على مدى عشر سنوات.
دور حاسم
كان لراهول باجاج عندما تولى قيادة "أوتو باجاج"، دور حاسم في انتشار الدراجات البخارية الثنائية والثلاثية العجلات، حيث يقال إنه جعل من تلك الدراجات جزءا لا يتجزأ من حياة الجميع. رأى باجاج النور في 10 يونيو/ حزيران عام 1938 بكالكوتا بشرق الهند، ودرس الاقتصاد في نيودلهي والقانون في بومباي، وحصل على شهادة عليا من هارفارد.
التحق في عام 1965 بالمجموعة العائلية، التي أضحت بفضله ضمن الشركات العشر الأولى في العالم المتخصصة في الدراجات الثنائية العجلات، بينما تبوأت المركز الأول على مستوى صناعة الدراجات الثلاثية العجلات، بحصة في السوق تصل إلى 72 في المائة. عندما غادر المجموعة في 2005، وتولى ابنه منصب المدير العام، انتخب عضوا في الغرفة العليا للبرلمان الهندي، باسم حزب المؤتمر، لكنه اكتفى بولاية واحدة في المؤسسة التشريعية.
انتقاد سياسة الحكومة
وكان باجاج من بين رجال الأعمال القلائل الذين كانوا يجرؤون على انتقاد سياسة حكومة القومي المتطرف مودي.
ففي 2019 أكد أن الشركات تشعر بالقلق من التداعيات، إذ انتقد إدارة رئيس الوزراء، حيث خاطبه قائلا: "إنك تؤدي عملا جيدا، لكن رغم ذلك لسنا واثقين بأنك ستقدر ذلك، إذا انتقدناك بصراحة".
لم يسلم مؤسس المجموعة التي تعمل في صناعة الدراجات والأجهزة المنزلية والتأمينات والصيرفة، بعد تلك الانتقادات من غضب مودي والموالين له.
وفي تغريدة له على تويتر، يذهب الكاتب الخبير في شؤون الهند، أوليفيي دالاج، إلى أن ما مثلته وفاة مخترع دراجة فيسبا، إنريكو بياجيو، لإيطاليا في 1965، قد يكون وقعها أقل مقارنة بما تمثله وفاة راهول باجاج بالنسبة للهنود. وتوفي باجاج يوم السبت الماضي وعمره 83 سنة، وسط حزن عميق في الأوساط الاقتصادية الهندية التي تعتبره أحد الرواد المخضرمين في مجال الصناعة.