قبل ما يزيد عن قرن، كانت عربة الحنطور وسيلة المواصلات الأساسية في مصر، وتولّت صناعتها عائلات عديدة، على رأسها عائلة عاشور.
توارثت عائلة عاشور المهنة، حيث بدأها الجد في العهد الملكي، وورثها الابن في ستينيات القرن الماضي، مستغلاً استخدام عربة الحنطور بشكل رئيسي في مدينة طنطا، مسقط رأسه، حتى أوائل الألفية الثالثة.
وما زالت العائلة تمارس المهنة، لكن في ظل تحولات مجتمعية كبيرة، إذ لم تعد عربات الحنطور وسيلة المواصلات الأولى في مصر، أو دليلا على الثراء في القرى والأقاليم، وإنما انحسر استخدامها على السياح، مما اضطر العائلة إلى تطوير أساليب الدعاية عبر تدشين صفحة "الحناطير الملكية" على مواقع التواصل الاجتماعي.
ويقتصر نشاط الورش حالياً على صيانة العربات أو التصدير للدول العربية أو المناطق السياحية، مثل الأقصر وأسوان.
ويقول إبراهيم عاشور، صاحب الورشة الحالي، إنه توارث المهنة عن والده وجده، مشيراً إلى أن "العائلة لها تاريخ طويل، فوالدي عمل على صيانة عربات الملك في متحف العربات الملكية، بينما عملت أنا في صيانة عربات الحنطور الخاصة بالرئيس محمد أنور السادات في ميت أبو الكوم، وكذلك تصنيع عربات حنطور للشيخ محمد الشعرواي".
ويضيف إبراهيم أنه رغم انحسار الحنطور في القاهرة منذ عقود، إلا أنه كان مستخدما بقوة في الأقاليم، لاسيما طنطا مسقط رأس عائلته، مشيرا إلى أنه كان بطنطا وحدها أكثر من 4 الآف عربة حنطور، إلا أن "التوكتوك" حل محله، وأصبح فيها ما يزيد عن 20 ألف "توكتوك".
وبشأن رحلة الحنطور في مصر، يقول حسن أمين، أحد العاملين في الورشة، ويعرف نفسه بأنه كهربائي حنطور، حيث يتولى تركيب الإضاءة على حسب رغبة العميل: "جاء من بريطانيا، وكان نموذج "الكوبيل" المغلق، وهو النموذج الذي استورده البشوات والأعيان لمصر، وكذلك الأسرة الخديوية، وبدأت الورش المصرية في تقليده، قبل أن ينتشر نموذج "الكرتة"".
ويقول أمين إن صناعة العربة الواحدة تستغرق نحو شهر ونصف، وتضم عدة صناعات وحرف، بداية من النجار الذي يصنع الصندوق أو العربة من الخشب، ثم الحداد الذي يُعدّ "شاسيه" وتوصيلات للخشب من الحديد حتى لا ينكسر، ثم تركيب "السوستة"، وهي مثل المساعدين في السيارة، وكذلك العجلات، ويقوم بها متخصص في الصنعة، وأخيراً السروجي الذي يقوم بتركيب الجلد والمقاعد، بالإضافة إلى الدهان، والإضاءة.