انحازت ستاربكس، شركة القهوة العالمية الشهيرة، إلى دولة الاحتلال وتغاضت عن الجرائم الإسرائيلية بحق أهالي قطاع غزة وهاجمت المتعاطفين مع القضية الفلسطينية، فعاقبها العملاء والموظفون حول العالم، بل والمستثمرون في أسواق المال.
والنتيجة خسائر فادحة للشركة الأميركية العملاقة تبلغ 12 مليار دولار في 20 يوما فقط، وتراجع القيمة السوقية للشركة من نحو 122 مليارا إلى 110 مليارات دولار.
ولأن المصائب لا تأتي فرادى فقد اجتمعت على "ستاربكس" عدة أزمات، الأهم والأخطر هي المقاطعة العالمية الواسعة للشركة ومنتجاتها وفروعها عقب اندلاع الحرب على غزة، وما واكبه من دعم إدارة الشركة للاحتلال والدخول في مواجهة عنيفة مع نقابة الموظفين واتحاد العمال بسبب تغريدة عبّر فيها عن تضامنه مع الفلسطينيين.
لم تكتف "ستاربكس" بذلك بل رفعت دعوى قضائية لمقاضاة نقابة العاملين بها، بتهمة مناصرتهم لفلسطين، وهو ما فتح باب جهنم على الشركة التي تعرضت لهجوم شديد وحملة مناهضة واسعة على منصات التواصل الاجتماعي تدعو لمقاطعة سلسلة المقاهي الأميركية الشهيرة في أنحاء العالم خاصة داخل الدول العربية والإسلامية.
لم يتوقف الأمر عند تصاعد حملات الغاضبين من الجمهور العادي على الشركة وموقفها من الحرب على غزة، بل دفعت عددا كبيرا من موظفيها الأعضاء في النقابة إلى شن احتجاجات ضدها في أكثر من 200 فرع بالولايات المتحدة، والنتيجة حدوث اضطرابات شديدة في أنشطة الشركة وفروعها، خاصة وأنه رافقت الاحتجاجات مطالبات بتحسين الأجور.
غذت تلك التطورات المثيرة حملات المقاطعة التي استهدفت "ستاربكس" على خلفية دعم الشركة للحرب الإجرامية على غزة، وإعلانها في بيان رسمي عن "تعاطفها العميق مع أولئك الذين قتلوا وجرحوا وتشردوا وتأثروا في إسرائيل"، في أعقاب ما سمته بـ"الأعمال الإرهابية الشنيعة وغير المقبولة" من قبل حماس، و"تصاعد العنف والكراهية ضد الأبرياء في إسرائيل".
قيمة ستاربكس تتراجع
أدت حملات المقاطعة وإضراب الموظفين ومطالب بتحسين بيئة العمل والأجور، وضعف الإقبال على العروض الترويجية والتخفيضات إلى انخفاض في القيمة السوقية للشركة بـ10.98 مليارات دولار، وفق ما ذكرته مجلة "نيوزويك" الأميركية التي قالت إن الأسابيع الأخيرة كانت مليئة بالاضطرابات بالنسبة لشركة "ستاربكس".
لم تقتصر حملات المقاطعة على منتجات وفروع الشركة، بل امتدت حتى لأسهمها المدرجة في بورصة "وول ستريت" حيث بات المستثمرون عازفين عن حيازة سهم الشركة، بل سارع المئات للتخلص مما في حوزتهم من أسهم والتراجع عن تملّك وحيازة الأسهم.
والنتيجة أنه منذ 16 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، انخفضت أسهم "ستاربكس" بنسبة 8.96%، وهو ما يعادل خسارة تقارب 11 مليار دولار، وتعرضت أسهمها لأطول سلسلة خسائر منذ أول طرح لها في أسواق المال في العام 1992. ساهم في فداحة تلك الخسائر تباطؤ المبيعات وضعف التجاوب مع عروض موسم العطلات.
هذا نموذج حي لفعالية المقاطعة للشركات الداعمة للاحتلال، والدور الكبير الذي يمكن أن تقوم به تلك الحملات سواء في معاقبة المستعمر كما حدث في الماضي بالهند وجنوب أفريقيا، أو رفض الإساءة للأديان السماوية كما حدث مع بعض الدول الأوروبية ومنها الدنمارك والسويد، وأخيرا مع الإجرام الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني.