زيارة مرتقبة لرئيسة الهند إلى الجزائر بآمال عقد شراكة اقتصادية

03 أكتوبر 2024
الرئيسة الهندية روبادي مورمو، لندن، 18سبتمبر 2022 (Getty)
+ الخط -

تفتح الجزائر والهند صفحة جديدة في العلاقات السياسية والاقتصادية، وتعزيز التعاون بين البلدين في مختلف المجالات، عندما تقوم الرئيسة الهندية روبادي مورمو بزيارة إلى الجزائر منتصف الشهر الجاري، تلتقي خلالها الرئيس تبون وعددا من كبار المسؤولين، وهي الزيارة التي تكتسب أهمية بالغة في العلاقات بين البلدين، خاصة أنها الأولى على مستوى الزيارات بمستوى الرؤساء بين البلدين من 23 عاما.

ولم تتبادل الهند والجزائر الزيارات على مستوى الرؤساء منذ آخر زيارة قام بها الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة إلى نيودلهي، في يناير/كانون الثاني 2001، ضيفا رئيسيا في احتفال يوم الجمهورية، كما كانت آخر زيارة لمسؤول جزائري رفيع إلى الهند في يناير 2019، حيث زارها وزير الخارجية الجزائري عبد القادر مساهل، بينما كانت آخر زيارة رفيعة المستوى لمسؤول هندي في أكتوبر/تشرين الأول 2019، عندما زار نائب الرئيس الهندي شهري حميد أنصاري الجزائر، ما يعطي للزيارة المقبلة، التي ستبدأ في 13 أكتوبر/تشرين الأول الجاري وتدوم ثلاثة أيام، أهمية بالغة، تكرس تحولا من قبل الجزائر للبحث عن شركاء اقتصاديين جدد.

ومن شأن هذه الزيارة أن تعيد استئناف المستوى العالي من العلاقات الجزائرية الهندية كما كانت عليه في حقبة السبعينيات والثمانينيات، قبل أن تتراجع نسبيا في العقود الأخيرة. وكان رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي قد أعلن، منتصف شهر سبتمبر/أيلول الماضي، في رسالة تهنئة وجهها إلى الرئيس عبد المجيد تبون عقب فوزه بعهدة رئاسية ثانية، أن نيودلهي مهتمة بشكل بالغ بتوسيع علاقات التعاون مع الجزائر في المجالات الاقتصادية والمالية، على أساس صلابة علاقات الصداقة التقليدية بين الهند والجزائر.

ويتوقع الجزائريون أن تكون الزيارة فرصة هامة بالنسبة للجزائر لتنويع شركائها الاستراتيجيين، للاستفادة من التجربة الهندية، حيث تعد الهند خامس أكبر اقتصاد في العالم، في تطوير بعض القطاعات الاقتصادية كالصناعة وخاصة صناعة السيارات، والتكنولوجيا وعلوم الفضاء وغيرها.

وتشير بيانات رسمية لحجم التبادلات التجارية الثنائية إلى أن هذه المبادلات كانت قد بلغت ذروتها عام 2018، عندما سجلت 2.9 مليار دولار، قبل أن تنخفض عام 2012 إلى حدود 1.5 مليار دولار، بسبب تأثير كوفيد-19، وقرارات الحكومة الجزائرية تقييد الواردات بسبب أزمة النقد الأجنبي. وسجل حجم التبادلات عام 2022 ارتفاعا بنسبة 24%، إلى حدود 2.1 مليار دولار.

وبلغت صادرات الهند إلى الجزائر في 2022 أكثر من 613 مليون دولار، وارتفعت في العام التالي 2023 إلى أكثر من 848 مليون دولار. وتشمل تلك الصادرات الأرز والمنتجات الصيدلانية والجرانيت واللحوم والأدوات والعتاد الطبي والمواد الأولية للأدوية والمواد الكيماوية، وأجهزة ولواحق الكمبيوتر والبصريات، والعديد من المنتجات الغذائية كالحبوب والشاي. وعلى الجانب الآخر، بلغت صادرات الجزائر إلى الهند في 2022 مستوى 1.5 مليار دولار، قبل أن تتراجع العام الماضي 2023 إلى أكثر من 885 مليون دولار. وتشمل تلك الصادرات الزيوت البترولية والغاز الطبيعي المسال وفوسفات الكالسيوم الطبيعي والميثانول المشبع واليوريا.

وتسعى الجزائر، ضمن مسارها لإعادة هيكلة اقتصادها وإنعاش قطاعات متعددة كانت تعاني من انكماش في العقود السابقة، إلى الاستفادة من الخبرات الهندية، حيث كانت نيودلهي قد استقبلت العام الماضي وفدا اقتصاديا من الجزائر، ضم 87 رجل أعمال، لبحث الشراكة مع شركات هندية وتشجيعها على الاستثمار في الجزائر. وتعمل الشركات الهندية في الجزائر في مجال الإنشاءات ومشاريع الإسكان وبناء المستشفيات والملاعب، والسكة ​​الحديد، وبناء خط أنابيب غاز ونقل الطاقة لصالح شركة المحروقات الجزائرية سوناطراك وشركة الكهرباء.

ويلفت خبراء اقتصاديون في الجزائر بشكل خاص إلى الحضور الهندي البارز والقوي في مجال صناعة الأدوية والمستلزمات الطبية في الجزائر، حيث ترافق شركات هندية كبرى تعمل في إنتاج الأدوية، وبينها شركتا فارماكسس وفابتك تكنولوجيز، منذ سنوات، المصانع الدوائية الخاصة في الجزائر. وقال الخبير الاقتصادي مراد ملاح، الذي سبق أن أشرف على مشاريع تعاون في مجال صناعة الأدوية مع الهند، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إنه "من الواضح أن الجزائر تستهدف إنعاش الخط الاقتصادي مع الهند، وهذا مؤشر جيد وحيوي ومهم، على اعتبار أن الهند أضحت اليوم شريكا تجاريا مهما للجزائر في مجالات حساسة ومهمة، وفي صميم اهتمام البلد، حيث تستورد الجزائر خطوط الإنتاج للمصانع، كما تستطيع الجزائر الاستفادة من الهند التي تملك تجارب عالمية رائدة في صناعة الأدوية واللقاحات الطبية".

ولفت ملاح إلى تقدم تقنيات المعلومات وعلوم الفضاء في الهند، مؤكداً امتلاك نيودلهي "قواعد وتقاليد صناعية كبيرة في قطاع الحديد والصلب الذي أضحى اليوم ركنا أساسيا في الصادرات الجزائرية خارج قطاع المحروقات". وأكد أن الهند يمكن أن تقدم دعما كبيرا للجزائر في مجال صناعة السيارات والشاحنات وحافلات النقل والجرارات والمعدات الزراعية، التي أضحت محل اهتمام جزائري رسمي، سبقه اهتمام وتركيز حكومي كبيران على قطاع الفلاحة.

المساهمون