مع إطالة أمد العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا ودخولها شهرها السادس وتداعياتها الكارثية على الاقتصاد الأوكراني، واجه أثرى أثرياء أوكرانيا، الملياردير رينات أحمدوف، خسائر مالية فادحة بسبب تركز أصوله في مجالات "الميتالورجيا" (تكنولوجيا الفلزات)، بما فيها مصنع "آزوف ستال" في مدينة ماريوبول الساحلية في مقاطعة دونيتسك، والطاقة والزراعة في مناطق شرق البلاد التي شهدت أشرس أعمال القتال.
ومع ذلك، ساعد تنويع الأصول أحمدوف البالغ من العمر 55 عاما، في الحفاظ على المرتبة الأولى بين أثرى أثرياء أوكرانيا، إذ تشير تقديرات مجلة "فوربس" العالمية بنسختها الأوكرانية إلى تراجع ثروته بنسبة 64 في المائة من 13.7 مليار دولار في بداية العام الجاري إلى 4.9 مليارات بحلول يوليو/تموز الجاري.
الحرب قلّصت إمكاناته
وتعليقا على مكانة أحمدوف في المنظومة الاقتصادية الأوكرانية، يلفت الإعلامي الأوكراني، فيتالي بورتنيكوف، إلى أن الحرب قللت من إمكاناته كثيرا، لاسيما بعد إغلاق المجموعة الإعلامية "أوكرانيا" التي كانت مملوكة له.
ويقول بورتنيكوف في حديث لـ"العربي الجديد": "يملك أحمدوف عددا كبيرا من المنشآت، وبالدرجة الأولى في مجال الميتالورجيا، وحتى الآونة الأخيرة كان يملك المجموعة الإعلامية القابضة "أوكرانيا"، ولكن الحرب قلصت إمكاناته كثيرا، لاسيما في ماريوبول، كما تم إغلاق مجموعته الإعلامية، فبات من الصعب تقييم نفوذه الفعلي".
وكان أحمدوف قد أعلن في وقت سابق من يوليو/تموز الجاري، عن اتخاذه "قرارا اضطراريا" بالانسحاب من قطاع الأعمال الإعلامية، متنازلا عن تراخيص كافة القنوات التلفزيون والصحف المطبوعة، ووقف عمل وسائل الإعلام الإلكترونية المملوكة لمجموعته.
وأرجع أحمدوف قراره إلى دخول قانون "منع التهديدات للأمن القومي المتعلقة بالنفوذ المفرط للشخصيات ذات الثقل الاقتصادي أو السياسي الكبير في الحياة الاجتماعية (الأوليغارشية) حيز التنفيذ".
إمبراطورية أحمدوف
بحسب تقديرات مجلة "فوربس"، فإن أهم أصول إمبراطورية أعمال أحمدوف هي مجموعة "ميت إنفيست"، ولكنها فقدت ثلثي قيمتها البالغة سابقا 3 مليارات دولار، حصة أحمدوف منها 2.25 مليار.
وخسرت "ميت إنفيست" أهم مصنعين تابعين لها في ماريوبول، وهما "آزوف ستال" ومصنع "إلييتش" للميتالورجيا اللذان كانا يصدّران نحو 75 في المائة من إنتاجها، بينما كانت حصتهما في إجمالي إنتاج الحديد في أوكرانيا تبلغ 40 في المائة.
ولا تزال مصانع الحديد والصلب الأخرى التابعة للمجموعة مستمرة في عملها، ولكن بنسبة إشغال منخفضة، مما قلص إنتاج "ميت إنفيست" بنسبة 40 في المائة بسبب الدمار والمشكلات اللوجستية الناجمة عن الحرب، وفق تقديرات "فوربس".
وفي نهاية أبريل/نيسان الماضي، ذاع اسم مصنع "آزوف ستال" عالميا بعد تحوله لآخر معقل لمقاومة القوات الأوكرانية وكتيبة "آزوف" القومية المتشددة في ماريوبول قبيل سقوطها بين أيدي القوات الروسية.
مأساة عالمية
وصف أحمدوف ما كان يجري في ماريوبول بأنه "مأساة عالمية ونموذج عالمي للبطولة"، واعداً بالإسهام في إعادة إعمار المدينة التي "ستبقى أوكرانية إلى الأبد" بالنسبة إليه.
وبعد خسارته مصنعيه الرئيسيين شرق أوكرانيا، تبقى أهم أصول أحمدوف هي العقارات الخاصة والتجارية بقيمة 650 مليون دولار، ومصرف "بومب" (250 مليون دولار)، وشركة النقل "ليمترانس" (225 مليون دولار)، بالإضافة إلى الموارد النقدية والسائلة التي قدرتها "فوربس" بنحو 300 مليون دولار.
أما قيمة وسائل النقل الفاخرة المملوكة لأحمدوف، فقدرت بـ160 مليون دولار، بما فيها اليخت "فاليري" المعروض للبيع مقابل 89 مليون يورو.
وتراجعت قيمة نادي "شاختار" الأوكراني لكرة القدم المملوك لأحمدوف إلى 150 مليون دولار أغلبها رسوم انتقال اللاعبين.