رسوم إضافية للشحن البحري تخيف الجزائريين من الغلاء

23 سبتمبر 2024
ميناء في الجزائر يوم 25 أغسطس 2022 (لودوفيك مارين/فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- فرضت شركة الشحن الفرنسية "CMA-CGM" رسومًا إضافية على نقل الحاويات نحو أربعة موانئ جزائرية بسبب الاكتظاظ، مما يزيد تكاليف الشحن.
- وكيل العبور بميناء سكيكدة أشار إلى أن هذه الرسوم ستؤدي إلى زيادة الأسعار النهائية للسلع والبضائع، مع ارتفاع تكلفة شحن السيارات من ميناء مارسيليا.
- الرئيس السابق لجمعية وكلاء السيارات في الجزائر أرجع الوضعية إلى ضعف الأسطول البحري الجزائري، مشددًا على ضرورة تنفيذ مشروع ميناء الحمدانية لتحسين تسيير الموانئ.

دخلت رسوم وتكاليف إضافية فرضتها شركة الشحن العالمية الفرنسية "CMA-CGM" على نقل الحاويات نحو 4 موانئ جزائرية حيز التنفيذ، فيما تنتظر أخرى تطبيقها اعتبارا من بداية أكتوبر/تشرين الأول تتعلق بالسيارات والشاحنات وآليات الأشغال العامة، وسط مخاوف من تداعيات هذه الإجراءات الجديدة على الأسعار النهائية للسلع والبضائع.

وتسير المجموعة 4 خطوطا للشحن البحري نحو الجزائر، فضلا عن امتلاكها 9 مكاتب في كل من الجزائر العاصمة، وعنابة وجيجل وسكيكدة وبجاية وسطيف (شرق) والغزوات ومستغانم ووهران (غرب).

وتتوفر الجزائر على 9 موانئ تجارية، هي عنابة وسكيكدة وجيجل وبجاية شرقي البلاد، والعاصمة (وسط) وتنس بولاية الشلف ومستغانم ووهران والغزوات بولاية تلمسان (غرب).
 

150 يورو إضافية للحاوية

جاء الإعلان عن هذه الرسوم الجديدة من طرف المجموعة الفرنسية، في وقت شهدت فيه أسعار الشحن البحري ارتفاعا غير مسبوق منذ جائحة كورونا (كوفيد-19)، وفاقمته هجمات الحوثيين في البحر الأحمر ضد سفن غربية، خصوصا تلك التابعة للكيان الصهيوني.

الإجراء الأول للشركة الفرنسية دخل حيز التطبيق اعتبارا من 10 سبتمبر/أيلول الجاري، وعزا بيان لشركة الشحن الفرنسية "سي.أم.آي- سي.جي.أم"، الإجراء إلى ما قال "إنه اكتظاظ تشهده 4 موانئ تجارية جزائرية"، هي العاصمة ووهران (غرب) وبجاية وسكيكدة (شرق).
وبموجب الرسوم الإضافية، صار لزاما على المستوردين في الجزائر دفع 150 يورو إضافية، عن كل حاوية ذات طول 20 قدما (نحو 6 أمتار)، يتم شحنها من أوروبا نحو الموانئ الأربعة المعنية بهذا الإجراء.
مجموعة الشحن البحري الفرنسية العملاقة "سي.أم.آي- سي.جي.أم" تأسست عام 1978، وتفرّع نشاطها ليشمل أيضا النقل الجوي للسلع والبضائع، وتتواجد عبر 160 بلدا من خلال 400 مكتب و160 ألف موظف بأسطول يتكون من 420 باخرة، وتسيّر 250 خطا بحريا نحو 420 ميناء.
وجاء إعلان المجموعة الفرنسية مباشرة عقب دراسة حكومة رئيس الوزراء الجزائري نذير العرباوي، تدابير جديدة تهدف إلى تخفيف الضغط على الموانئ، وضمان المعالجة الفعالة للحاويات وتقليل الأثر المالي الناجم عن فترات الانتظار الطويلة للسفن خلال فترات الانتظار في البحر.
وشددت الحكومة الجزائرية حينها على أن اجتماعها تطرّق إلى مختلف التدابير المتخذة في هذا الصدد، ولا سيما فيما يتعلق برقمنة الإجراءات وتعزيز التنسيق بين مختلف الأطراف المعنية بهذه العملية.
وإلى غاية الآن، لم يصدر تعقيب من السلطات الجزائرية على قرار المجموعة الفرنسية إقرار رسوم إضافية على شحن الحاويات نحو 4 من موانئ البلاد.

زيادات تكاليف الشحن

في بيان ثان، أعلنت المجموعة الفرنسية العملاقة عن زيادات في تكاليف شحن السيارات والشاحنات وآليات الأشغال العامة من فرنسا نحو موانئ شمال أفريقيا، وتحديدا الجزائر وتونس والمغرب، اعتبارا من الأول أكتوبر المقبل.
وبررت "CMA- CGM" الإجراء بما قالت إنه ارتفاع في أسعار وقود السفن على المستوى العالمي، ما سينتج عنه زيادات في خدمات البواخر ذات البوابات الخلفية المخصصة للمركبات.
وتشمل الزيادات الجديدة عمليات التصدير والاستيراد على حد سواء، لكل من السيارات السياحية (الفردية) والنفعية (تجارية)، والشاحنات الفارغة والمعبأة والشاحنات الكبيرة والصغيرة والجرارات الزراعية وآليات الأشغال العامة ذات الإطارات (عجلات) أو المحمولة على سلاسل حديدية (مزنجرات).
ووفق ما أعلنت عنه المجموعة الفرنسية، سيصبح شحن الحاويات المخصصة للشاحنات اعتبارا من 1 أكتوبر/تشرين الأول المقبل نحو الجزائر، 1174 يورو للوحدة، في حين تبلغ تكلفتها فارغة 722 يورو، أما السيارات والشاحنات الصغيرة فستكلف 247 يورو إضافية.
 

تداعيات على الأسعار

في هذا السياق، يرى وكيل العبور بميناء سكيكدة شرقي الجزائر، عامر بوريو، أن هذه الإجراءات التي أعلنت عنها "سي.أم.آي- سي.جي. أم"، سينتج عنها زيادة في تكاليف الشحن؛ سواء للحاويات المعبأة بمختلف السلع والبضائع أو السيارات والشاحنات وآليات الأشغال العامة وغيرها.
ولفت عامر بوريو، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أن تكلفة شحن سيارة مثلا من ميناء مارسيليا عبر أسطول هذه المجموعة الفرنسية، كانت في حدود 600 يورو، قبل أن ترتفع إلى ما يقارب 900 يورو، في انتظار الرسوم الإضافية اعتبارا من 1 أكتوبر.

ويتم شحن الحاوية الواحدة حاليا بأسعار تتراوح بين 3 آلاف و5 آلاف دولار من موانئ جنوب أوروبا باتجاه الموانئ الجزائرية، حسب محدثنا، يضاف إليها الرسوم الإضافية التي فرضت على كل حاوية.
ووفق وكيل العبور بميناء سكيكدة شرقي الجزائر، فإن هذه الإجراءات سيكون لها تأثير على السعر النهائي للسلع والبضائع الموجهة للبيع والاستهلاك مباشرة، وأيضا على المواد المصنعة محليا التي يخضع إنتاجها لمواد أولية مستوردة عبر الشحن البحري.
وتحدث عما وصفها "ممارسات احتيالية من طرف المجموعة الفرنسية التي غالبا ما تغيّر الوجهة النهائية للسلع نحو الموانئ الجزائرية من دون إخطار مسبق للعملاء، ما يتسبب في تكاليف إضافية أيضاً".
وشدد على حتمية تحسين تسيير عدة موانئ تجارية في الجزائر، خصوصا التي تتوفر على نشاط شحن الحاويات، لتفادي الاكتظاظ، وأيضاً ضمان جودة وفعالية الخدمات للتقليل من زمن انتظار البواخر.

ضعف الأسطول الجزائري

أما الرئيس السابق لجمعية وكلاء السيارات في الجزائر (معنية بالاستيراد عبر الشحن البحري)، يوسف نباش، فيعتقد أن سبب هذه الوضعية راجع بالأساس إلى ضعف شركة النقل البحري الحكومية، التي تراجع دورها بشكل كبير في ضمان التصدير والاستيراد، رغم أنها كانت سابقاً تسيّر رحلات تجارية إلى أماكن بعيدة جدا وتحوز حصة لا بأس بها من السوق.
وأوضح يوسف نباش، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن الشحن البحري من وإلى الجزائر تحتكره حاليا شركات دولية عديدة، في ظل ضعف الأسطول الجزائري، مشيرا إلى أنه من بين الحلول تنفيذ مشروع ميناء الحمدانية الضخم بولاية تيبازة (وسط) بمواصفات عالمية، يضمن تسييراً احترافياً وسريعاً لرسو ومغادرة البواخر، ويقلل من التكاليف الإضافية.
وتتوفر الشركة العمومية للنقل البحري للسلع والبضائع في الجزائر على خمس بواخر فقط، وفق ما بيّنه موقعها الرسمي على الإنترنت، اثنتان منها مخصصة للحاويات تحت مسمى "جانت وتامنراست"، وثلاث مخصصة للسلع والبضائع المختلفة وهي قوراية وسيرتا والتيطري.
وتسيّر الشركة رحلات بحرية تجارية على موانئ بالبحر المتوسط في كل من إيطاليا وفرنسا وإسبانيا، فضلا عن خط أطلسي نحو نواكشوط الموريتانية وداكار السنغالية.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2022، وجّه الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون بإعداد خارطة طريق وطنية لتطوير الأسطول العمومي للنقل البحري للسلع والبضائع، من خلال فتح تحقيقات ضد المتسببين في تدهوره وإعادة تنظيم الشركة الحكومية.

المساهمون